السبت 29/يونيو/2024

القهر يفتك بأهالي مخيم غزة بالأردن

القهر يفتك بأهالي مخيم غزة بالأردن

على بعد بضع كيلومترات فقط من الآثار الرومانية الشهيرة في جرش، والتي يقصدها مئات الآلاف من السیاح الأجانب سنویًا، یقبع مخیم جرش المعروف محليًّا باسم “غزة”، ببيوته المهترئة والمتداعية، والتي لا يكاد يغطي سقفها في بعض الأحوال سوى الكرتون، وفي أحسنها أسقف الزينكو، التي لا تقي أهلها حر الصيف أو برد الشتاء.

ويُقدر تعداد سكان المخيم، بحسب التقديرات الرسمية، بـ 27 ألف لاجئ فلسطيني، معظمهم نزحوا من قطاع غزة عام 1968، ويشهد ترديًّا في الخدمات العامة، ونقصًا غير مسبوق في مستوى النظافة والخدمات الصحية والتعليمية.

وبین الأعوام 1968- 1971، تم بناء 2000 مسكن بدعم من تبرعات الطوارئ، بید أنه وعلى مر السنین، استبدل العدید من سكان المخیم المساكن الجاھزة بمساكن إسمنتیة، لكن العدید منھا ما تزال أسقفھا مبنیة من ألواح الزنك، وأحیانًا الكرتون.

وقد أجبرت الأوضاع المتردية للمخيم، من نقص في الخدمات واكتظاظ سكاني، وتهالك البنى التحتية، وانتشار النفايات، آلاف اللاجئين الفلسطينيين على مغادرته والعيش في مناطق سكنية محيطة به، وفق ما أفاد عدد من اللاجئين لـ “قدس برس”.

وأفاد رئيس المجلس المحلي لمنطقة الحدادة المجاورة للمخيم، في تصريحات صحفية الشهر الماضي، بأن نحو 20 ألفًا من سكان مخيم غزة تركوه وانتقلوا إلى منطقة الحدادة القريبة منه، مقدرًا عدد السكان المتبقي في المخيم حاليًّا بـ 27 ألف لاجئ فقط.

ورغم البطون الخاویة لأغلب سكان المخیم، والذین یفتك بھم الفقر منذ عشرات السنین، فإن معاناتھم لا تتوقف عند ھذا الحال، فهم يشتكون من سوء أوضاع النظافة، حيث يمكن للزائر ملاحظة تراكم النفايات وتناثرها، إضافة لانسياب المياه بالشارع الرئيس في سوق الخضار مشكلة “مكرهة صحية” باختلاطها في الأتربة والنفايات؛ ما يجعل المرور صعبًا في الشارع، علاوة على كثرة الحفر والمطبات فيه.

قرار تقليص الخدمات من الأونروا أثر سلبًا على الخدمات

وفي هذا السياق، أكد رئيس لجنة خدمات مخيم جرش، عودة أبو صوصين، لـ “قدس برس”، أن قرار وكالة الغوث “الأونروا” الذي أصدرته قبل عام؛ والقاضي بتقليص خدماتها من خلال تقليل عدد عمال النظافة، أثر على خدمات النظافة في المخيمات ومنها مخيم جرش.

وأشار أبو صوصين إلى أن عدد عمال النظافة سابقًا كان يبلغ 26 موظفًا؛ 11 منهم على نظام المياومة تم الاستغناء عنهم ليبقى 15 عاملًا في المخيم.

وأضاف: “المدارس هي الأخرى، تعاني من الاكتظاظ وغیاب الوسائل التعلیمیة، ونقص المعلمین، وعدم توفر الصفوف الثانویة، كما أن المركزين الصحیين یغیب عنھما التخصصات الطبیة، ولا یتوفر فیھما أطباء باستثناء الطب العام والأسنان، والذین تناقصت أعدادھم بشكل كبیر مؤخرًا”.

معاناة أبناء مخيم غزة جرّاء القيود القانونية لحكومة عمّان

ويُعاني أبناء مخیم غزة في جرش الأمرَّين في سبيل تأمين مصدر رزق يكون عونًا لهم ولأسرهم، حيث تفرض الحكومة الأردنية الكثير من القیود القانونیة التي تجعل فرص العمل بالنسبة لھم محدودة؛ فالقوانین الساریة تمنع من لا یحملون الجنسیة الأردنیة من العمل في القطاع العام، أو مزاولة بعض المھن، مثل طب الأسنان أو المحاماة أو الھندسة الزراعیة أو المحاسبة أو الصیدلة، أو حتى العمل في القطاع السیاحي.

كما أن نسبة الفقر والبطالة ترتفع بشكل مطرد، فأغلب المھن مغلقة على غیر الأردنیین باستثناء بعض المھن، كالمیكانیك والحدادة والنجارة والزراعة، وهي مهن في الأصل محدودة.

ارتفاع نسب البطالة والأمية في مخيم غزة

وكانت دراسة تعد الأولى من نوعھا أعدتھا وكالة غوث وتشغیل اللاجئین، أوضحت أن البطالة تصل 39 في المائة بمخیم جرش بین الذكور، و81 في المائة بین النساء؛ وھي مرتفعة بالمقارنة بـ 39 في المائة للاجئات الفلسطینیات بالأردن.

وعزت الدراسة نسبة البطالة العالیة إلى عدة أسباب، أبرزھا: بعض القیود القانونیة التي تجعل فرص العمل بالنسبة لأبناء مخیم غزة محدودة، حیث تمنع القوانین الساریة من لا یحملون الجنسیة الأردنیة من العمل في القطاع العام، أو مزاولة عدة مھن.

وأشارت الدراسة إلى أن “بُعد المخیم عن مدینة جرش والمراكز التجاریة عمومًا، وصعوبة عمل مشاریع تعاونیة ناجحة، إضافة إلى استحالة الحصول على قروض بنكیة، من الأسباب التي أدت لارتفاع البطالة أيضًا.

وكشفت عن ارتفاع نسبة الأمیة لسكان المخیم الذین تزید أعمارھم على 15 عامًا، إذ تبلغ 8.13 في المائة مقارنة بـ 5.7 في المائة في الأردن بشكل عام.

ورغم أن الحكومة الأردنية اتخذت خطوات لتخفيف بعض الآثار المترتبة على الفقر وقدمت التعليم والتأمين الصحي المجاني للأطفال، وأصدرت نهاية العام الماضي، قرارًا هامًّا بالسماح لأبناء قطاع غزة المقيمين في الأردن من حملة جوازات السفر المؤقتة بتملك شقة سكنية أو بيت أو قطعة أرض وسيارة، إضافة إلى نص القرار على معاملة أبناء غزة كالأردنيين في مجالات العمل دون الحاجة لتصريح عمل، وفتح باب الإعفاءات الطبية، ومساواتهم في التعليم مع الأردنيين، إلا أن مسحًا للاجئين أجرته منظمة “فافو” النرويجية للمخيم بالتعاون مع الأونروا ودائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن أن أغلب سكان المخيم يعيشون في حالة فقر، وتعيش بعض العائلات، حسب المسح الذي أجري عام 2013، بدخل يومي أقل من 1.25 دولار.

السعود: الحكومة منحت أبناء المخيم حق التملك وألغت تصاريح العمل

من جانبه، قال رئيس لجنة فلسطين في مجلس النواب الأردني النائب، يحيى السعود، إن اللجنة بحثت ملف أبناء قطاع غزة مرارًا مع الحكومة الأردنية، واستطاعت الضغط عليها من أجل منح أبناء المخيم حق التملك وإلغاء تصاريح العمل.

وصرّح السعود لـ “قدس برس”، بأن اللجنة طالبت الحكومة بالنظر بعين الرأفة إلى هذه الشريحة، ومنح أبناء غزة حقوق مدنية لا تؤثر على حقوقهم السياسية في فلسطين، “لكن الحكومة تتذرع دومًا بأن هذا شأن سيادي يصعب المساس به”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات