كيف كشفت احتجاجات الفلاشا هشاشة المجتمع الإسرائيلي؟

“إسرائيل منزل محمي بجدران قوية من الخارج، يأكله النمل الأبيض من الداخل، وإن حالة الفساد فيها وتفتت الناس هي مصدر قلق كبير بالنسبة إليّ على المستوى الوطني” – بهذه الكلمات لخص عاموس جلعاد، رئيس مؤتمر هرتسيليا للأمن ورئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الحرب سابقا، الحالة القائمة في “إسرائيل”.

وعكست تظاهرات الإسرائيليين من أصول إثيوبية المندلعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948 بحسب مراقبين حالة التفتت الاجتماعي الداخلي في “إسرائيل”، الأمر الذي قد يشكل خطرا على مستقبل أداء دولتهم على المدى البعيد. 

وفي مقالة له بعنوان “بيت العنكبوت” تعليقًا على أحداث الفلاشا، قال الدكتور وليد عبد الحي رائد الدراسات المستقبلية في العالم العربي ومدير مركز “استشراف” للأبحاث، إن خلاصة دراسات وحدة متابعة الشأن المحلي الإسرائيلي التابعة للمركز تشير إلى أن تناقض المجتمع الإسرائيلي وتمييزه داخليًّا ليس مقتصرًا على يهود الفلاشا وحدهم، فالمجتمع المحلي كله بشكل عام مقسم إلى طبقات عرقية واجتماعية شديدة التفاوت، وبعض الهويات تتعرض لتمييز ثقافي واقتصادي في نفس الوقت.

ويؤكد عبد الحي أن المجتمع العربي المولود في “إسرائيل” (عرب 48) يعاني اضطهادًا مماثلًا لا يشفع فيه ولادتهم في الداخل وحملهم الجنسية الإسرائيلية واحتسابهم على مجتمع الصابرا، بالنظر إلى جذورهم العربية واعتناق أغلبيتهم الإسلام والمسيحية، فتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن 75% من المجتمع الإسرائيلي يرفض السكن مع العرب و40% من المجتمع يؤيد سلب حقوقهم الاجتماعية والسياسية كالترشح لعضوية الكنيست.

من جانبه، قال عدنان أبو عامر الخبير والمختص في الشأن الاسرائيلي إن المجتمع الاسرائيلي كشف عن جملة من الاستقطابات الداخلية وعدد من الثغرات في مدى التماسك المزعوم بين الإسرائيليين، خاصة بعد الأحداث الأخيرة مع يهود الفلاشا. 

وأوضح أبو عامر في حديث خاص لـ “المركز الفلسطيني للإعلام“، أن “إسرائيل” دولة جمعت بين أشتاتها مكونات ليست متجانسة من اليهود من مختلف بقاع الأرض؛ حيث ضمت الاشكيناز والغربيين والأوروبيين والأمريكان والروس والفلاشا والدول العربية، مؤكدا أنهم تجمعوا على عدائهم للعرب والفلسطينيين.

وأشار أبو عامر إلى أنه في بعض الأحيان كانت تحدث مثل هذه الاحتجاجات والمظاهرات لكن بوتيرة منخفضة، لكن هذه المرة كشف النقاب عن حجم الهشاشة الموجودة داخل المجتمع الإسرائيلي ووضعت اليد على حجم الثغرات والثقوب التي تحيط بالمجتمع الداخلي الإسرائيلي غير المتماسك. 

ونبّه إلى أن التحذير الآن في “إسرائيل” يقوم على أنه ورغم السيطرة على هذه المظاهرات بين الحين والآخر، إلا أنها تكشف النقاب عن أن هذا المجتمع هش ويشبه بيت العنكبوت، وما يجمعهم هو العداء بين الفلسطينيين والعرب.

وأشار الى أن ما تحدث به عاموس جلعاد في مؤتمر هرتسيليا هو توصيف دقيق لما يعيشه المجتمع الإسرائيلي، مؤكدا أنه كان هناك تحذيرات كثيرة في السنوات الأخيرة من منظرين وخبراء علوم سياسية في “إسرائيل” من بقاء حالة التمييز العنصري والتباين وللاختلافات في التعامل الحكومي والتهميش لبعض اليهود، ما من شأنه أن يقيم دويلات إسرائيلية داخل الدولة وإيجاد دولة خاصة بكل قومية على حدة، وصولا إلى مرحلة حرب الكل في الكل.

وحول تأثير أحداث الفلاشا على حالة الاستقطاب والهجرة من الخارج، أشار أبو عامر أنه لن يكون هناك تأثير كبير فيما يتعلق بهذا الأمر خاصة فيما يتعلق باليهود الأوروبيين والغربيين، لافتا إلى أن الوكالة اليهودية للاستقطاب والهجرة تعمل على قدم وساق لاستيعاب آلاف اليهود.

وكان نحو 20 ألفا من اليهود الإثيوبيين نُقِلوا إلى فلسطين المحتلة سنة 1948 على متن رحلات جوية سرية في منتصف الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي.

يقول الخبير في شؤون الاحتلال الإسرائيلي د. صالح النعامي: إن تواصل المظاهرات التي ينظمها اليهود من أصول أثيوبية احتجاجا على الممارسات العنصرية ضدهم وتعطيلها الحياة في عدة مدن بفلسطين المحتلة سنة 1948 يدلل على هشاشة هذا المجتمع.

ويضيف النعامي في منشور عبر صفحته في موقع فيسبوك: عدم التردد في استخدام العنف في مواجهة تبعات الاستقطاب على خلفية عرقية ودينية وقطاعية؛ يفضح زيف الرواية التي قام عليها هذا المشروع الصهيوني.