الإثنين 01/يوليو/2024

مجابهة صامتة بين حماس وأعدائها.. ماذا في التفاصيل؟

مجابهة صامتة بين حماس وأعدائها.. ماذا في التفاصيل؟

أكّدت حركة حماس في الخارج في 10 تمّوز/يوليو أنّها قرّرت وضع خطّة عمليّة لمواجهة عمليّة استهدافها الممنهجة من “إسرائيل”، معبّرة عن أسفها لضلوع جهات فلسطينيّة وعربيّة وإسلاميّة في هذه الحملات، وذلك خلال اجتماع عقده مكتب حماس في الخارج بمقره في لبنان، لبحث أوضاع الحركة الداخليّة والخارجيّة.

وتعرّضت حركة حماس في الآونة الأخيرة إلى استهداف مركّز ومتواصل ضدّها سواء عبر الاعتقال والملاحقة، والحصار الماليّ وتجفيف المنابع، فضلاً عن شنّ حملات إعلاميّة منظّمة ومبرمجة ضدّ الحركة وقياداتها، وتأثّرت الحركة نتيجة هذا الاستهداف من النواحي السياسيّة والدبلوماسيّة والإعلاميّة والماليّة.

وأكّد رئيس الدائرة الإعلاميّة في حركة حماس في الخارج رأفت مرّة لـ”المونيتور” أنّ القضيّة الفلسطينيّة تتعرّض إلى استهداف خطير وممنهج في المرحلة الحاليّة، يعرّض أهمّ مرتكزات القضيّة مثل القدس واللاجئين إلى التصفية، وذلك نتيجة التفاهمات الإسرائيليّة والأميركيّة التي أثمرت عنها صفقة القرن وورشة البحرين.

وأوضح أنّ حركة حماس في الداخل والخارج ضمن هذا الاستهداف، نظراً لما تمثّله الحركة من وزن سياسيّ وشعبيّ وقدرة على مواجهة “إسرائيل”، ومواجهة مخطّطات تصفية القضيّة الفلسطينيّة، مشيراً إلى أنّ “إسرائيل” نتيجة لذلك صعّدت من عمليّة استهداف الحركة في الخارج من خلال خطوات وإجراءات كثيرة.

وقال: “تمثّلت تلك الإجراءات في عمليّات الاغتيال، والضغوط السياسيّة، والملاحقات الأمنيّة، وتزويد حكومات دول عدّة بتقارير لتشويه صورة الحركة وضرب علاقاتها معها، فضلاً عن الحصار الماليّ، وعمليّات الاعتقال والتوقيف التي استهدفت عدداً من كوادر الحركة وأنصارها”.

وبيّن أنّ هذا الاستهداف لحركة حماس في الخارج يأتي بالتزامن مع استهداف الحركة في الداخل، من خلال الحصار الإسرائيليّ على غزّة، وتصعيد محاولات عمليّات التجسّس الإسرائيليّ على الحركة، وتعطيل جهود المصالحة الوطنيّة وتخريبها ومنع تشكيل حكومة وفاق وطنيّ موحّدة.

وأكّد أنّ استهداف الحركة في الخارج يأتي في سياق المساعي الأميركيّة والإسرائيليّة ضدّ قضيّة اللاجئين وإنهائها، خصوصاً وأنّ حركة حماس تمتلك نفوذاً سياسيّاً وشعبيّاً وإعلاميّاً قويّاً داخل مجتمعات اللاجئين الفلسطينيّين في الخارج، وتعمل على توحيد دورهم وتعزيزه في القرار الوطنيّ الفلسطينيّ وتمثيلهم في المؤسّسات.
وقال: “نقوم حاليّاً بجهود أساسيّة لمواجهة التهديدات التي تتعرّض إليها”.

وعن طبيعة تلك الجهود، شرح أنّ أهمّها يتمثّل في الاتّصالات السياسيّة والعلاقات مع الأصدقاء والحلفاء ومواجهة عمليّات الاعتقال والتهديدات الأمنيّة وتجاوز الحصار الماليّ وتعميق العلاقة مع مجتمع اللاجئين ورفض التطبيع، مؤكّداً أنّ أهمّ العناصر المساعدة على ذلك هو تعزيز العمل الوطنيّ لتوفير مظلّة أمان سياسيّ واجتماعيّ لمواجهة صفقة القرن، رافضاً إعطاء تفاصيل أخرى عن الخطّة.

وتابع: “نؤكّد أنّ حماس ستواصل تمسّكها بمشروع المقاومة والتحرير، وستواجه محاولات استهدافها بالمزيد من العمل والجهود التي تؤدّي إلى الاستقلال”.

من ناحيته، أكّد المحلّل السياسيّ إبراهيم المدهون لـ”المونيتور” وجود استهداف مركّز وشامل لحركة حماس إسرائيليّاً وإقليميّاً ودوليّاً، خصوصاً في صفوف قيادات الحركة ومناصريها في الخارج، من خلال الاغتيال، كما حدث مع محمّد الزواري في تونس، أو الاختطاف والملاحقة كما حدث مع طه الجبّوري، أو حملات الاعتقال كما يحدث في دول الخليج العربيّ وليبيا، فضلاً عن وضع كوادر الحركة على “قوائم الإرهاب” الأميركيّة، كما حدث مع رئيس المكتب السياسيّ للحركة اسماعيل هنيّة ونائبه صالح العاروري.

وأرجع المدهون أسباب الاستهداف إلى الدور المهمّ الذي تلعبه الحركة في الخارج، والذي يتمثّل في دعم القضيّة الفلسطينيّة والمقاومة بالمال والسلاح وتوفير البيئة الحاضنة، فضلاً عن التحشيد الشعبيّ، وكسب بعض المواقف السياسيّة للدول لمصلحة الحركة والقضيّة، واستنفار الشارع الفلسطينيّ في الشتات وبناء المؤسّسات الفلسطينيّة.

وبيّن أنّ حماس في الخارج أعلنت خطّة الاستهداف في هذه المرحلة، من دون أن تعطي تفاصيلها، متوقّعاً أنّها تتضمّن جملة من الإجراءات الوقائيّة على كلّ الصعد، خصوصاً وأنّ حماس تملك شبكة واسعة من العلاقات السياسيّة والمؤسّسات، إضافة إلى خبرة واسعة في العمل السياسيّ والإعلاميّ والمؤسّساتيّ، وهو ما يؤهّلها لمواجهة الاستهداف.

من جانبه، أكّد أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأمّة حسام الدجني لـ”المونيتور” أنّ أهمّ أشكال الاستهداف الذي تتعرّض إليه حركة حماس وأخطرها تتمثّل في الحصار السياسيّ ووضعها على قوائم “الإرهاب” الدوليّ، ما يجعل عناصرها وكواردها تحت الملاحقة القانونيّة، ويدفع بها إلى عدم الاستقرار الماليّ والسياسيّ، ويعطّل وصولها إلى سدّة الحكم حتّى وإن كان عبر التجربة الديمقراطيّة.

وقال: “بعض الدول العربيّة والإسلاميّة يحاول ربط الحركة بجماعة الإخوان المسلمين المصنّفة على قوائم الإرهاب، ما يؤثّر على علاقات حماس الخارجيّة ويعطّلها”.

وأرجع أهمّ أسباب هذا الاستهداف إلى غياب العدالة الدوليّة، وغياب تحكيم القانون الدوليّ في العديد من القرارات، والضغط الأميركيّ على الدول الأوروبيّة والعربيّة لمقاطعة حماس وإدانتها، شارحاً أنّ حركة حماس هي حركة تحرّر وطنيّ، وتمارس المقاومة المشروعة ضدّ الاحتلال، وليست حركة إرهابيّة، متسائلاً: لماذا لم يتمّ تصنيف أيّ حزب إسرائيليّ على أنّه حزب إرهابيّ؟!

وبيّن أنّ حماس تأثّرت بهذا الاستهداف من الناحية السياسيّة؛ إذ إنّها حركة طموحة وتريد أن تروّج للقضيّة الفلسطينيّة في المحافل الدوليّة كافّة، كما تأثّرت إعلاميّاً من خلال حملات التشويه التي تحاول “إسرائيل” الترويج لها عن قيادات الحركة، منها نجل القياديّ حسن يوسف الذي عرضت القناة 12 الإسرائيلية مطلع الشهر الجاري فيديو عنه ينتقد حركة حماس بعد هروبه من تركيا، أمّا اقتصاديّاً فقد تأثّرت من حيث إنّ المؤسّسات أصبحت تخشى مساعدة الحركة وتمويلها مباشرة أو غير مباشرة.

وتابع: “عطّل هذا الاستهداف وصولها إلى مناصب دبلوماسيّة رفيعة”.

وبيّن أنّ حركة حماس تحاول التصدّي لاستهدافها من خلال انفتاحها في العلاقات مع العالم الخارجيّ، كما تحاول تسويق نفسها كحركة براغماتيّة مرنة، وليس حركة “إرهابيّة”، قائلاً: “تعوّل حماس بهذا على قدرتها على إحداث اختراق وتعاطي العالم معها”.

ولفت إلى أنّ تصدّي حماس للاستهداف يواجه تحدياً كبيراً يتمثّل في عدم تحقيق المصالحة الوطنيّة، لذا عليها أن تسارع إلى إنهاء الانقسام الفلسطينيّ، إذ ليس من السهل أن تواجه هذا الاستهداف بمفردها.

وأوضح أنّ تحوّلات النظام الدوليّ السياسية قد تكون إيجابيّة ولمصلحة حماس، خصوصاً وأنّ سيطرتها على قطاع غزّة تعطيها ورقة قوّة، في عدم قدرة العالم على تجاوزها أو عزلها، وتجبره على احتوائها أو تدجينها.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات