في يوم النكبة غزة مستمرة

تستمر غزة في مقاومتها للاحتلال بجميع الوسائل المشروعة وعلى رأسها مسيرات العودة وجولات المواجهة العسكرية المتكررة رغم ما تدفعه ثمنا لذلك كالدمار والحصار والعقوبات من القريب والبعيد لتعطي بذلك نموذجا فريدا يجمع ما بين المقاومة الواجبة وصمود المضطر في وجه “ذوي القربى” وممارسة السلطة الاضطرارية بسبب ظروف الانقسام المقيت، ولا يبدو إلا أن غزة ستستمر حتى تحقيق أهداف شعبها الفلسطيني بالحرية و تقرير المصير.

لقد كان يوم النكبة مميزا على حدود قطاع غزة هذه السنة، فقد شارك عشرات الآلاف معظمهم من نسل أولئك الذين أخرجوا وشردوا من ديارهم في فلسطين المحتلة عام 48 بغير حق، بل وعلى يد احتلال غاشم أهلك الحرث والنسل، مؤكدين حقهم بالعودة إليها، فأصيب منهم أكثر من 70 شخصا، منهم العشرات بالرصاص الحي، وفي المقابل أطلقت عشرات البالونات الحارقة، التي تسببت بتسعة حرائق في مستوطنات غلاف غزة.

على الرغم من التناقض في الرواية الإسرائيلية بين المفاجأة من حدة مقاومة البالونات الحارقة، وبين ضبط فصائل المقاومة لنفسها، فلم يكن مصادفة أن يصاب هذا العدد العزيز من الفلسطينيين، ولكنه قليل مقارنة بيوم النكبة السابق حيث استشهد 62 فلسطينيا وأصيب 1300 آخرون على الأقل، فقد شكل ميزان التكاليف البشرية هذا دليلا على المعادلة التي نجحت المقاومة في غزة بفرضها وبجدارة على المحتل الذي اضطر لاتخاذ إجراءات ملموسة لتخفيف عدوانيته، فمنع جنوده من إطلاق النار بكثافة، وحصر ذلك على كبار ضباطه من قيادة المنطقة الجنوبية.

وفق مقابل مشهد المواجهة والمقاومة، هذا أكد الوسطاء أن “إسرائيل” ما زالت ملتزمة بالتفاهمات التي تم التوصل إليها بعد المواجهة الأخيرة برعاية مصرية أممية وقطرية، فقد تم تحويل جزء كبير من أموال المنحة القطرية لمستحقيها في قطاع غزة، وسمحت “إسرائيل” منذ الأحد لحوالي 2600 فلسطيني من غزة للسفر عبر ايريز إلى الضفة الغربية، كما سمحت لحوالي 1600 شاحنة بالعبور عبر معبر كرم أبو سالم إلى داخل القطاع، و ما ذاك إلا نقطة في بحر حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة انتزعتها المقاومة بعزة وبكرامة ودونما تنازل أو استجداء من براثن المحتل الغاشم ، ولسان حالها يقول: “وإن عادوا عدنا”.