الثلاثاء 06/مايو/2025

السلطة تمنع تأجير المقدسيين في الضفة.. لماذا؟

السلطة تمنع تأجير المقدسيين في الضفة.. لماذا؟

مع بداية العام الجديد، أصدرت السلطة قراراً حكومياً يقضي بمنع تأجير المقدسيين أو فلسطينيي الداخل المحتل عقارات مقامة في الضفة الغربية، إلا بعد الحصول على موافقة أمنية تستَصدر من أجهزة السلطة. 

وجاء في نص القرار الذي عُنون بأنه يأتي تماشياً مع المصلحة العامة: “على كل من يرغب بتأجير عقار للفلسطينيين من حملة الهوية الإسرائيلية أخذ موافقة الهيئة المحلية أو مديرية الحكم المحلي التي يتبع لها العقار، ويتولى جهازا المخابرات والأمن الوقائي القيام بإجراءات البحث الأمني اللازم للراغبين بالاستئجار وتقديم التوصية بالموافقة أو الرفض خلال أسبوعين من تقديم الطلب”.

هذا القرار عدّه مراقبون ومحللون أنه يضع قيوداً غير مبررة على المقدسيين الذين يعانون أصلاً من إجراءات إسرائيلية صارمة، تهدف لتفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين والإخلال بتركيبتها الديموغرافية.

قرار كارثي
الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات، وصف هذا القرار بـ”الكارثي والمجحف” بحق المقدسيين ويضيّق الخناق عليهم ويزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الملاقاة على عاتقهم.

وقال عبيدات خلال حديثه مع “المركز الفلسطيني للإعلام“: “يضطر كثير من المقدسيين وبسبب الملاحقة الإسرائيلية والضرائب المرتفعة ورسوم ما يسمى التأمين الوطني لاستئجار عقارات في مناطق الضفة الغربية لانخفاض أجرتها، سواء بقصد السكن أو لأسباب اقتصادية، وفي حال حرمانهم من ذلك أو وضع قيود مشددة عليهم، هذا يجعلهم بين فكي كماشة إجراءات الاحتلال وقرارات السلطة الجديدة”.

وأشار عبيدات إلى أن الحواسيب الفلسطينية وبموجب اتفاقية أوسلو مرتبطة بنظيرتها الإسرائيلية، وهو ما يعني ضمناً أن دوائر الاحتلال ستصبح عندها معلومات كاملة عن المقدسيين الذين يسكون في الضفة، وبالتالي تسهل ملاحقتهم وطردهم من القدس وسحب هوياتهم بدعوى أنهم ليسوا مقيمين فيها.

وحسب المحلل المقدسي؛ فإنه وفقاً للقانون الإسرائيلي فإن كل من يسكن خارج حدود القدس مدة تزيد عن 7 سنوات ولم تكن المدينة هي مركز حياته، فإنه يفقد هويته حتى وإن كان يدفع كل المستحقات والضرائب المترتبة عليه.

وأكمل قائلاً: “هذا القرار يذكرنا بقرار مشابه أصدره الاحتلال في انتفاضة الأقصى عام 2001؛ يومها طلبت حكومة الاحتلال من الذين يحملون هوية زرقاء وسكان القدس تحديداً التبليغ عن سكان الضفة الذين يستأجرون عقارات في القدس، وكان الهدف في ذلك الوقت هو معرفة من يحمل الهوية غير الزرقاء داخل حدود بلدية القدس تمهيداً لطردهم من المناطق المحتلة عام 48”.

وطالب عبيدات السلطة بالتراجع عن هذا القرار، مستطرداً: “إذا كان الهدف منه حماية العقارات المقدسية من التسريب للاحتلال فهذا غير وارد أصلاً، فالعقار باسم صاحبه الفلسطيني ولا تنتقل ملكيته للمستأجر حامل الهوية الزرقاء”، متسائلاً: “كيف يمكن أن يتسرب للاحتلال؟”.

وختم قائلاً: “بدل إصدار مثل هذا القرار الذي يطعن في وطنية وانتماء المقدسيين وفلسطينيي 48، كان الأجدر بالحكومة الفلسطينية أن تصدر النتائج التي توصلت لها لجنة التحقيق التي تشكلت في أعقاب تسريب بيت جودة في بلدة القدس القديمة، والكشف عن المتورطين في هذه الجريمة”.

المقدسي أجنبي 
بدوره قال المحامي المقدسي حمزة قطينة: “إن هذا القرار الذي جاء في مقدمته أنه جاء بعد الاطلاع قانون إيجار وبيع الأموال غير المنقولة للأجانب، يدل على غباء شديد في الفكر والرؤية والتصور، إذ كيف يُمكن اعتبار المقدسي الذي يسكن عاصمة دولته أجنبياً”.

لافتاً إلى أن هذا القرار “يدلل على أن السلطة تخلت فعلياً عن مدينة القدس وسكانها، وكرّست هذا التخلي من خلال الأنظمة والمعاملات، وهذه بحد ذاتها خيانة عظمى”، على حد تعبيره.

وأوضح: “إذا كان الهدف من القرار هو الرقابة والمتابعة لأوضاع العقارات وحائزيها، فإنّ هذا الأمر مطلوب في كل فلسطين بلا استثناء، ومن باب أولى في مدينة القدس بشكل أكبر، بدلاً من ترك عقاراتها مرتعاً للسماسرة والمأجورين”.

وتابع المحامي المقدسي: “معلوم أنّه في كل فئة اجتماعية يوجد الصالح والطالح، وإذا كانت الغاية من القرار هو تفادي خطورة سيطرة بعض المشبوهين على العقارات، فإن هذا الخطر ليس حصراً على بلد معين، ولذلك فإنّ تعميم الأحكام واستخدام الألفاظ العنصرية ينم عن غباء وقلة مسؤولية”.
 
وأضاف قطينة على صفحته في “فيس بوك”: “يمكن تحقيق نفس الغاية بدون الحاجة لإثارة مثل هذه التقسيمات، عبر تفعيل الرقابة والمتابعة والأذون لجميع المواطنين الفلسطينيين بلا استثناء، ما دام هناك حاجة لذلك، والتشدد ضد من تحوم  حوله الشبهات، بصرف النظر عن مكان إقامته”.

صفقة القرن حاضرة
من ناحيته، عدّ الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين قرار السلطة وضع قيود جديدة على استئجار المقدسيين وحملة الهوية الزرقاء عقاراتٍ في الضفة الغربية، قراراً خطيراً وله تبعات سياسية وأمنية تصبّ في مصلحة الاحتلال.

وأضاف عز الدين في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “هذا القرار إنما هو اعتراف من السلطة بسيادة الاحتلال على القدس، وأن المقدسيين ليسوا فلسطينيين، وإنما هم مجرد أجانب، ويؤكد أن جميع قرارات السلطة سواء تجاه القدس أو غزة إنما تندرج في إطار تطبيق صفقة القرن بحذافيرها، رغم معارضتها لها في العلن”.  

وأشار عز الدين إلى أن هذا القرار يلحق ضرراً اقتصاديا ليس بالمقدسيين فحسب؛ وإنما بسكان الضفة الذين يعتمد جزء منهم على الحركة التجارية مع المقدسيين وفلسطينيي الداخل.

وفي معرض رده حول إمكانية رفض السلطة تأجير المقدسيين الرافضين لسياسة السلطة لعقارات في الضفة جزءًا من الضغط الاقتصادي عليهم، أجاب عز الدين: “ما دام وضع تطبيق القرار في يد الوقائي والمخابرات فواردٌ جدًّا استخدامه لابتزاز أنصار حماس أو غير الفتحاويين عمومًا”.

وتابع: “الكثير من التجارب السابقة خاصة تلك المتعلقة باشتراط السلامة الأمنية أو ما يسمى شهادة “حسن السلوك” التي تطلبها الأجهزة الأمنية من المتقدمين للوظائف العمومية وقطع رواتب الموظفين والأسرى المحررين، تثبت أن السلطة لا تتورع عن استخدام أي طريقة من شأنها أن تضيق الخناق اقتصادياً على الرافضين لسياستها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...