بـالاستئخارات المدروسة .. النيابة تواجه أزمة الشيكات المرتجعة بغزة

ساهم الحصار “الإسرائيلي” المفروض منذ 13 عاماً، بالإضافة إلى الإجراءات العقابية التي تفرضها السلطة، في تقويض الأنظمة الاقتصادية في القطاع ووضعها على شفى الانهيار، وأدى ذلك إلى حالة من التضخم المتراكم لظاهرة ما تُعرف بـ”الشيكات المرجعة”، حيث سجلت ارتفاعاً متزايداً في عدد من القضايا الواردة إلى “النيابة العامة”.

لم تستسلم النيابة للظروف وحالة الإحباط والإرباك، فساهمت بدورها في اجتراح الحلول، لخلق حالة من التوافق والمواءمة المالية بين الدائن والمدين، من خلال سلسلة سياسات تحفظ أمن البلد الاقتصادي والاجتماعي.

سياسة الاستئخارات
“الاستئخارات المدروسة” هي مجموعة من الإجراءات التي اعتمدتها النيابة العامة في قضايا الشيكات خاصة وفي جرائم الأموال عموماً، وذلك بهدف مساعدة التجار، ورجال الأعمال، والموظفين المدنيين في تسديد القضايا المقدمة بحقهم في النيابة العامة بما يتناسب مع ظروف الأزمة المالية التي يمر القطاع.

وكيل النائب العام أحمد السوسي، أكّد أن “سياسة الاستئخارات المدروسة” ونهج النيابة العامة في معالجة ازدياد قضايا الشيكات المرجعة، نجحت من خلال التوفيق بين حقوق الدائن وظروف المدين في زيادة قيمة الأموال المسددة في قضايا الشيكات الواردة في العام 2018م مقارنة بالأموال المُسددة في العام 2017 قبل اتباع هذه السياسة.

وكيل النائب العام أحمد السوسي

وأوضح السوسي أنه على الرغم من ارتفاع أعداد القضايا الواردة للشيكات عام 2018م التي وصلت إلى حوالي 9260 قضية، إلا أن قيمة الأموال المسددة للعام 2018م قد زادت زيادة ملحوظة، وذلك لاتباع النيابة العامة تلك السياسة.

وأشار إلى أنَّ نسبة الأموال المسددة في عام 2018م بلغت بعملة الدولار (78%)، و(63%) في العام 2017م، كما بلغت نسبة الأموال المسددة بعملة الشيكل (75%) في العام 2018، و(58%) في العام 2017م وهي معدلات مرتفعة، وفق قوله.

شيكات مرجعة
وأشار وكيل النيابة إلى أنّ نسبة قضايا الشيكات المرجعة ازدادت بوضوح، مبيناً أنّ العام 2018 وصل النيابة ما يقارب 9260 قضية شيكات منظورة في النيابة العامة.

وأضاف السوسي أنّ “قيمة الشيكات المرجعة في القضايا الواردة للنيابة العامة عام 2018 بلغت حوالي 49 مليون شيقل، و5 مليون دولار تقريبا”.

وبين أنّ اتباع النيابة العامة سياسة الاستئخارات المدروسة في قضايا الشيكات المرتجعة جاء بعد تشديد الحصار المالي على قطاع غزة خلال السنتين الماضيتين، موضحاً أن النيابة في إطار هذه السياسة لا توقف المتهم في قضايا الشيكات مباشرة، وإنما تعطي المشتكى (صاحب الشيك المرجع) مهلا متتالية لسداد قيمة الشيكات تصل شهرا باستمرار أو تقطّع، وله في هذه الحالة أن يراجع المشتكين وإجراء الحلول معهم وإثبات الجدية.

وأشار إلى أنه في حال لم يقم المدين بالحل خلال شهر فله أن يتقدم للنائب العام بطلب استئخار يدرس وفق عدة معايير وظروف الدائن والمدين، والظروف المحيطة بالواقعة.

أسس قانونية
ويؤكّد وكيل النيابة أن سياسة الاستئخار ترتكز إلى أسس قانونية واضحة، إذ منح القانون سلطة تقديريه للنيابة العامة في إجراء التوقيف الاحتياطي لغايات التحقيق والحفاظ على أدلة الجريمة، وتلجأ إليه عادة في حالة ثبوت التهمة بقصد الضغط القانوني على المتهم لأداء الالتزام المدني المستحق في ذمته لدائنه المشتكي.

في السياق، أشار وكيل النائب العام إلى أن النيابة العامة حريصة كل الحرص على إسناد ودعم التجار ورجال الأعمال والمقاولين وأصحاب المهن الذين أجبرتهم الظروف إرجاع شيكاتهم، ولذلك عززت النيابة التواصل مع مؤسسات القطاع الخاص، وتحيل لهم بعض النزاعات بين أعضاء الجمعيات لمحاولة التوفيق بينهم والوصول إلى حلول مرضية دون ضغط أو إكراه.

ونبه إلى أن النيابة تجاوبت مع تلك المؤسسات إيجابيًّا بإبداء الحلول في العديد من القضايا المحالة لهم، في إطار حرص النيابة العامة على تطبيق القانون وعدم الإخلال بالإجراءات مع منح المواطن هامش من الوقت.

ووجه كلمة إلى أصحاب المديونيات المالية، أن يتوجهوا إلى النيابة العامة لعمل استئخارات مدروسة وإعادة جدولة مديونياتهم، وأن يلتزموا بالسداد في المقابل وسيتمكنون من إدارة مصالحهم التجارية والاقتصادية دون عناء، وبطريقة لا تدخلهم السجن.

كما وجه كلمة إلى الدائنين قائلاً: صحيح أن قطاع غزة يمر بظروف اقتصادية صعبة للغابة، وأن النيابة العامة تعطي مددًا ومهلات قانونية لأصحاب الشيكات المرتجعة وجرائم الأموال لكن هذا الأمر لا يعني مطلقاً التهاون في حقوق الدائنين، فحقوقهم محفوظ ومكفولة، مشدداً على أن النيابة العامة استحدثت هذه السياسة ومأسستها لانتزاع الحقوق لأصحابها.