السبت 10/مايو/2025

الرضيعة هناء.. من الترحيل قهرًا من الحديدية للموت دهسا بمركبة مستوطن

الرضيعة هناء.. من الترحيل قهرًا من الحديدية للموت دهسا بمركبة مستوطن

حمل المواطن ناجح عودة كعابنة أغراضه على عربة جراره الزراعي في (5-8-2019) بعد أن هدم الاحتلال خيمته وبركسه في خربة الحديدية في الأغوار الشمالية قاصدا مكانا آخر ليأوي إليه أطفاله في مشهد بات مكونا يوميا من حياة سكان القرى الفلسطينية في الأغوار سيما في وادي المالح وما جاوره.

لم يكن للمواطن كعابنة بدٌّ من مغادرة الحديدية، في حين لفيح الشمس يحرق وجه ابنته الرضيعة هناء ذات الخمسة أشهر، فلا سقف يقيها حر الشمس، ولا أرض باتت قادرة على إيوائهم.

جمع ناجح وزوجته ما تبقى من أغراض متناثرة من صحون وملابس وغيرها، وركبت زوجته وأبناؤه في عربة الجرار الزراعي وغادر باتجاه منطقة الجفتلك، ولدى خروجه من الحديدية ذارفًا دموعه على أطلال منزلٍ هدم ثلاث مرات وقعت العائلة ضحية حادث سير مميت.

لم تمهل الحياة الطفلة الرضيعة هناء كثيرا بعد أن هرب بها والدها من لفيح الشمس لتلفظ أنفاسها الأخيرة بعيد رحيلها عن مضاربها التي أبى الاحتلال إلا أن يسويها في الأرض، فاصطدمت مركبة مستوطن مسرعة على شارع 90 بالجرار الزراعي للمواطن كعابنة لتقع العائلة ضحية ذلك الحادث الأليم.

توفيت هناء على الفور، في حين أصيبت والدتها بجراح حرجة وأفراد عائلتها الثمانية بجراح متفاوتة وتناثرت الأغراض التي جمعت على جنبات الشارع وكأن الأرض قد ضاقت بما رحبت على هذه العائلة المنكوبة.


null

لا تشكل القصة المأساوية لعائلة كعابنة سوى مشهد من مشاهد المعاناة المريرة والصمود الفردي الأسطوري في وجه آلة التطهير العرقي للاحتلال في مناطق ج في الأغوار، والتي تعدّ الحديدية أحد المواقع الساخنة كثيرة الاستهداف فيها.


null

الحياة على خط النار

يقول المواطن عيد بشارات من سكان الحديدية لمراسلنا: كنا نعيش في الحديدية نحو 140 عائلة ولكننا اليوم فقط 12 عائلة، أقل واحد فينا هدم منزله وبركساته ثلاث مرات.

وأضاف: نحن نعيش على أراض تصنف “ج”، لذلك وبالرغم من أننا نمتلك أوراقا ثبوتية وطابو أردنيا وعقود إيجار إلا أن سلطات الاحتلال لا تعترف بكل ذلك، وتقول لنا: سوف ترحلون من هناك، ولن تستفيدوا من كل أوراقكم شيئا في كل مرة يهدمون فيها مضاربنا.

ويتحدث أحد كبار الحديدية الحاج عبد الرحيم بشارات أبو صقر، والذي هدمت خيامه وبركساته مرات عديدة لمراسلنا أن سكان الحديدية تلقوا وعودا عديدة بالدعم من الحكومة والجهات الرسمية، ولم يجنوا سوى زيارات المسؤولين لالتقاط الصور.

وتطل الحديدية على سهل البقيعة في الأغوار، والذي يعدّ إحدى بؤر النشاط الاستيطاني القوية في الأغوار؛ حيث يتم استهدف 11 قرية فلسطينية في المنطقة من خلال الحرمان من كل مقومات الحياة.

وتفتقر الحديدية لأدنى الخدمات الحياتية والبنية التحتية، فلا ماء ولا كهرباء ولا طريق معبدًا يصل التجمع بالشارع الرئيس، ويضطر المواطنون لنقل المياه لمسافات طويلة عبر صهاريج بتكلفة 25 شيقلا/كوب؛ أي 5 أضعاف سعر متر مكعب المياه للمستهلك من شبكة المياه العامة في الضفة.

وفي الحديدية 37 طفلا يضطر التلاميذ منهم للذهاب يوميا إلى مدارس في بلدة طمون ومدينة طوباس ما يضطرهم لقطع مسافات بعيدة، وهو ما جعل عديدين يعزفون عن إرسال بناتهم للمدارس.

وتحاصر الحديدية ثلاث مستوطنات؛ هي مستوطنتا روعيه وبكاعوت إلى الغرب، ومستوطنة حمدات إلى الشرق، إضافة إلى العديد من المعسكرات، التي تتخذ من أراضي المواطنين مكانا لتدريبات عسكرية بالأسلحة الثقيلة في حين يحاصَر المواطنون تحت مسمى منطقة عسكرية مغلقة.


null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات