تياسير والبطريركية اللاتينية.. قرار البيع الذي يقلق الأهالي

يعيش أهالي بلدة تياسير قرب طوباس في الأغوار الشمالية حالة من القلق بعد قرار البطريركية اللاتينية في القدس بيع أراضيها الوقفية التي تقام عليها البلدة وما جاورها من أراضٍ زراعية والبالغة (12) ألف دونم بسبب أزمة مالية تمر بها البطريركية.

وتعود جميع أراضي القرية إلى ملكية البطريركية التي اشترتها في العام 1934 بناءً على طلب من الحاج أمين الحسيني من البطريركية حينها من أجل حمايتها ومنعها من التسرب إلى اليهود وهو ما تم بالفعل؛ حيث حافظت عليها البطريركية حتى يومنا هذا.

ويقول رئيس مجلس قروي تياسير وجيه الديك، إن أراضي البطريركية هي عصب أهالي تياسير، سواء ما تم شراؤه وبنيت عليه منازل القرية، أو الأراضي التي استأجرها الأهالي ويتم زراعتها؛ حيث إن الزراعة تشكل المهنة الرئيسية لسكان تياسير، وهي مستأجرة من البطريركية وفق عقود موثقة وتبلغ مساحتها (1500) دونم.

وأشار لمراسلنا إلى أن العلاقة بين البطريركة وأهالي تياسير قائمة على التعاون والاحترام، ولكن الأهالي قلقون من قرار البطريركية الأخير ببيع كامل هذه الأراضي بسبب ما أبلغنا أنه أزمة مالية كبيرة تمر بها البطريركية، مشيرًا إلى أن أهالي تياسير لهم عدة مطالب في هذا الشأن.

وحول هذه المطالب أشار إلى أنها تتمثل في منح أهالي البلدة حق الشفعة من البطريركية والتي تعني أولوية الشراء لهم، وكذلك تسجيل وتوثيق ما تم شراؤه من أراضٍ من أهالي تياسير بعد عام 1967 والتي ترفض سلطات الاحتلال تسجيلها فيما هي موثقة بشكل رسمي لدى البطريركية.

وأكد أن أهالي البلدة دفعوا ثمنا باهظا للحفاظ على هذه الأرض؛ حيث قدموا شهداء وجرحى وحرقت محاصيلهم من جيش الاحتلال وبقوا محافظين عليها.

خوف من التسريب لليهود

وكان أهالي تياسير أبدو تخوفا من أن تشكل عملية البيع مدخلا لتسريب هذه المساحة الواسعة من الأراضي لليهود في منطقة هي أصلا منطقة حساسة، وكانت الغاية من شرائها في ثلاثينيات القرن الماضي هو حمايتها؛ حيث عقدت خلال الفترة الماضية لقاءات بين وفود البطريركية وبين أهالي البلدة أكدت البطريركية خلالها أن الأرض لن تباع إلا لفلسطينيين.

ووجدت ثغرة تخوف منها الأهالي في الإعلان الأول للبيع من البطريركية وهي أن يشمل البيع فلسطينيي 48 وبما أنهم يحملون الهوية الإسرائيلية فإن ذلك قد يشكل مدخلاً لسلطات الاحتلال للسيطرة عليها بطرق ملتوية أو أن يتم البيع لشركات أجنبية، وهو ما حدا بالأهالي للاحتجاج على ذلك عادِّين ذلك تنكرًا لحقهم في الأرض، ولكن البطريركية بعد حوارات تراجعت عن قرار شمول إعلان البيع فلسطينيي 48، وفق ما أبلغ الأهالي وتم التوافق ألا يتم البيع إلا من خلال السلطة الفلسطينية ودوائرها.

يقول المزارع محمد صوافطة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إن التخوفات تبقى قائمة، لأن الأراضي حساسة؛ فجزء منها مقام عليها ميادين لتدريب جنود الاحتلال بحكم الاحتلال والأمر الواقع، وأخرى حولها الاحتلال لمحميات طبيعية؛ وهذا يعني أطماعًا بالسيطرة عليها ومنع الفلسطينيين من دخولها، وجميع هذه الأراضي هي أراض (ج) في المحصلة النهائية وتقع في امتداد معسكرات ومستوطنات لجيش الاحتلال.

وأضاف أن الأهالي لا يشككون في توجهات البطريركية في الحفاظ على فلسطينية الأرض، ولكن أي عملية بيع لأراضٍ شاسعة بهذه الطريقة يجب أن تكون وفق شروط مشددة.

بدوره أكد أمين بطريكرية القدس للاتين الأب إبراهيم الشوملي في لقاء مع أهالي تياسير على تعهد البطريكرية بالحفاظ على فلسطينية الأرض، وأن البيع لن يكون إلا من خلال الجهات الفلسطينية.

يذكر أن (260) منزلا في تياسير تشكل نصف أراضي البلدة مقامة على أراضٍ اشترتها البطريركية، قسم منها مرخص قبل عام 1967 فيما الآخر مثبت بعقود شراء دون سماح الاحتلال بترخيصه.

بدورها قالت مصادر عديدة في القرية لمراسلنا إن هناك محاولات مستميتة لتسريب هذه الأراضي للمستوطنين من جهات مختلفة، وأن هناك معلومات غير مؤكدة أن بعض أراضي البطريركية قد تسربت بالفعل للمستوطنين دون أن يتم التأكد من ذلك فعليًّا، وهو ما يجعل هذا الملف ساخنا.

كما أشارت المصادر إلى أن جهات عديدة تتابع الملف، منها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ولكن المصادر أكدت أن الأهالي محقون بتخوفهم سيما وأن هناك طرق ملتوية عديدة يلجأ لها المستوطنون لشراء الأراضي؛ حيث لا يتم ذلك بشكل مباشر، وأحيانا من خلال شركات أجنبية وأسماء وهمية، وتنقل، ولا يتم الإفصاح عن البيع أحيانا إلا بعد سنوات طويلة، وهو ما يتطلب التشدد.