مطرقة (فريدمان) تختصر المسافات

هذا النقر في جدران المدينة المقدسة يتعالى بصخب! لم يعد أحد يكترث لأضواء الخطر حول ما يجري أسفل القدس والمسجد الأقصى. العدوان على المقدسات الإسلامية لا يحبو وئيداً؛ إنه يمضي مسابقاً الزمن بدعم أمريكي.
ترى ما الذي دفع (ديفيد فريدمان) سفير الولايات المتحدة الأمريكية في (إسرائيل) ليحمل مطرقةً ثقيلة مساهماً في شقّ ما أسماه الاحتلال (طريق الحجاج) في مشروع إقامة الهيكل المزعوم من أسفل حي سلوان؟ هل هي جسارة الدعم؟ أم كسب الرضا؟.
منذ ست سنوات تمضي جمعية (إلعاد) اليهودية في تحويل أرضية المدينة المقدسة إلى قطعة جبنة سويسرية مليئة بالثقوب وممرات الأنفاق، لكن مطرقة (فريدمان) تختصر لها المسافات هذه المرّة في عهد إدارة (ترامب) الرئيس الأمريكي.
من قال إن نجوم إدارة (ترامب) من التيار المسيحي الصهيوني الأحد عشر يجهلون التفاصيل. إنهم باختصار يمضون انطلاقاً من معتقد ديني يتقاطع بالكلية مع العقيدة اليهودية فيما يعني تهويد القدس المحتلة وشطب التاريخ والتراث الكنعاني والإسلامي، تغريهم حالة الضعف السياسي لأنظمة تخشى فقدان عروشها وانقسام فلسطيني عدّل مزاجها لاستكمال المخطط.
صحيح أن عرّابي إدارة (ترامب) يتقدمهم (ديفيد فريدمان) سفيره في (إسرائيل) و(كوشنير) صهره ومستشاره إلى جوار (غرينبلات) مبعوثه الخّاص للصراع الإسرائيلي والفلسطيني هم نجوم العرض المستمر لكنّ ثمّة بعداً عقائدياً وبرنامجاً سياسياً سافراً أعد على مُكث ويمضي بسرعة البرق.
ويجسّد أقطاب إدارة (ترامب) الصهيونية المسيحية وهم من الكنيسة البروتستانتية الداعمة بتطرف استمرار كيان الاحتلال كضرورة حتمية لتحقق نبؤات الكتاب المقدس وقدوم المسيح لذا تراهم يظهرون تطرّفاً يتعدّى أحيانا بعض اليهود أنفسهم.
مطرقة (فريدمان) التي تجاوزت العرف والقانون الدبلوماسي من شخص برتبة سفير بررها خلال مشهد احتفالي حضره (غريبنلات وسارة نتنياهو، ورئيس بلدية القدس السابق نير بركات والملياردير الأمريكي شيلدون أديلسون) حين قال: “تسألونني لماذا أنا هنا؟- والإجابة هي هامّة، هذا الأسبوع، الذي نحتفل بذكرى إعلان استقلال الولايات المتحدة، حقوقنا لم يعطنا إياها الجمهوريون أو الديمقراطيّون، إنما الربّ، وكيف عرف آباؤنا ما هي الحقوق؟ الإجابة أنهم قرؤوا ذلك في التناخ -الكتاب المقدّس اليهودي-، ومن أين جاء التناخ و التوراة؟ من هذا المكان”.
سياسياً بدأت إدارة (ترامب) عملها من درجة السلّم الأخيرة؛ فالرجل ومعاونوه علاوةً على خلفيتهم الدينية يتحركون بجرأة سافرة أشهرت صندوق جوائز كبيرا للاحتلال بدءًا من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وتشريع احتلال الجولان وابتزاز الدول العربية مالياً، وترويج صفقة القرن التي تسقط البعد السياسي والتاريخي بالكلية من قضية فلسطين.
عربياً معظم القادة يساقون إلى مصيرهم بدفع الإتاوة؛ تارةً بدعوى فزّاعة إيران، وتارةً أخرى لتوفير الحماية، وثالثاً بحجة برنامج الديمقراطية والانفتاح الأمريكي الذي يسعى لكسب مزيد من المال والاستثمارات كما هي سياسة أمريكا منذ عشرات السنوات في المنطقة العربية.
إسرائيلياً يمارس (نتنياهو) رئيس وزراء الاحتلال مهمة الفاتح الدائم لجدران وأبواب السياسة في الدول العربية والإفريقية، وقد ذهب شرقاً عدة جولات مشرعاً أبواباً كانت موصدة لسنوات طويلة، وهو نجاح منحه مزيداً من الوقت للصمود أمام تناقضات ومزايدات السياسيين الإسرائيليين في السنوات الأخيرة.
الدعم الأمريكي للاحتلال في صفقة العصر ومؤتمر المنامة تجاوز السلطة الفلسطينية بوثبة رياضية ولعل حضور مصر والأردن لمؤتمر المنامة منح المؤتمر حقنة تشجيع في مشهد غاب فيه الطرف الرئيس المعني بالقضية؛ وهم الفلسطينيون.
جزء مهم من الأنظمة العربية حولنا لا أرى أنها تتحرك من بعد ديني موازٍ ولا واقعية سياسية وازنة؛ إنها فقد تستجيب فقط من الجوقة الأمريكية-الإسرائيلية، وهي حالة انتكاسة غير مسبوقة يجب أن تدفع الفلسطينيين أنفسهم للتفكير ملياً في قادم الأيام.
مطرقة (فريدمان) حطمت عملية التسوية في عهد (ترامب) الذي يدعو الإقليم من حوله لركوب قطاره السياسي المنطلق من محطات حدد هو نقطة بدايتها ونهايتها متجاهلاً رغبة كافة الركاب.
وعلى خطورة ما يجري؛ فإن موقف الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) بات واضحاً وصريحاً، وموقف كثير من الدول العربية بالمثل. يبقى الأمل الوحيد في موقف فلسطيني وحيد يتحرك الآن بمسؤولية تاريخية متجاوزاً كافة المعيقات وأهمها الانقسام لفعل شيء ولو متأخراً بدلا من الصمت الآثم الذي لن يمنح الاحتلال سوى مزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأمل في بناء مستقبل واستعادة حقوق وطنية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

رائد صلاح وشخصيات درزية بفلسطين يدعون لإفشاء السلم الأهلي بسوريا
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام دعا رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح وشخصيات درزية فلسطينية إلى إفشاء السلم الأهلي...

مستوطنون يدنسون ساحات الأقصى ويؤدون طقوسًا تلمودية
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحمت مجموعة من المستوطنين صباح اليوم الأربعاء، باحات المسجد الأقصى المبارك رفقة شرطة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة...

إصابة جندي إسرائيلي بجروح خطيرة إثر انفجار عبوة شمالي الضفة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، إصابة أحد جنوده بـ"جراح خطيرة" جراء انفجار عبوة ناسفة، خلال عدوانه على...

إعلام الأسرى: الأسير القائد حسن سلامة يتعرض لتعذيب ممنهج
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام كشف مكتب إعلام الأسرى (حقوقي مستقل) عن "تعرض الأسير القائد حسن سلامة لتعذيب ممنهج داخل زنازين العزل في سجن مجدو،...

قاض أميركي يأمر بالإفراج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي
المركز الفلسطيني للإعلام أمر قاض فدرالي أميركي، اليوم الأربعاء، أمرا بالإفراج عن محسن مهداوي، الطالب الفلسطيني الذي اعتُقل هذا الشهر أثناء حضوره...

حماس تدعو إلى مواصلة الحراك العالمي تضامناً مع غزة وضدّ العدوان الصهيوني
المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جماهير أمتنا العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى مواصلة الحراك الجماهيري العالمي،...

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...