السبت 03/مايو/2025

رشوة.. أم هزيمة!

كمال زكارنة

توجهات سلطات الاحتلال الصهيوني السماح بدخول آلاف العمال الفلسطينيين من قطاع غزة، إلى فلسطين المحتلة عام 48 للعمل هناك، قرار مفاجئ ولم يكن مطروحا في السابق ضمن أية صفقة، ربما اتخذ الكيان هذا التوجه للخروج، أو بمعنى أدق للهروب من الضغوطات السياسية واللوجستية والمعنوية والنفسية، التي وضعته بها المسيرات السلمية الفلسطينية المستمرة والمتواصلة منذ الثلاثين من آذار العام الماضي والتي أحرجت الاحتلال عالمياً، وما تزال في عملية تصاعدية أسبوعاً بعد أسبوع، وتلقى إقبالاً متزايداً من قبل الجماهير الفلسطينية في القطاع بمشاركة جميع الفصائل والقوى والأحزاب الوطنية والإسلامية الفلسطينية، وقد يكون هذا التوجه رشوة احتلالية للغزيين لعلهم يقومون بتخفيف الضغط الهائل الذي تشكله هذه المسيرات على الاحتلال كل يوم جمعة، ومن غير المعلوم بالنسبة للاحتلال موعد توقف هذه المسيرات التي تشهد تصعيداً مستمراً والتزاماً شعبياً غير مسبوق.

في جميع الحالات ومهما كانت الأسباب التي دفعت الاحتلال أو أجبرته على اتخاذ هكذا توجه، فإن التفسير والتحليل الوحيد له هو الهزيمة الساحقة التي ألحقتها الجماهير الغزية بالاحتلال الصهيوني، وجعلته يتخبط في تصرفاته وقراراته وتوجهاته، فهو من جهة يهدد بعمل عسكري واسع ومؤلم ومدمر ضد قطاع غزة، ردًّا على استمرار المسيرات الشعبية ورفض شروطه وإملاءاته، ومن جهة أخرى يلوح بالسماح للعمالة الفلسطينية في القطاع للعمل في الداخل المحتل، على اعتبار ذلك جزء من فك الحصار الاقتصادي الخانق المفروض على قطاع غزة، وهو يقدم هذه الخطوة كإغراء وهو يعلم جيداً أن المطلوب منه أكثر من ذلك بكثير.

إجبار الاحتلال على تقديم هذا التنازل، يجب أن يقابله الجانب الفلسطيني بزيادة التصعيد والضغط، والتأكيد على تلبية جميع المطالب الفلسطينية ورفع سقفها وفرض تنفيذها حزمة واحدة ورفض تجزئتها كما يفعل الاحتلال دائماً، وينفذ القليل منها ولا يلتزم بأي اتفاق أو وعد أو عهد يوقع عليه، فهو معروف بنقض التزاماته والتراجع عنها والعمل بعكسها على الأرض. 

لقد دحرت المسيرات السلمية الفلسطينية الاحتلال وأرجعته إلى الجدار، ولم يعد بوسعه إلا استخدام العنف بشكل أكثر قوة وكثافة، أو التراجع أكثر في ظل فقدان التوازن الذي يعانيه نتيجة فشل صفقة القرن ومخرجاتها، وعدم تحقيق أي منجز على صعيد الصفقة قبل أيلول المقبل موعد إجراء انتخابات الكنيست الصهيوني.

افتعال الحرب مع قطاع غزة يعد أحد خيارات نتنياهو الذي أصبحت إزاحته من الحلبة السياسية شبه مؤكدة، للخروج من المأزق الذي يواجهه، خاصة بعد تحالف حزبي أبيض أزرق والليكود ضد ائتلاف نتنياهو، واتفاق العديد من القوى الصهيونية المؤثرة على التخلص منه واستغلال الانتخابات باعتبارها فرصة مناسبة لذلك، إلى جانب قضايا الفساد التي تلاحقه، رغم يحاول أن يعطي انطباعاً عن نفسه بأنه قوي جداً، وهو عمليًّا يعيش أضعف حالاته.

مثلما أن القرار الفلسطيني هو الحاسم والفيصل في القضايا السياسية والاقتصادية التي تخص الشأن الفلسطيني، فإن الموقف الفلسطيني أيضاً في التعامل مع ممارسات الاحتلال إزاء مسيرات العودة السلمية، يحدد مسار البوصلة إلى الاتجاه الذي يريد، ويمنع الاحتلال من تحقيق أهدافه وفرض شروطه.

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

استشهاد رضيعة في غزة بسبب سوء التغذية

استشهاد رضيعة في غزة بسبب سوء التغذية

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مصادر طبية عن استشهاد طفلة، اليوم السبت، بسبب سوء التغذية وعدم توفر الحليب والمكملات الغذائية جراء الحصار الذي...