الثلاثاء 02/يوليو/2024

هزيمة حزيران.. وآخر انتصارات «إسرائيل»!

عوني صادق

تحل الذكرى الثانية والأربعون لهزيمة حزيران/يونيو في أجواء تعيد إلى الأذهان كم كانت تلك الهزيمة فاتحة لتاريخ عربي جديد من الهزائم، بالرغم مما تخلله من انتصارات حققتها الأمة على الكيان الصهيوني، بعضها ضاع بين الأرجل، وبعضها تحول إلى قيود على حركتها الحرة. فمن حرب أكتوبر 1973، التي انتهت بكارثة سياسية، إلى حرب لبنان 2006، إلى حروب ثلاث على غزة 2008، و2012، و2014، إلى ما يطلق عليه عسكريو الكيان «معارك بين الحروب»! وأخيراً جاء ترامب، ومعه قراراته بشأن القدس، والمستوطنات، وعودة اللاجئين، وأيضاً الجولان، و«صفقة القرن»!

هذه الأجواء التي خلقتها وكرستها «الصفقة»، تركت في الساحتين العربية والفلسطينية بعض الآراء المتشائمة التي تعتقد أن ترامب لم يبادر إلى ذلك إلا بعد أن ضمن أن ليس أمام العرب، والمسؤولين الفلسطينيين، على اختلاف مواقعهم، إلا التوقيع وتنفيذ ما هو مطلوب منهم لإنفاذ «الصفقة»! وهؤلاء يتجاهلون، أو لا يعطون الأهمية المستحقة للأوضاع «الإسرائيلية» المضطربة، ولظواهر الضعف «الإسرائيلي»، وكلها لا تجعل «إسرائيل» في وضع أفضل، ربما من الوضع الفلسطيني، وذلك كما يتراءى للمحللين اليهود أنفسهم!

فهزيمة حزيران التي حلت بالعرب، والتي أسست لـ«المجد الإسرائيلي»، كانت في رأي كثير من «الإسرائيليين» بداية الصعود إلى الهاوية، نتيجة للسياسات التوسعية والعنصرية اللاحقة، التي وإن كانت استمراراً لطبيعة ومخطط وأطماع «المشروع الصهيوني»، إلا أنها كانت ولا تزال مقتلها الذي لن تهرب منه! لذلك اكتشف أحد المعلقين العسكريين «الإسرائيليين» البارزين، رون بن يشاي، في تقرير له على موقع (واينت) «الإسرائيلي»، أن «إسرائيل لن تهزم في الحرب المقبلة، لكنها لن تنتصر»، سواء كانت الحرب في غزة أو في لبنان، أو في سوريا. وعزا ابن يشاي غياب النصر إلى «ظواهر اجتماعية وذهنية وسياسية تطورت في المجتمع المدني «الإسرائيلي»، وفي علاقة المجتمع بالجيش بعد حرب يوم الغفران عام 1973». (عرب 48 – 2019/6/1).

في هذا التقرير، يرى ابن يشاي أن حرب تشرين، رغم انتهاء الحكام العرب المعنيين إلى قناعة بأنه لا يمكن محو «إسرائيل» من خارطة الشرق الأوسط عبر هجوم عسكري تقليدي، وتوقيع مصر والأردن اتفاقيتي سلام، كان لهما تأثير انعكس في ظاهرتين: ضعف «القلق الوجودي» لدى «الإسرائيليين»، وازدياد حساسيتهم للخسائر في أرواح الجنود، وهو ما أدى إلى الإضرار بـ«المناعة الوطنية» والمساس بقوة الردع، وتخريب واضح في قدرتهم على الانتصار في الحروب! أدى ذلك، في رأي ابن يشاي، إلى إدراك أعداء «إسرائيل» عدم قدرتهم على تدميرها في عملية عسكرية شرسة أو عمليتين، لذلك انتقلوا إلى «حرب استنزاف» استراتيجية مركبة، تشمل الحرب النفسية وحرب الوعي. لهذا «فإن كل معركة لا تكون نتيجتها حسماً واضحاً لصالح «إسرائيل»، ستكون مسماراً إضافياً» في نعش الكيان الصهيوني.

وفي مقال آخر، أشار كبير المعلقين السياسيين في التلفزيون، (القناة 12) الأكثر مشاهدة، أمنون أبراموفيتش، إلى «ظاهرة» من تلك الظواهر التي ترسخت والتي أشار إليها ابن يشاي في تقريره، وهي ظاهرة تزايد الطلب على جوازات سفر أجنبية. يقول أبراموفيتش في (يديعوت أحرونوت- 2019/5/14): «ما من رصيد مطلوب في البلد خلال العقد الأخير أكثر من جواز السفر الأجنبي. ثمة أعداد هائلة من المواطنين، الأشكناز والشرقيين، اليمينيين واليساريين، بات بحيازتهم جوازات سفر أجنبية». ويضيف: «تقف وراء هذه الظاهرة أسباب يتم الإفصاح عنها، ولكن هناك في العمق سبب مسكوت عنه: انسداد كوة الأمل، فأناس كثيرون ما عادوا يأملون أن تنجح «إسرائيل» في البقاء عقوداً كثيرة»!

الفلسطينيون لا يملكون قدر ما يملكون من الأمل، الأمل وقليل من العمل يضغطون به على عدوهم هو ما يحتاجون إليه في هذه المرحلة. ليذهب المتشائمون، وليعمل المتفائلون على «إدامة الصراع»، وشعارهم الثابت: «فلسطين عربية وتحريرها من البحر إلى النهر»! أما الذين تعبوا فليفسحوا الطريق للجيل الذي لم يتعب!!

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات