الإثنين 08/يوليو/2024

ضربات معلم.. حصاد من ضربات المقاومة وغزة

هشام توفيق

المقاومة والأسير الأثيوبي وصناعة الفعل..
تصاعد علو الاستكبار العالمي الصهيوني والأمريكي والعربي الديكتاتوري  بشكل متدرج في السنين الأخيرة ضد الأمة والشعب الفلسطيني خصوصاً مع خطوات أولية لتنزيل صفقة القرن وعقد ورشة المنامة، لكن أمام هذا العلو نشهد سنن الله شاهدة على قوة في الأمة وموازين جديدة في الشعب الفلسطيني يمكن أن تقلب المعادلات لصالح مستقبل أهل الحق.

كلما تبجح أرباب صفقة القرن بتصريحات أو مكاسب أمريكية أو ورشات لصالح التهويد وتصفية القضية إلا وكانت هناك هزائم وأزمات تتلو هذه الأنشطة لتنغص عن الناشطين طعم الانتصار إلى شعور وطعم بالزوال والاندثار.

فما بعد التغول الأمريكي في المنطقة وتصريحه “بالقدس عاصمة “إسرائيل”” كانت مسيرات العودة صدمة شديدة في صف أرباب الصفقة، وما بعد مجازر الآلة الصهيونية في مسيرات العودة الغزية وتصعيد التطبيع مع الأنظمة العربية كانت هناك ضربة ثانية وهي معركة “حد السيف” التي أربكت قوى الاستكبار الصهيوني وأفشلت خطته وصفقته  للي قبضة الشعب الفلسطيني والغزي والمقاومة.

ثم جاءت “مرحلة ثانية” من خطوات تنزيل صفقة القرن عرفت “عقد ورشة المنامة” وتصاعد كبير في التطبيع وتفكير كبير لتهويد سلوان من قبل المنظومة الأمريكية، فضلا عن استهداف منظم ضد قيادات ورموز المقاومة. 

لكن بعد هذه المرحلة وكل علو وتصعيد سنشهد ضربة ثالثة ستثقل كاهل الكيان بالهزائم وتبشر الأمة بوجود قوة تدافع عن الأقصى والقدس.

فقد رأينا هناك انحسارا وانكشافا جديدا لعورة هذا الجبان الصهيوني الذي ينتفخ أيما انتفاخ بفرو الأنظمة العربية ولبوسهم.

انكشاف العورة اليوم سيكون داخل الكيان الإسرائيلي قدرا من الله بعد حدث غير عابر في الكيان الصهيوني من انقسام صهيوني يهدد الدويلة المصطنعة التي تجمع جنسيات شتات تحكمها عصابات إرهابية.

هو شبح التدمير الذاتي الذي حذر منه حتى خبراء صهاينة بقرب زوال “إسرائيل” لأنها دويلة لا تقوم على أسس الدولة، بل احتلال فعنصرية فعلو فانحسار وتفكك ذاتي داخلي.

هي هزيمة تتلو كل علو في خطة تريد تقويض مقدسات الأمة.
من قدر الله إلى سنة الأسباب..

لكن مع قدر الله ومع بشارات الوحي التي تبشر بنصر الله وزوال العلو الصهيوني واللفيف المطرود، لا ينبغي لنا الوقوف عند القدر وفعل الله دون تحرك وفق استراتيجية منظمة لإنهاء هذا الاحتلال وهذا الداء المؤقت، بل يلزم الاستبشار مع فعل وبذل وجهد نحو الانتصار.

لذلك نفرح أيما فرح في الأمة حين نجد مقوما من مقوماتها كالمقاومة، تشكل حركة يقينية تفرح وتستبشر بقدر الله، وفي نفس الوقت هي قوة صامدة حاضرة في قلب المعركة لتواجه العلو الصهيوني باستراتيجية منظمة تجنح إلى الإتقان والعلم المتزن، والرؤية الواضحة الفاضحة الفقيهة بخيوط العدو وكيفية تدميره من مسارين، الداخلي المجتمعي الإسرائيلي، ومن مسار خارجي ميداني مواجهاتي.

فكيف إذن حققت المقاومة الفلسطينية ضربة قوية في صفوف الكيان الإسرائيلي وأرباب الصفقة وكيف استغلت الوضع الحرج في الانقسام الإسرائيلي المجتمعي؟

أي كيف كانت المقاومة تتحرك مع أقدار الله وتفرح للتأييد الرباني وبشارات زوال الكيان دون ذهنية انتظارية قدرية تنظر إلى أزمات المجتمع الصهيوني وهزائمهم دون حركة وفعل؟

أم أن أصل التغيير والتحرير تعلق بسنة الله في الأسباب دون غفلة عن مسبب الأسباب وأقداره؟

ضربة معلم..
تمثل تظاهرات اليهود الأثيوبيين احتجاجا ضد العنصرية الصهيونية حدثا غير عادي في المشروع الصهيوني بل وتؤسس لمرحلة جديدة حتى ولو تم احتواؤها، التظاهر الأفريقي يعكس زيف الرواية الصهيونية ويفضح مرة أخرى كذبة القومية اليهودية.
شبح التفكك الداخلي والتدمير الذاتي يبلع ما يسمى “المجتمع الصهيوني” والدويلة المصطنعة..

لكن ضربة ثانية تزيد من هذا الشرخ الانقسامي وتؤكد حقيقة العنصرية الصهيونية، هو تمكن المقاومة الفلسطينية من نشر خبر قصة الجندي الصهيوني “أبراهام منغستو”، الأسير من أصول أثيوبية لدى المقاومة، هذا الأخير الذي تسترت عنه الحكومة الصهيونية بسبب عنصريتها، بل وتصرح المقاومة أن : ” الحكومة الإسرائيلية لم تطالب، عبر أي من الوسطاء بفتح قضية المفقود أبراهام منغستو مع قضية أسرى العدو منذ اختفائه، ولم يتم إدراجه ضمن ملف المفاوضات نهائيا”.

رسائل الضربة ..

نشر هذا الخبر من المقاومة في هذه الظرفية الحرجة الخاصة بالأوضاع الاثنية الإسرائيلية له ثلاث دلالات الضربة:
-أن أشكال المقاومة في فكر قادتها مختلف ومتعدد المشارب من العسكري إلى الإعلامي إلى النفسي. وهذا الفعل المميز المقاوم يصنف المقاومة في زاوية صناعة الفعل والكيان في خانة ردة الفعل.
– نشر خبر في هذه الظرفية الزمنية له دلالة كبيرة على خبرة المقاومة بشكل رصدي ودراسي “للمجتمع الإسرائيلي” وبعناصر ضعفه، لتنتقل المقاومة من إتقان برجم بصواريخ عسكرية تستهدف المنظومة الصاروخية إلى إتقان برجم بصواريخ إعلامية تستهدف العمق المجتمعي الصهيوني.
-الخبر سيبطل الرواية الصهيونية القائمة على التزوير والتصحيف، وسيؤكد الرواية الحقيقية للفلسطينيين والأمة أن الدويلة الصهيونية عصابة عنصرية قومية متطرفة، وأن الشعب الفلسطيني لهو صاحب الأرض والحق.

هذه العنصرية هي ما عبر عنها شاعر ومدون، من خلال ما كتبه مؤخرا الشاعر الصهيوني إيرز بيطون في “يسرائيل هيوم” يشي بخطورة دلالات وتداعيات هذه الأحداث الانقسامية، ومن خلال ما تناوله المدون الأمريكي الشهير، ريتشارد سيلفرستين، في مقال له نشره موقع “مينت بريس” : (أن “إسرائيل” فرضت حظرا بموجب أمر قضائي يمنع وسائل الإعلام من نشر شيء عن الواقعة. وقيل لعائلته بألا تتحدث مع وسائل الإعلام حول الموضوع…

وذهب المدون إلى أن السبب الحقيقي يكمن في أن ذلك يمكن أن يحرج الحكومة الإسرائيلية، ويرفع من قيمته في أي عملية تبادل للأسرى، على حد قوله.)

ضربات أخرى 
في أسبوع واحد ضربتان قصمت ظهر الاحتلال:
-أولا ضربة معلم : وهي كما قلنا حين  كشفت المقاومة عن أسرها الجندي الأثيوبي في معركة العصف المأكول في وقت حرج يعاني منه الداخل الإسرائيلي من شبح التدمير. 
-ثانيا ضربة خطأ : حين أخطأ الاحتلال وهو في هدنة بقتل شاب على حدود غزة فكان الشهيد من كتائب القسام مما دفع الاحتلال إلى تقديم اعتذار استنكره “اللفيف” الصهيوني. 
بل وهددت المقاومة بالضرب في الوقت المحدد مما زاد من الهلع الصهيوني وكشف عن قوة استخباراتية نفسية كبيرة لدى المقاومة تتلاعب بنفوس من يعيشون داخل الكيان الصهيوني.

الضربة الثالثة 
ثالثا ضربة علم: وفي يومنا هذا كانت هناك الضربة الثالثة التي صدم منها العدو الصهيوني حين تجلت قوة العلم والطموح الفلسطيني من خلال تفوق غير مسبوق من طلبة فلسطين، فكان النجاح جلمودا هدم جهود مائة سنة من التخطيط الصهيوني التصفوي للوعي والفكر الفلسطيني، بل وكسرت “ضربة العلم” جهود حتى صفقة القرن التي جاءت أمريكيا وعربيا بشكل متأخرا لإنهاء الشباب الفلسطيني وشعبه. 
هذه الضربة العلمية هي الأشد من العسكرية، لأنها هي التي تصنع جيل البقاء والتحرير وهي التي توجه البوصلة وتحيي القلوب والعقول من خلال العلوم والمعرفة الصانعة لاستراتيجية التحرير.
فحاز طلبة فلسطين النقط العليا، بل والأشد هو تربع أبناء الشهداء النقط الأولى، بل والأشد هو تمكن بعض طلبة غزة المحاصرة من نقط عليا على الصعيد الفلسطيني، فأراد الناطق الصهيوني ادراعي افخاي مد دراعه إلى غزة ليبارك نجاح الطالبة الغزية “آلاء عبد العاطي” مباركة بطريقة يهودا وسامرة، فكانت الإجابة سارة، بنكهة العز والمقاومة.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات