الجمعة 21/يونيو/2024

التاريخ الموثق: حكاية بدنا نعيش

صلاح الدين العواودة

بدأت مأساة #بدنا_نعيش من تونس عندما جففت الدول العربية منابع منظمة التحرير الفلسطينية لإجبارها على الاستسلام، حيث وصل الحال بأعضاء اللجنة التنفيذية فضلاً عن الأجهزة العسكرية والسياسية وباقي المؤسسات المنبثقة عنها أن لا يجدوا أجرة الشقة ولا حتى فاتورة الكهرباء والتلفون.

يقول أمين سر اللجنة التنفيذية السابق ياسر عبد ربه: (كنا قد مضت علينا أشهر بدون رواتب، حتى لم نعد قادرين على دفع أجرة البيوت وفواتير الكهرباء والتلفون وإذا بالختيار (أبو عمار) يدعونا على عجل، فلما وصلناه فإذا مسودة اتفاق أوسلو بيده أرسلها له أبو علاء).

تم توقيع أوسلو، وبدأت الأموال تتدفق من الدول المانحة وحصلت “إسرائيل” على الشرعية فلسطينيا وعربيا ودوليا وعلى منجزات أمنية واقتصادية لا آخر لها، وحصلت منظمة التحرير على الرواتب بعد أن حوّلت كل كوادر الثورة إلى رجال أمن في 13 جهاز أمن فلسطيني وظيفتها #التنسيق_الأمني.

عام 2006 جرت انتخابات تشريعية انتخب الشعب الفلسطيني فيها مجلساً تشريعيا لا يعترف بأوسلو فتم الضغط فوراً على الزر FOF للتمويل فانقطع كله، وصودرت أموال الضرائب الفلسطينية، ولكن الأهم كان قطع رواتب الأجهزة الأمنية الفلسطينية رغم أنها كانت تتبع للرئاسة الفلسطينية التي لم يتوقف تمويلها، ولكن كان لا بد من قطع رواتبها حتى تنفذ دور (بدنا نعيش) لإسقاط الحكومة المنتخبة، وفعلاً بدأت الأجهزة نفسها بتنفيذ الفلتان الأمني والتخريب إلى أن تمت هزيمتها على يد رجل واحد هو الشهيد سعيد صيام رحمه الله وزير الداخلية، الذي طلب منه الرئيس الفلسطيني عباس فرض الأمن، في حين الأجهزة الأمنية لا تأتمر بأمره، فساند القوى الوطنية غير المرتبطة بالتنسيق الأمني ورواتبه بالقضاء على الفلتان.

بعد الحسم؛ أمر الرئيس الفلسطيني عناصر الأجهزة كما كل الموظفين الحكوميين بالاستنكاف وإلاّ سيفصلوا من عملهم، وفعلاً من لم يطع الأوامر تم فصله.

هؤلاء المستنكفون الذين أخذوا رواتبهم دون خدمة منذ 2007 حتى اليوم أصبحوا عبئاً على سلطة أوسلو ولا فائدة منهم بعد كثير من التعاون من طرفهم مع سلطة الرئيس ضد قطاع غزة، إلاّ أن دفع الرواتب لهم يعني أموال تتدفق على السوق هناك، وهو ما يتعارض مع الحصار الذي تفرضه سلطة أوسلو منذ 2007، فكانت الخطة المحكمة لخنق غزة تقتضي قطع رواتبهم ومساومتهم عليها للقيام بثورة هم وعائلاتهم ضد سلطة المقاومة في القطاع رغم أنهم لم تنقطع رواتبهم ولم يعانوا ما عاناه جمهور المقاومة، وفعلاً عاد هؤلاء للشوارع ليلعبوا الدور الذي صنعوا من أجله، واستغلوا حاجة الناس الذين يحاصرونهم هم أنفسهم.

عودة إلى بداية الأزمة، فقد كانت منظمة التحرير تعاني من أزمة مالية خانقة، لأن الدول العربية الحاضنة نفسها حاصرتها رضوخاً لأمريكا و”إسرائيل”، ولأن الاتحاد السوفييتي قد انهار، ولأن العراق قد تم تدميره وانهارت المنظومة العربية بالكامل، وكان الفساد المالي في صفوف المنظمة قد آتى أكله، وكان الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة قد انتفض وتبلورت وبرزت قيادات محلية على حساب منظمة التحرير، وبدلاً من أن تستغل الانتفاضة من قبل قيادة منظمة التحرير لتحقيق إنجاز سياسي وطني، استخدمت مع الحصار لإخافتها من انتهاء دورها وأن هناك قيادات محلية برزت وهي من يمثل الشعب، فألقت بنفسها في حضن أوسلو لتبقى في القيادة من جهة، ولتحصل على التمويل المفقود من جهة أخرى.

اليوم حركة حماس والمقاومة الفلسطينية عموماً تمر بحصار أشد من الحصار الذي تعرضت له منظمة التحرير بداية التسعينات من القرن الماضي، فالمقاومة مصنفة على أنها إرهاب، والدعم الرسمي ممنوع، والشعبي ملاحق ومجرّم، وقطاع غزة محاصر منذ 12 عاماً وآثار الحروب تتزايد ولكن المقاومة لم تهرب إلى مربع أوسلو جديد رغم محاولات تيار أوسلو الفلسطيني لاتهامها بهذا ورغم أن ما تتعرض له أشد بكثير مما تعرضت له منظمة التحرير، إلا أنها توجهت إلى سلاحها الذي يحميها وأرضها المنغرسة فيها وبقايا الضمائر الحية من أمتها، ففرضت على الاحتلال معادلة الدّفع ورفع الحصار وإلّا!

لقد كانت منظمة التحرير قادرة على هذا وأكبر، لو لم تختر خيار الاستسلام، سيما والشعب الفلسطيني كان في ذروة انتفاضته وكان الاحتلال والاستيطان يبحث عن مخرج من مأزقه، ولكن الله لا يصلح عمل المفسدين.

ولا يكفي المقاومة اليوم الحصار والتجريم، وعدم تحرك الضفة الغربية بكل طاقتها نتيجة خنق التنسيق الأمني لها، وهي أخطر نقطة على الاحتلال، وفي ظل انحسار الخيارات إلّا من حرب طاحنة أو مسيرات العودة، أٌضيف إلى ذلك كله أن السلطة الفلسطينية مع الاحتلال والمحيط العربي المتآمر والنظام الدولي الصهيوني يشتغلون مجتمعين على سكان غزة لتثويرهم وإعادة غزة إلى الفوضى والفلتان تحت ضغط حصارهم لإجبارها على الاستسلام لصفقة القرن وفوق ذلك (يرمونها بدائهم وينسلون) بقولهم إنّ غزة ومقاومتها هي جزء من #صفقة_القرن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الممثلة الخاصة لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، ماريس غيموند، الجمعة، إن 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية...