الإثنين 05/مايو/2025

المحامي كراجة: الاعتقال السياسي في الضفة منظم ويزداد

قال مهند كراجة، الحقوقي والمحامي لدى مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، إن اعتقالات أجهزة أمن السلطة الفلسطينية للمدافعين عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي والنشاط السياسي بدأت منذ قدومها إلى الأراضي الفلسطينية عام 1994م، مؤكداً ازديادها سنة بعد سنة.

وأوضح كراجة، المحامي والمختص في الدفاع عن حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين لدى السلطة الفلسطينية، في مقابلة شاملة مع “المركز الفلسطيني للإعلام” أن انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية منظمة أحياناً، وتزداد في ظل وجود قوانين سنتها السلطة الفلسطينية تجميلاً لانتهاكاتها ضد المعتقلين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وقال: “بدأت عملي مع مؤسسة الضمير عام 2014م، واتباع قضايا الاعتقال السياسي منذ عام 2011م، وتوقعت -كما المؤسسات الحقوقية- أن يكون انضمام السلطة الفلسطينية إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وعضويتها في الأمم المتحدة سببًا في تقليل انتهاكاتها لحقوق الإنسان؛ لكننا نرى ازديادها في مخالفة لتلك الاتفاقيات”.

وجدد الحقوقي دعوته السلطة الفلسطينية بالكف عن تعذيب المدافعين والمعتقلين لدى أجهزتها الأمنية، قائلاً: “حتى هذه اللحظة لم نلق آذانا صاغية، آملاً أن يكون بالأيام القادمة كف ووقف لكل وسائل التعذيب ضد المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي”.

قوانين تجميلية

واستنكر كراجة ازدياد تلك الانتهاكات، واستخدام القضاء والنيابة العامة في تجريم المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال قوانين سنتها السلطة الفلسطينية في ظل غياب المجلس التشريعي.

وأضاف: “هناك بعض القوانين التي سنتها السلطة الفلسطينية في غياب المجلس التشريعي وصادق عليها رئيس السلطة يتم استخدامها لتكون شيئًا تجميليًّا لانتهاكات حقوق الإنسان، وتخالف القانون الأساسي الفلسطيني، وتخالف المعاهدات والاتفاقيات التي وقعت عليها السلطة”.

وأشار بالقول: “هذه المعاهدات والاتفاقيات التي تحمي حقوق الإنسان، المفروض اليوم أن تطبيقها يسمو تطبيق القوانين المحلية كقانون الجرائم الإلكترونية الذي أصبح سيفًا على رقاب كل مدافع عن حقوق الإنسان وكل ناشط رأي، وكل وسيلة إعلامية، وكل كاتب يعبر عن رأيه على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية”.

وأوضح أن هذه الانتهاكات تجاوزت الأشخاص، وتعدت إلى أن تصل لتجريم مؤسسات إعلامية وحظر بعض المواقع الإعلامية باستخدام قانون الجرائم الإلكترونية، لافتًا إلى أن هذا القانون زاد في نسبة اعتقال النشطاء والصحفيين.


تهم غير واقعية

ورأى الناشط في حقوق الإنسان، أن الحادثة الأشد مرارة التي أنتجها قانون الجرائم الإلكترونية كانت عام 2017م، باعتقال أجهزة أمن السلطة 5 صحفيين من خلال قانون الجرائم الإلكترونية، وقد رفضت إطلاق سراحهم إلا بعد أن تفرج الأجهزة الأمنية بغزة عن أحد الصحفيين، قائلاً: “هذه كانت حادثة خطيرة جدًّا جدًّا على مستوى عمل حقوق الإنسان في فلسطين”.

وأوضح أن الاعتقالات السياسية في الفترة الحالية ومنذ بداية عام 2019م “تزداد بشكل كبير، وتستهدف الأشخاص التابعين لحركة حماس وآخرين لفصائل أخرى، وأشخاصًا لديهم نشاط حقوقي وثقافي”.

وأكد أن حقوقيين ومؤسسات حقوق الإنسان، وجهت مطالبات للنيابة العامة بفتح تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنها لم تجد جدية من النيابة العامة، وقال: “غالب القضايا التي تابعناها في المؤسسة تقوم حول ادعاءات جمع وتلقي أموال من جمعيات غير مشروعة، وإثارة النعرات الطائفية، وتهم سياسية توجه للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين”.

وفي معرض رده على سؤال مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” بأن محاكم وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية توجه تهمًا ملفقة للمعتقلين في سجونها، أكد كراجة ذلك بصيغته القانونية قائلاً: “في صيغتنا القانونية يتم استخدام القانون من النيابة لتجريم المدافع عن حقوق الإنسان بتهم لا تتعلق في نشاطهم في حقوق الإنسان”.



وأوضح المحامي: “التحقيقات مع المعتقلين السياسيين تكون على وقائع معينة، ولكن التهم تكون بشيء معين آخر غير مرتبط بالوقائع التي تحقق فيها”، مضيفًا بالقول: “يتم وضع أي تهمة حتى لو كانت لا تتفق مع الوقائع التي يتم التحقيق فيها”.

وأضاف: “التحقيق مع المعتقل السياسي يكون في العادة مرتبطًا بآرائه ونشاطه الحقوقي، ويتم إيجاد تهم أخرى لإخراجها عبر القانون (..) لتجريمه عبر تهم جنحوية جنائية”.

وعن طبيعة هذه التهم التي توجه للمعتقلين السياسيين، أوضح كراجة أن أبرزها تتعلق بـ”إثارة النعرات الطائفية، وتلقي أموال من جمعيات غير مشروعة، أو حيازة وتجارة السلاح، أو الانتماء للمليشيا التابعة لحركة حماس، أو ذم وقدح مقامات عليا والتطاول على رئيس الدولة”، لافتًا إلى أنه، ومؤخرًا في عام 2018م، أوجدت السلطة الفلسطينية تهمة “الانتماء للمليشيا التابعة لحركة الجهاد الإسلامي”!.

ضرب وتهديدات للمحامين

وعن الإجراءات التي تقوم بها أجهزة أمن السلطة تجاه نشطاء حقوق الإنسان والمحامين عن المعتقلين السياسيين والأسرى في جنود الاحتلال، كشف كراجة أن زميله في مؤسسة الضمير، المحامي مازن أبو عون المتابع لقضايا الأسرى الفلسطينيين في محاكم الاحتلال، تعرض لاستدعاء واحتجاز لأيام من أجهزة أمن السلطة أكثر من مرة.

وردًّا على سؤال مراسلنا عن أحداث شخصية تعرض لها، قال كراجة: “أكتوبر 2016م، تعرضت للاعتداء بالضرب في عملي داخل مؤسسة الضمير من عناصر في جهاز المخابرات الفلسطينية بعد مشاركتي في دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعدم المشاركة في جنازة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز”.

وأضاف: “قدمت دعوى على الأشخاص المعتدين إلا أن المحكمة أدانتهم شخصيًّا وأن تصرفهم ليس له علاقة بجهاز المخابرات الفلسطينية”؛ ليعلق على ذلك بالقول: “أنا أقول إن الأشخاص يقومون بالاعتداء على المدافع عن حقوق الإنسان وحسب قراءتنا للقوانين التي تحكم الأمن يكونون محكومين لتوجهات أشخاص من ضباط يعملون معهم”.

وبما يتعلق بملاحقة واعتقال واستدعاء أمن السلطة للأسرى المحررين، أكد الحقوقي كراجة أن الاعتقالات السياسية تطول كل ناشط سياسي كان معتقلا لدى الاحتلال أو غيرهم، قائلاً: “مجتمعيًّا هذا هو إساءة للمناضلين الفلسطينيين أن يعتقلوا في سجون السلطة ويد الاعتقال تصل لكل ناشط سياسي للأسف”.

وعن ملاحقة الأجهزة الأمنية لطلبة الجامعات ونشطاء العمل النقابي الطلابي، ذكر كراجة أن المدافع عن حقوق الإنسان هو كل من يدافع عن حق له وللغير والعامة؛ والطلاب ونشطاء العمل الطلابي يقومون بنشاطات ليست شخصية، وإنما مطالبات نقابية في سبيل حقوق الإنسان والغير من أجل التغيير لشيء أفضل.

وفيما يتعلق بمتابعته لقضية المواطنة سهى جبارة، أكد كراجة وجود العديد من التجاوزات القانونية وانتهاكات منها التعذيب في مراكز التحقيق (بناء على إفادات موكلته جبارة)، مؤكدًا أنه سيكون لهم تقييم قانوني كامل لقضيتها بعد انتهائها.

ولفت إلى أن قضية سهى جبارة لا زالت مستمرة ولم تنته قائلاً، وأن هناك جلسة استماع بينات في 30 يناير.

شهادات معتقلين سياسيين

وحول أوضاع عدد من موكليه من المعتقلين لدى أمن السلطة، أوضح كراجة أن المعتقل السياسي في سجون السلطة المهندس منتصر الشنار تعرض للتعذيب من أجهزة أمن السلطة التي أقدمت على تمديد اعتقاله هو والناشط قتيبة عازم 15 يومًا ورفضت طلبات إخلاء السبيل، مشيرًا إلى ما نشره عبر صفحته في فيسبوك.

وقدم الحقوقي كراجة شهادته على ما حدث مع الشنار المعتقل لدى جهاز الأمن الوقائي وعازم المعتقل لدى جهاز المخابرات، مبينًا أنه توجه لحضور جلسة المحكمة لقتيبة ومنتصر.

وأشار  في شهادته إلى أنه بعد السؤال عن الملف والتهم، تبين أنهم حضروا إلى سرايا النيابة في نابلس بتهمة “إثارة النعرات الطائفية وجمع وتلقي أموال من جمعيات غير مشروعة”، ولكن لكل منهم ملف منفصل عن الآخر.

وذكر كراجة، وهو محامي مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، أنه حاول الحصول على توكيل منتصر وقتيبة من نظارة المحكمة، إلا أن جهاز الشرطة ادعى أنه غير مسؤول عن معتقلي الوقائي والمخابرات، وأنني بحاجة إلى موافقة من الأجهزة الأمنية للحصول على توكيلهم.

وأضاف “انتظرت حتى جاء قتيبة في البداية، كان يشير لي بيده عن تعرضه للضرب، ويشير إلى عينه لاحقًا بعد انتهاء الجلسة وقال لي: إنني لا أرى.. كسروا لي النظارة”.

وأشار إلى أنه بعد ذلك أحضروا المهندس المعتقل منتصر الشنار، وحضر معه في الجلسة المحاميان ريما السيد وصهيب حنني، قائلاً: “لاحظنا عدم استطاعة منتصر الوقوف، وبعد سؤاله أشار إلى أنه غير قادر على الوقوف لتورم قدمه بسبب الضرب والتعذيب في جهاز الأمن الوقائي”.

وذكر أنهم أشاروا لذلك في محضر الجلسة وقررت المحكمة عرضه على الخدمات الطبية، وألزمت النيابة العامة بإحضار التقارير الطبية، وبعد خروجه من الجلسة أخبرنا أنه كان مشبوحًا وتقيأ الدم على لباسه، مضيفًا: “أشار (منتصر) إلى بلوزته وشاهدنا أنا وزملائي الدم على ملابسه”.

وأكد تمديد توقيف قتيبة ومنتصر 15 يومًا بدعوى عدم استكمال إجراءات التحقيق، دون الالتفات إلى ما أثاره في مرافعته، والتي أجملها أن الإفراج عن موكليه يساهم في القضاء على الانقسام البغيض بالإضافة للأسباب القانونية التي ذكرها والتي توجب الإفراج عنهم.

وفي ختام حواره مع “المركز الفلسطيني للإعلام” أوضح كراجة أنهم كمدافعين ونشطاء حقوقيين ومحامين في مجال متابعة قضايا المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي غير محسوبين على أي جهة قائلاً: “نعمل بطريقتنا الحقوقية ولا نناكف أحدًا سياسيًّا مثل ما تقول السلطة الفلسطينية بأننا نقوم بدور تحريضي عليها، ونحن لا نقوم بذلك”.

وقال: “بالعكس يكون هناك مساحة في كل دولة بالعالم للنشطاء الحقوقيين وللمؤسسات لمتابعة ومراقبة حقوق الإنسان، ونمتنى انتهاء الانقسام عما قريب وأن تنتهي المناكفة السياسية”.

وأوضح أن مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان تعتمد على الحيادية والمهنية، وهي مؤسسة حقوقية أهلية غير حكومية، تختص في قضايا حقوق الإنسان ومتابعة انتهاكاتها، قائلاً “نتابع قضايا الاعتقال من قبل الاحتلال وهذا الجزء الأكبر من مهمتنا في مؤسسة الضمير، ونتابع أيضاً قضايا انتهاكات حقوق الإنسان ونعمل على المساعدة القانونية والتمثيل القانوني للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين ومن يعتقلوا على خلفية نشاطهم السياسي عند السلطة الفلسطينية”.

ولفت إلى أن متابعتهم تقتصر على الضفة الغربية والداخل المحتل، وأن متابعتهم للاعتقالات السياسية بدأت منذ قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994م حتى هذه اللحظة، قائلاً: “متابعتنا للاعتقالات السياسية لم تبدأ منذ الانقسام الفلسطيني؛ بالعكس نحن ندافع عن حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين منذ مجيء السلطة، والاعتقالات السياسية التي كانت موجودة كانت مؤسسة الضمير تتابعتها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....