الأحد 23/يونيو/2024

كوخافي «مجرم حرب» كسابقيه

د. فايز رشيد

عينت دويلة الاحتلال رئيساً جديداً للأركان هو أفيف كوخافي، «مجرم الحرب» الذي يستبيح كلّ المحرّمات في سبيل تحقيق هدفه. فمثلاً في العملية العدوانية التي سميت ب «السور الواقي» عام 2002 برز كوخافي كقائد لواء المظلیین الذي سیطر على مخیم بلاطة للاجئین في نابلس. كانت خصوصیة هذه العملیة تتمثل في «السیر عبر الجدران»، أي الدخول إلى بیوت أبناء شعبنا في المخيم البسيط لیس من خلال أزقته بل من خلال الجدران التي تم هدمها بالجرافات لهذه الغایة. هذا الأسلوب هو ابتكار فرنسي أثناء استعمار الجزائر يسمى ب «الجغرافیا المعكوسة» الذي يتمرد على المبادئ العسكرية المتبعة لتبریر التقدم عبر الجدران، وهو نفس الأسلوب الذي اتبع في المقاطعة للوصول إلى غرفة (مقرّ) الرئيس الراحل عرفات أثناء إعادة اجتياح الضفة الغربية. كوخافي أطال مدة العملیة خصيصاً في سبيل المزيد من القتل. 

أيضاً، هو صاحب التكتيك العدواني الذي يقوم على الهدم الكثيف لبيوت العائلات الفلسطينية وقتل عشرات المدنيين من أجل الوصول إلى مقاوم مسلّح واحد. من ناحية أخرى، وكما قال عنه أحد الضباط، الذي خدم تحت إمرته لصحيفة «هآرتس» منذ أيام قليلة إنه صاحب نظرية «القتل المنهجي» للفلسطينيين تطبيقاً لمبدأ حربي تعلّمه مع زملائه في «معهد دراسة نظریة الحرب» «الإسرائيلية» في “تل أبيب”.

إضافة إلى ذلك، فإن هذا التكتیك وصف كاكتشاف للتجدد والأصالة والتمرد ضد المسلَّمات. ولكن التفكیر الأصلي الذي لم یترجمه كوخافي ولا دويلته مع الفلسطينيين هو أنه أمام الجیش یقف سكان مدنیون لا يجوز المساس بهم، فهذا وفقاً للعديد من زملائه «يضرب مفتاح أمن «إسرائيل» التي تسعى لضم مناطقهم إليها»، لذلك يأخذ عليه عسكريون من ذوي المناصب العالية في جيش الاحتلال خرقه الواضح لمبدأ عدم المساس بالسكان إذا كانت «إسرائيل» ترید إسهامهم في تأسیس نظام سیاسي جدید.

في العام 2004 تم استبدال العميد شمويل زكاي القائد السابق لفرقة غزة بكوخافي، حيث شغل منصب قائد فرقة للقطاع وأمر قواته بضرب البنية التحتية لفصائل المقاومة الفلسطينية وبقي في منصبه حتى نهاية يوليو 2006. وخلال خدمته كقائد للفرقة وقع حدثان كبيران، ففي صيف عام 2006 أسر الجندي جلعاد شاليط وشنت فرقته حملة على غزة سميت حينها «أمطار الصيف»، لكنها فشلت فأقيل من منصبه. وبعد العملية تم توجيه انتقاد لفشل كوخافي في مقال كتبه المهندس المعماري ایال فایتسمان، وكان معداً للنشر في مجلة «نظریة ونقد». فهدد كوخافي مباشرة (لیس بواسطة المتحدث بلسان الجیش) بتقدیم دعوى تشهیر إذا تم نشر المقال كما هو. بعد تعيينه، تم نشر المقال دون تغییر في مجلة «متعام»، ولكنه لم یقدم أي دعوى. 

هذا التهدید لمجلة أكادیمیة هو حدث غیر مسبوق في دويلة الكيان وفي علاقات كبار الضباط مع الأكادیمیة بشكل خاص. وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على رؤیة إشكالیة لكوخافي بخصوص دور حریة التعبیر في انتقاد ضباط الجیش، وعلى صعوبة واضحة لدیه في مواجهة المسّ به وبشخصه. بعد فشله في عام 2006 حاول العودة للدراسة في لندن في الكلية الأمنية، لكن تم إلغاء رحلته خوفاً من الاعتقال من السلطات البريطانية للاشتباه في تورطه في جرائم حرب خلال خدمته في غزة، الأمر الذي أجبره على السفر إلى الولايات المتحدة بدلاً من لندن ودرس في جامعة جونز هوبكنز.

كوخافي لم یكن الاختیار الأول لنتنیاهو لتولي رئاسة الأركان، بل هو وفقاً لصحيفة «معاريف» فرض فرضاً من وزیر الأمن السابق أفیغدور لیبرمان. في خطابه أثناء الاحتفال بتعيينه ووداع رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، وعد كوخافي بالعمل حثيثاً على تحقيق هدف(حلم) رئیس الحكومة نتنیاهو المسمى ب «الجیش الإسرائیلي 2030» الذي يتمثل في دفع القوات البریة إلى مكانة متقدمة في سلم الأولویات، والإبقاء على الجيش «الإسرائيلي» متفوقاً على كل جيوش الدول المجاورة، وتنمية قوة الردع «الإسرائيلية» في منطقة شرق أوسط مضطرب. بدوره أبدى نتنیاهو استعداده أن یستثمر في السنوات القادمة في الجیش المزید من الأموال. بدوره حرص نتنياهو ورئيس ديوان مكتبه على التقاط وترويج الصور التي التقطها مع رئيسي الأركان السابق والجديد في محاولة لشد الشارع «الإسرائيلي» إليه بانتظار ما سيسفر عنه قرار المستشار القضائي للحكومة حول التهم الموجهة إليه.

تعاقب على رئاسة أركان جيش الاحتلال 23 رئيس أركان منذ يعقوب دروري حتى الآن (كوخافي رقم 24)، كلهم دمويون، مجرمون قتلة، ومعظمهم خدم في المنظمات الإرهابية الصهيونية، والجزء الأكبر منهم تسلم بعد انتهاء مدة خدمته في رئاسة الأركان (3 سنوات) مناصب مهمة في الحكومات المتعاقبة: رؤساء حكومات أو وزراء حرب.

..هذه هي دويلة الاحتلال الصهيوني.

المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

54 شهيدًا بأربعة مجازر خلال ساعات في غزة

54 شهيدًا بأربعة مجازر خلال ساعات في غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 54 مواطنًا وأصيب العشرات غالبيتهم من الأطفال والنساء، في ثلاثة مجازر ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، السبت،...