الأحد 06/أكتوبر/2024

تعاظم المقاومة وأجندة حكومة الاحتلال

ناصر ناصر

يبدو بأن النتائج غير المرضية التي حققتها الجولة الأخيرة، و هي الجولة الحادية عشرة على الأغلب من المواجهة ما بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ انطلاق مسيرات العودة، قد أثارت جدلا ونقاشا داخليا وجديًّا في “إسرائيل”، و التي يمكنها كعادتها أن تخفي الكثير منه، و لكنه برز بوضوح من تصريحات ليبرمان المرشح للعودة لوزارة الدفاع ثانية أكد فيها ضرورة ومواجهة وعدم السكوت عن حقيقة تعاظم القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى تزايد التقارير الإعلامية والعسكرية التي تشير لنجاح المقاومة في تطوير طائرات مسيرة -حوامات، وسلاح مضاد للسفن الحربية والطائرات فما هي دلالات ذلك؟

من الواضح أن تصريحات ليبرمان الأخيرة تشير إلى الأهمية البالغة التي يوليها المهاجر الأوكراني من كييف لإسرائيل سنة 1978، لموضوع غزة وتعاظم المقاومة فيها، وليس ذلك بدوافع استراتيجية سياسية بالدرجة الأولى، فهو يعلم ان السياسة تجاه غزة حكمها وسيظل رأي المؤسسة الأمنية وعلى رأسها الجيش وبالتعاون مع رئيس الوزراء، واللذين يعتبران الوضع الحالي وتعزيز توجهات التهدئة بشروط وبحذر حلاً أمثلاً لمعضلة أو ورطة “إسرائيل” في غزة .

من المرجح أن تكون دوافع ليبرمان سياسية وإعلامية لتبرير عودته ثانية لوزارة الدفاع التي استقال منها معلنا للملأ أنها جاءت على خلفية خضوع الحكومة لحماس في غزة، وهذا لا يقلل من حجم التحدي والاهتمام لموضوع غزة ، كما أن ليبرمان يريد تحقيق تغييرا ما ، وإن كان رمزيا اتجاه غزة، و السؤال ما هو شكل هذا التغيير الممكن وغير الحتمي على كل حال؟

قد يكون التغيير تكتيكيا يتعلق بحدة وقوة الرد الإسرائيلي كالاغتيالات المحدودة وهذا احتمال ضعيف أو بزيادة حدة المعركة السياسية والعسكرية والإعلامية ضد التعاظم العسكري لفصائل المقاومة، وهذا احتمال عالٍ أو قد يضطر نتنياهو للهروب نحو الأمام باتجاه تعزيز تفاهمات التهدئة بما يسمح له بالخروج من دائرة المواجهات المستمرة والمذلة لإسرائيل، وهذا الخيار الأكثر عقلانية بالنسبة للاحتلال.

من جهة أخرى فمن المرجح أن لا تكون التقارير الأخيرة التي تبرز مدى تعاظم قدرات المقاومة في غزة نوعا من التحريض العسكري ضدها، فمعدو التقارير ليسوا من دعاة المواجهة الواسعة واحتلال غزة، بل قد تكون من باب تبرير الفشل في المواجهة الأخيرة أو محاولة إيقاع المقاومة في “مصيدة العسل” ، فالحديث عن تعاظم المقاومة قد يروق لأنصارها ويدفعهم للتأكيد عليه وتبنيه والاحتفاء فيه، ولكنه في المقابل قد يزيد الضغوطات السياسية الإقليمية عليها.

ومن المحتمل أن يكون التركيز على تعاظم المقاومة هو من باب إبراز المشكلة ووضعها على الأجندة، لدفع مؤسسات القرار في “إسرائيل” لحسم استراتيجية وسياسة واضحة تجاه غزة والدفع باتجاه معين وغالبا نحو التفاهمات والترتيبات السياسية، والتي ستحرص “إسرائيل” على جعل موضوع تعاظم المقاومة على رأس أجندتها. 

وفي هذه الأثناء فما زالت الرمال متحركة على حدود قطاع غزة، تماما كما هي السياسة الداخلية الإسرائيلية الأمر الذي يزيد من صعوبة تحديد التوجهات في المرحلة المقبلة، ويتطلب مزيدا من الحذر الإعلامي على وجه التحديد في التعامل مع موضوع تعاظم المقاومة بشكل يزيد من احتمالات الكسب المعنوي ويقلل من الخسائر السياسية المترتبة على ذلك، فقدرات المقاومة في كل الأحوال تبقى متواضعة للغاية أمام آلة البطش والاحتلال الإسرائيلي والأمريكي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات