المغير.. القرية الغارقة بوجع الاستيطان
فيها كانت حكاية حب من نوع خاص؛ حب رُوي بالدم الأحمر القاني، فيها كان الشهيد حمدي نعسان يربي شجرة الزيتون كطفل صغير، كان يغازلها كعاشق ولهان، قبل أن يأتي مستوطنٌ وبرصاصات حاقدة يحيل الصورة مشهدًا مؤلمًا.
المغير؛ تلك القرية الصغيرة التي تقع شمال شرق رام الله على بعد 22 كيلومتر منها، تحيطها المستوطنات والبؤر الاستيطانية كما يحيط السوار بالمعصم، وتقع أغلب أراضيها وبنسبة 82%، من الناحية الشرقية في منطقة العزل والتي كانت “إسرائيل” قد أعلنتها منطقة عسكرية مغلقة عقب احتلالها للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة عام 1967.
القرية الصغيرة بمساحتها الكبيرة، بنضالها وبسالتها كانت مسرحًا أمس السبت لواحدة من أبشع جرائم الاحتلال ومستوطنيه، حينما أطلق مستوطنون مجرمون النار صوب مزارعين أثناء رعايتهم شجر زيتونهم، ما أسفر عن ارتقاء الشاب حمدي نعسان، وهو أب لـ 4 أطفال، وإصابة 30 آخرين.
الجريمة
رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا، يروي قصة إجرام المستوطنين، قائلا: مجموعات من المستوطنين انتشروا قرابة أراضي المواطنين المحاذية لمستوطنة “عادي عاد”، والقريبة من الشارع الاستيطاني الالتفافي المسمى بـ”ألون”.
وبدأ المستوطنون بمضايقة الأهالي، وشرع بعضهم (المستوطنون) بمهاجمة منازل المواطنين، وألقوا قنابل غاز داخل منزل المواطن حسين جبر أبو عليا، ما أسفر عن اختناق الأم وأطفالها حيث كانوا لوحدهم بالمنزل.
بعد ذلك توجهوا لمنزل قريب، هو منزل موسى أبو عليا، وأطلقوا تجاهه النار، في الوقت الذي كان فيه رجال البيت في أعمالهم، ما تسبب بحالة خوف كبيرة للمتواجدين بداخله، وهم 25 امرأة وطفل.
ويبين: بعد الهجمة على المزارعين والبيوت القريبة، هبَّ الأهالي لصد هجمة المستوطنين، وبدأ المستوطنون بإطلاق النار بشكل عشوائي ومباشر اتجاه الناس والبيوت، وتحت أعين الجنود، الذين اشتركوا في الجريمة واصطفوا إلى جانب المستوطنين لتفريق المواطنين، فبدأت الإصابات تقع، واستشهد حمدي النعسان، بعد محاولته نقل جريح، وبقي ينزف أكثر من نصف ساعة دون أن يتمكن أحد من الوصول إليه.
استهداف طويل
ويحدُّ القرية البالغ عدد سكانها قرابة 4 آلاف، من الغرب قريتا ترمسعيا والمزرعة الشرقية، ومن الشمال دوما ومستوطنة “شيفوت راحيل” ومن الجنوب قريتا عين سامية وكفر مالك.
وطالما استهدفت سلطات الاحتلال قرية المغير، وتتحجج خلال استهدافها منازل القرية بالبناء غير المرخص لوقوع معظم أراضي القرية في المناطق المصنفة “ج” الخاضعة لسيطرة إدارية وأمنية إسرائيلية كاملة، وفق اتفاقية أوسلو.
كما يتحكم الاحتلال بخروج السكان والدخول عبر حاجز عسكري على مدخلها الشرقي، ويكون التحرك بإذن من الاحتلال.
ولو تحدثنا عن الوضع الجيو سياسي في قرية المغير، ووفقا لاتفاقية أوسلو، قُسمت أراضي القرية إلى مناطق “ب” و”ج”؛ حيث تم تصنيف ما مساحته 2061 دونما من أراضي القرية منطقة ب، ويقطنها أغلب السكان، وهي المناطق التي تقع فيها مسؤولية النظام العام على عاتق السلطة الفلسطينية، وتبقى لـ”إسرائيل” السلطة الكاملة على الأمن.
أما بالنسبة للجزء المتبقي من أراضي قرية المغير، فقد صنف 31888 دونما (93.9 % من المساحة الكلية للقرية) كمنطقة “ج” وهي المنطقة التي تقع تحت السيطرة الكاملة لـ”إسرائيل” حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها أو الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال إلا بتصريح صادر عن الإدارة المدنية الإسرائيلية الفاعلة في المنطقة.
والجدير بالذكر أن معظم الأراضي الواقعة في منطقة C هي الأراضي الزراعية والمناطق المفتوحة والتي تشكل مصدر دخل رئيسي لأهالي القرية.
إرهاب المستوطنين
ولم تسلم قرية المغير من ممارسات الاحتلال والمستوطنين القاطنين في البؤر والمستوطنات الإسرائيلية المجاورة، وخصوصا البؤرة الاستيطانية “عدي عاد” المقامة بالقرب من القرية؛ حيث شهدت الكثير من الاعتداءات على الممتلكات وأهالي القرية ومصادر الرزق، في محاولة لترحيل أهالي القرية من أماكن سكناهم، وحرمانهم من الوصول إلى أراضيهم للسيطرة عليها.
فمن الناحية الشرقية للقرية، تتواجد كل من مستوطنات تومر، جلجال، بيتسائيل ونيتف هجدود، ومن الناحية الغربية القرية تتواجد كل من مستوطنتي شيفوط راحيل والبؤر الاستيطانية التابعة لها، ومستوطنة شيلو.
ومن الناحية الجنوبية للقرية فتتواجد مستوطنات نيران، يطاف وكوخاف هشاهار، ومن الناحية الشمالية للقرية، تقع كل من مستوطنات معاليه أفرايم ومجداليم.
كما تمنع سلطات الاحتلال الأهالي من استخدام الشارع الالتفافي، وهو طريق سريع ومباشر للوصول للقرى المجاورة، حيث أغلقته بعدد من السواتر الترابية وحاجز إسمنتي، هذا بالإضافة إلى برج مراقبة في المكان.
ويضطر أهالي قرية المغير إلى سلوك طرق بديلة عن الشارع الالتفافي الإسرائيلي رقم 458 وذلك للوصول إلى القرى الفلسطينية المجاورة، الأمر الذي يزيد من معاناة أهالي القرية، حيث تستغرق الطريق البديلة وقتا أطول وتكلفة أكثر.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
لازاريني: أهل غزة أناسٌ وليسوا كرات أو قطع شطرنج
عمّان – المركز الفلسطيني للإعلام أكد مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، فيليب لازاريني، الأحد، أن "14 بالمئة فقط من مناطق قطاع غزة...
بينهم أبو عرة.. نادي الأسير: الاحتلال يواصل احتجاز جثامين 28 شهيدًا
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أكد نادي الأسير الفلسطيني اليوم الأحد، أنّه ومع ارتقاء الأسير الشيخ مصطفى أبو عرة، فإن عدد شهداء الحركة الأسيرة...
بلدية غزة: نقص الآليات وقطع الغيار يفاقم أوضاع المدينة الكارثية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت بلدية غزة، الأحد، إن "استمرار أزمة نقص الآليات وقطع الغيار يفاقم من أوضاع المدينة الكارثية، ويزيد من انتشار...
تنصيب بزشكيان رئيسا لإيران
طهران – المركز الفلسطيني للإعلام بدأ الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، الأحد، مهامه رسميا بعد تنصيبه من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي في مراسم...
هنية: ليكن الثالث من آب يوماً وطنياً عالمياً لنصرة غزَّة والأسرى
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام دعا إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الأحد، إلى أن يكون يوم الثالث من آب/ أغسطس...
10 شهداء بمجزرة جديدة في خانيونس جنوب القطاع
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عصر اليوم الأحد، مجزرة جديدة ضد العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، عقب قصف منزلًا...
كتائب القسام تقصف غرف قيادة جيش الاحتلال في محور “نتساريم”
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" عن استهداف غرف قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في محور "نتساريم"...