الأحد 04/مايو/2025

العمليات الفردية.. بطولات تفجرها اعتداءات الاحتلال

العمليات الفردية.. بطولات تفجرها اعتداءات الاحتلال

خيط عمليات المقاومة الفردية متصل منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، فقط إذا ولج الأمن الإسرائيلي إلى رأس كل فلسطيني بإمكانه توقع فعله القادم سواء على الحدود أو مستوطنات ومدن فلسطين المحتلة.

وبدأت موجة جديدة قبل أسابيع من العمل الفردي المقاوم في غزة والضفة ضد جنود ومستوطني الاحتلال أشعلت أضواءً حمراء أمام انفجار وشيك أو انتفاضة مرتقبة في الضفة والقدس المحتلتين.

وحسب إحصاءات رسمية؛ فقد وقع خلال عام (2018) عمليات بشكلها المنظم أو الفردي في الضفة والقدس قرابة (50) عملية إطلاق نار، و(35) عملية طعن ومحاولة طعن، و(18) عملية دهس ومحاولة دهس، وعشرات العمليات إلقاء وزرع عبوات ناسفة، ومئات زجاجات حارقة صوب مواقع الاحتلال ومستوطنيه أدت لمقتل 14 إسرائيلياً، وجرح أكثر من 170 آخرين.

ويرجع كثير من الخبراء عودة العمل الفردي المقاوم لحالة الضغط والعدوان المتصاعد من الاحتلال على الفلسطينيين ومقدساتهم ومؤسسات السلطة الفلسطينية التي وصلت معها عملية التسوية إلى أبواب موصدة.

عمليات متجددة
يعتمد منفذو العمليات أولاً على عامل الجسارة والجرأة ويستخدمون أدوات قتالية بدائية بدءًا من سكين المطبخ وصولاً إلى الأسلحة الخفيفة وفق خطة هجوم معدة بإمكانات فردية ووسائل اتصال وتنسيق غائبة.

وفي حين شهدت حدود غزة محاولات فردية لشبان غاضبين تسلل آخرون لرد عدوان مستوطنين وجنود أثخنوا في جراح المدنيين الفلسطينيين في القدس المحتلة وعلى حواجز الضفة الغربية.

ويصف رامي أبو زبيدة الباحث في الشأن العسكري العمل الفردي أنه مقاومة بلا قيادة عرفت محلياً باسم العمليات الفردية أو الذئاب المنفردة، وهي تكتيك من العمل العسكري يقوم به فرد أو بعض الأفراد بمفردهم دون ارتباط تنظيمي ودون لقاءات مباشرة ودون تمويل.

ويضيف في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “فكرة المقاومة الفردية ليس مجرد فكرة رومانسية أو لمجرد التجديد، باعتقادي هنالك ظروف موضوعية تتمثل بالحالة المتأزمة والضغط الكبير الذي يتعرض له قطاع غزة والقضية الفلسطينية والشباب على وجه الخصوص”.

عام (2015) اندلعت موجة من العمل الفردي المقاوم في القدس والضفة المحتلة ما لبثت شرارتها أن انتقلت لغزة المحاصرة فبدأت حالة تماس عامة بين الشبان الغاضبين وجنود الاحتلال تطورت عام (2018) لتصل إلى مسيرة العودة الكبرى.

ووجد الشبان الغاضبون ممن تعرضوا للاعتقال والقتل والحصار والحرمان من حقوقهم الطبيعية في الضفة والقدس ملاذاً في الدفاع عن حقهم الآدمي أمام احتلال كولونيالي يصارعهم في حقهم الوجودي في فلسطين التاريخية.

ويقول د.أحمد رفيق عوض، المحلل السياسي: إن أمن الاحتلال مصاب بقلق شديد أمام العمليات الفردية، وإعلامه يبشّر بانفجار وشيك بعد حزمة من الإجراءات العدوانية.

ويتابع في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “سياسة إسرائيل والولايات المتحدة في دعم الاستيطان وانسداد أفق التسوية مع السلطة وحصار غزة وملاحقة سكان القدس والضفة ولّد ضغطا كبيرا سينفجر في أي لحظة”.

تبدد العمليات الفردية مناعة الدهشة حين تثبت أن أمن الاحتلال على كامل تطوره التقني عاجز أمام وقف هذا العمل الفردي لشبان غاضبين من استمرار العدوان.

دلالات العمليات الفردية يعبّر عنها المحلل عوض حين يسأل: “من هم المنفذون؟ هل ينتمون لأحزاب؟ ما هي دوافعهم؟”، مشيراً إلى أن العمل المنظم ليس وحده الناشط في ميدان المقاومة.

العجز الصامت
حالة التداخل الحقيقية بين الاحتلال والفلسطينيين في الواقع السياسي والميداني تقف حائلاً أمام منع التماس المباشر بين أي شاب وجندي ينكّل به عن قرب.

ما فسره الاحتلال بأنه تكتيك جديد تنتهجه بعض فصائل المقاومة وهي تلج لممارسة أسلوب من باب آخر تكذبه عين الحقيقة حين يرحل كثير من الشبان وتكشف الأخبار عن عدم انتمائهم لفصيل بعينه.

ويؤكد الباحث أبو زبيدة أن طبيعة المحيط المعادي يدفع بعضهم لطريقة مواجهة فعالة بأقل الخسائر مع وجود إشكالية التحكم والسيطرة في مثل هذا النوع من العمل.

ويربط أبو زبيدة بين تواصل العمل الفردي المقاوم والعمل الكلاسيكي حين يقول: إن القادة العسكريين اهتموا بجانب السيطرة أكثر من اعتنائهم بشيء آخر؛ إذ تعدّ السيطرة أهم عامل في تماسك القوات التي من المفترض منها القيام بمهام موحدة.

وبالنسبة للعمليات الفردية التي تأتي في بيئة عمل تحرري تخوض فيه فصائل منظمة عملاً مرتباً فإن حروب العصابات والمواجهات اللامتناظرة يعدّ موضوع التحكم والسيطرة من أخطر تحدياتها.

وقد تجد الفصائل المقاومة في الضفة وغزة كتفاً دافئة حين ترى العمليات الفردية النور وتتواصل مؤكدةً نمو وتطور جوهر وجودها وعملها في الميدان.

ويشير المحلل عوض أن استمرار موجات العمل الفردي تعلن أن تنظيمات المقاومة ليست وحدها، وأن هناك أدوات أقل تكلفة تكمل مشوارها؛ ما يفتح ثغرة كبيرة أمام أمن الاحتلال في السيطرة على أكثر من مضمار.

معادلة تواصل الاحتلال ومعاناة الضحية يمنع العمل الفردي كما هو العمل المنظم من قبل فرصة البقاء؛ لأن العدوان المتنامي والتهويد المتواصل على أشده لن يترك سوى مزيد من الضغط قبل الانفجار الكبير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات