باب الرحمة.. معلم إسلامي يواجه التهويد في القدس

مع إغلاقها باب الرحمة المؤدي للمسجد الأقصى بالسلاسل والأقفال الحديدية، يفرض الاحتلال “الإسرائيلي” أمرًا واقعًا لتهويد المكان على طريق مخططه لفرض التقسيم الزماني والمكاني في قبلة المسلمين الأولى.
ووفق “الأوقاف” الإسلامية في مدينة القدس؛ فإن قوات الاحتلال أغلقت بالسلاسل الحديدية باب الرحمة في الجهة الشمالية من المسجد الأقصى.
وقال مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، في بيانٍ: إن “شرطة الاحتلال الإسرائيلي أقدمت على وضع سلاسل حديدية مع قفل على الباب الواقع على رأس الدرج المؤدي إلى مبنى باب الرحمة”.
التقسيم المكاني
وأكد رضوان عمرو، الباحث المختص في شؤون القدس والمسجد الأقصى المبارك، عبر صفحته على “فيسبوك”، أنهم اكتشفوا مساء الأحد إقفال الاحتلال باب الرحمة بالسلاسل والأقفال، مشيرًا إلى أن الإغلاق نفذ الجمعة الماضية.
وعدّ ذلك تنفيذًا للتقسيم المكاني الذي تسعى له قوات الاحتلال في المسجد الأقصى.
وتداعى المقدسيون لمواجهة المخطط الصهيوني وتظاهروا قرب الباب وحاولوا فتح باب الرحمة الذي أغلقته قوات الاحتلال قبل أن تتدخل الأخيرة لقمعهم.
تحفة معمارية
ويقع باب الرحمة على بعد 200م جنوبي باب الأسباط في الجدار الشرقي للمسجد الأقصى، ويمثل جزءًا من السور الشرقي للبلدة القديمة.
ويعدّ من أقدم أبواب المسجد الأقصى المبارك، ويعود للفترة الأموية بدلالة عناصره المعمارية والفنية، ويقال إنه بني في عهد عبد الملك بن مروان.
وهو عبارة عن باب عظيم مغلق، يبلغ ارتفاعه ١١.٥م، وينزل إليه بدرج طويل من داخل الأقصى، ومكون من بوابتين ضخمتين، وبينهما عمود من الحجر؛ باب الرحمة جنوباً والرحمة شمالاً، ويعلوه قوسان، ويؤدي إلى قاعة مسقوفة بعقود ترتكز على أقواس قائمة فوق أعمدة كورنثية ضخمة.

وبني هذا الباب بمهارة فائقة؛ أبدع فيه الصناع، وطوروه ليكون لوحة فنية خلابة يُشهد لها بالجمال والروعة وتَشْغَفَ بها الأنظار والأبصار؛ حتى يُظن أنه بني بقطعة واحدة من الحجر، وفيه زخارف تشهد على ازدهار الفن المعماري.
وفي وصفه يقول المؤرخ أسامة الأشقر: “ليس باباً عادياً؛ بل هو مدخل غرائبي لعالم مدهش متخيّل يوصلك في نهايته عبر درج طويل إلى فضاءات نورانية حالمة تعرّشها ظلال الرحمة الربانية، يمر فيها المرء عبر برزخ المقبرة الشرقية المستطيلة التي تدخلها من نوافذ السور المزدوج: الرحمة والتوبة الذي يسميه الغربيون الصليبيون “الباب الذهبي”؛ حيث يتراءى لك وادي قدرون الحافل بالأسرار الغيبية القدَرية، والتي يرقد في تربتها نفر من الصحابة الأنصار؛ عبادة بن الصامت وشداد بن أوس”.
ويشير الأشقر -في مقال له- إلى أن هذا الباب القديم يعود تاريخ تصميمه وعمارته إلى العهد الأموي الذي امتاز بشدة الاعتناء بالمسجد الأقصى وتصديره للأفق المرئيّ المَهيب ليكون شامةً أمام الديانات الأخرى التي هيمنت عليه ديانة الإسلام بسيادتها السياسية والعسكرية والروحية، تجللها تيجان وزخارف وأقواس رامزة.
أسماء الباب
ومن أسماء هذا الباب: #البوابة_الأبدية و#البوابة_الدهرية و#باب_توما_توما و#باب_الحكم و#باب_القضاء، ويطلق عليه الغربيون والفرنجة اسم #الباب_الذهبي، بالإضافة إلى بابي الرحمة والتوبة.
ويقع إلى الشرق من الباب خارج السور مقبرة باب الرحمة التي تضم قبري الصحابيين شداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما.

مقبرة باب الرحمة
وقد استخدم المبنى الواقع داخل الباب من جهة المسجد الأقصى المبارك قاعة للصّلاة والذّكر والدّعاء، ويقال: إن الإمام الغزالي، رحمه الله، اعتكف في زاويته أعلى باب الرحمة عندما سكن بيت المقدس، وكان يدرِّس في المسجد الأقصى المبارك، وفيها وضع كتابه القيم “إحياء علوم الدين”.
كما عمرت هذا الباب وقاعته لجنة التراث الإسلامي، واتخذتها مقرًّا لأنشطتها الدعوية داخل الأقصى منذ عام 1992م، حتى حلت سلطات الاحتلال الصهيوني اللجنة عام 2003م.
وأغلقت قوات الاحتلال مبنى يقع قرب باب الرحمة يضم قاعة ومكاتب في العام 2003 بداعي وجود “منظمة إرهابية” فيه، وتمدد الإغلاق سنويا.
وأصدرت محكمة إسرائيلية في سبتمبر/أيلول 2017 أمرا تؤيد فيه قرار شرطة الاحتلال إغلاق المبنى.
أسطورة صهيونية
ويربط الأشقر بين هذا الإغلاق ومزاعم المتطرفين الصهاينة أن هذا الباب سيشهد دخول مسيحهم إلى الهيكل مع شدة شعورهم باقتراب عصر الظهور، لذلك يرون فيه مدخلاً أسطورياً تراثياً لمزاعمهم المؤسِّسة لفلسفة إقامة كيانهم في فلسطين، وما زالوا يقتحمون المكان ويضعون بين شقوق جدار باب الرحمة أوراقهم المقصوصة المشمولة بأمنياتهم الخرافية القديمة.
وأضاف “لابد أن الإغلاق مرتبط بإنشاء الحديقة التوراتية وقواعد القطار الهوائي “تلفريك” على جزء من مقبرة باب الرحمة التاريخية التي يريدون مسحها لتطهير ساحة المدخل المرتقب من النجاسات؛ حيث إنهم يعتقدون بنجاسة أجسام الأموات”.
أطماع صهيونية
وفي تصريحات سابقة لمراسلنا أكد رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس المحتلة، مصطفى أبو زهرة، أن باب الرحمة، وما على ظهره وقف إسلامي، وهو جزء من المسجد الأقصى، مشددًا على أن الأطماع “الإسرائيلية” في المكان لا قيمة لها.
وربط أبو زهرة بين الاقتحامات الاستيطانية للمسجد الأقصى شبه يوميّ، وما يجرى في مقبرة باب الرحمة من اعتداءات استيطانية، مشددًا على أن كل ذلك في إطار الأطماع “الإسرائيلية”.
وقال أبو زهرة: إن ما تنفذه “إسرائيل” بمنطقة “الحرش” و”باب الرحمة” له علاقة بأطماع المتطرفين اليهود وتوجههم لأداء طقوس تلمودية في تلك المنطقة ومنع الحرس من الوصول إليها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...

الهيئات الإسلامية: الاعتداء على ساحة الشهابي سياسة تهويدية لتطويق الأقصى
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الهيئات الإسلامية في القدس أن اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ساحة "الشهابي" التاريخية داخل البلدة...

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...