السبت 28/سبتمبر/2024

مخيم اليرموك.. عام على تهجير بلا عودة

مخيم اليرموك.. عام على تهجير بلا عودة

عام مضى على تهجير أهالي مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية، دمشق، إلى بقاع شتى، بعد أن سيطرت قوات النظام على عاصمة الشتات الفلسطيني، في الخامس والعشرين من نيسان/إبريل من عام 2018، “حيث سكن كل الصخب الذي ملأ صداه الدنيا، دون أن يحرك أحد ساكنا”.

أكوام من الدمار والصمت والوحشة صبغت المشهد في “اليرموك” منذ تهجير أهله؛ إذ لا حركة فيه سوى “التعفيش” (أعمال السرقة والنهب الممنهج والعشوائي لممتلكات المواطنين السوريين والفلسطينيين)، وتبقى الذكريات ورمزية المخيم، كل ما يتمسك به من تهجروا من المخيم عنوة.

معدودون هم من تمكنوا من العودة إلى بيوتهم التي لم تنل الحرب منها، في حين بقيت الغالبية من أبناء المخيم أسيرة نكبة ثانية في مخيمات الشمال السوري، ويبدو الأموات الأوفر حظا، إذ يسمح بدخول توابيت للمخيم أوصى أصحابها أن يدفنوا فيه، بحسب رصد لمراسنا بسوريا.

ذكريات التهجير
يستذكر الصحفي الفلسطيني، ومدير مركز “فجر برس” الإخباري، أحمد عوض، لحظة تهجيره من المخيم، قائلا: “غادرنا مخيم اليرموك، بعد دخول تنظيم داعش الإرهابي، حيث بدأ باستهداف الناشطين، وقتل عددا من الإغاثيين والإعلاميين في المخيم”.

ويضيف “عوض” في حديثه لوكالة “قدس برس”، ومشاعر الشجون تنبعث من كلماته: “مخيم اليرموك حيث ولدت وعشت ودرست وتزوجت، جزء مصغر عن فلسطين، لم أتوقع أن يأتي يوم ويحدث به ما حدث أو نغادره إلى مكان غير فلسطين، كانت بوصلة لاجئي عاصمة الشتات الفلسطيني، وخزان الثورة الفلسطينية ومنبع ثورتها، واضحة، دوما تشير إلى فلسطين”.

وبين أن المخيم لا يزال حتى اليوم يضم رفات عشرات الشهداء الفلسطينيين والقادة، الذين استشهدوا دفاعا عن فلسطين، مؤكدا أنه لأجل ما سلف كله، تعرض المخيم لمؤامرة كبيرة، حاكت فصولها أطراف دولية ومحلية، بمعول “داعش” ومحاربة “الإرهاب”، في خدمة مجانية للاحتلال الصهيوني.

وعدّ “عوض” أنه من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، عودة الأهالي بعد التدمير الكبير الذي طال (90%) من المخيم، لكنه يستدرك: “رمزية المخيم باقية في نفوس أبنائه؛ فالقصة ليست بالحجارة، وإنما بإرادة شعب لن يقبل بديلا عن فلسطين”.

وفي سياق حديثه عن دور الإعلاميين والنشطاء الفلسطينيين، وخاصة الذين هجروا من مخيم اليرموك، يقول: “دورنا تركز في توثيق الوضع الإنساني داخل مخيم اليرموك خلال فترة الحصار وتوثيق القصف وحالات الموت جوعا ونقل معاناة الأهالي إلى وسائل الإعلام والتواصل مع القنوات التلفزيونية والظهور الإعلامي للحديث عن مستجدات الأوضاع في مخيم اليرموك الفلسطيني”.

نكبة متواصلة
بدوره، لم يتوقع الناشط الفلسطيني “عمار الشيخ”، أن تطول مدّة غيابه عن المخيم إلى هذه الحدّ، مشيرا إلى أنه قد يكون تزامن ذكرى تدميره، وذكرى النكبة، صدفة زمنية، “لكن من المؤكد أن القضاء على عاصمة الشتات الفلسطيني هي حلقة من سلسلة بدأت بنكبة فلسطين، ولا تزال مستمرة حتى اليوم، وخاصة هذه الأيام، في سياق الحديث عن تصفية القضية الفلسطيني، فيما يسمى صفقة القرن”.

ويعتقد “الشيخ” في حديثه لـ”قدس برس” أن “مخيم اليرموك انتهى كما أريد له كعاصمة للشتات الفلسطيني، لكن رمزيته لا تزال وستبقى حاضرة في قلوب أبنائه؛ إذ إنه لا يزال العنوان الأبرز لحق العودة”.

ويبعد مخيم اليرموك 8 كم جنوب العاصمة دمشق، ويشكل اللاجئون الفلسطينيون غالبية سكانه، وكان يقع تحت حصار قوات النظام والمجموعات الداعمة له منذ 5 سنوات، ويبلغ عدد سكانه في الوقت الحاضر حوالي 5 آلاف مدني، بعد أن كانوا أكثر من 160 ألف شخص قبل الثورة السورية.

وتعرض المخيم لقصف من سلاح طيران النظام السوري والقذائف المدفعية، حيث أدت إلى الإضرار بالآلاف من المنازل.

ونقلت المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان “حقوق” عن نشطاء ميدانيين، أنّ ألفًا و363 على الأقل قضوا منذ بدء الصراع في سورية، من أبناء مخيم اليرموك، بالإضافة إلى 200 آخرين نتيجة الحصار المفروض على المخيم ونقص الرعاية الطبية فيه.

وفي نيسان/أبريل 2018، شنت قوات النظام السوري بدعم روسي حملة عنيفة لاستعادة مناطق اليرموك والحجر الأسود جنوب دمشق من تنظيم الدولة وبعض قوات المعارضة، وانتهت المعركة بترحيل مئات العناصر من تلك المناطق وسيطرت قوات النظام، في حين لا يزال السكان المهجرون بانتظار فرصة العودة إلى منازلهم المدمرة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات