فشل للاحتلال أم إنجازٌ للفلسطينيين؟
بنظرة سريعة على تاريخ التصويت على القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية في المؤسسات الدولية نجد أن الأغلبية كانت دائماً تصوت لصالح الفلسطينيين سواء في مجلس الأمن أو في مجلس حقوق الإنسان أو الجمعية العامة ولم تحصل “إسرائيل” على أغلبية إلا في حالات محدودة جداً لجأت فيها لرشوة وابتزاز عدد من الدول في مراحل مبكرة للأمم المتحدة لم تكن بعد كثير من الدول الأعضاء على درايةٍ كافية بما يتعلق بحيثيات القضية الفلسطينية، ولم يكن فيها تمثيل لأغلب الدول العربية التي كانت في حينه تحت الاستعمار كما دول إسلامية كثيرة ودول أخرى في أمريكا اللاتينية وأفريقيا مثل قرار التقسيم عام 1947، والذي حصلت فيه العصابات الصهيونية على أغلبية 33 صوتاً مؤيداً مقابل 13 صوتاً معارضاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن قام بن غوريون برشوة عدد من ممثلي الدول حسب اعترافات “إسرائيل” نفسها.
وفي المقابل مرت قرارات كثيرة لصالح الفلسطينيين مثل القرار رقم 194، وهو يؤكد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض، والقرار 302 الذي أسس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وعام 1974 تبنت الجمعية العامة قرار الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال، في العام نفسه تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وحصلت من خلاله المنظمة على صفة مراقب بالأمم المتحدة باعتبارها حركة تحرر وطني.
هذا بالإضافة إلى منع سلسلة قرارات في مجلس الأمن استخدمت لمنعها الولايات المتحدة حق النقض الفيتو بضعاً وأربعين مرة في انحياز واضح لـ”إسرائيل” على حساب الأغلبية الدولية، وهو ما يعني في سياقه العام اعترافا عالميا واسع بعدالة القضية الفلسطينية، وأنه في حال دمقرطة المؤسسات الدولية فإنه لن يكون مجال لاحتلال أو نظام عنصري أو عدوان أو غيره فضلاً عن جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية ما زالت ترتكب تحت سمع وبصر الأمم المتحدة التي تعجز عن مواجهة فيتو يحميها.
على صعيد المحاولة الأخيرة للاحتلال لتمرير قرار في الجمعية العامة لتجريم المقاومة الفلسطينية لا شك أن نسبة المؤيدين للمقترح مقلقة إلى درجة مرعبة لكل حريصٍ ليس فقط على القضية الفلسطينية بل على قيم العدالة الإنسانية، فتجنيد هذه النسبة من دول العالم حتى لو بالرشوة والابتزاز والتهديد هو مأساة إنسانية، ومن جهة أخرى فشل الفلسطينيون في تجنيد الأغلبية على الأقل من أعضاء الجمعية العامة لرفض المقرح الاحتلالي رغم جرائم الاحتلال ورغم وضوح الجريمة أمرٌ يبعث على القلق، فكيف نفشل في الدفاع عن حقنا وينجح المعتدي بالدفاع عن باطله! ونحتفل والأغلبية ضد عدالة مقاومتنا وقضيتنا.
ليست مدعاة للاحتفال لدى الفلسطينيين ولا لدى أحرار العالم؛ فأن تجد 87 دولة في العالم تدعم الاحتلال هذه كارثة أخلاقية، وإن كان الفلسطينيون -على غير عادتهم- قد توحدوا في العمل لإحباط المشروع الإسرائيلي إلا أن النتيجة تعبير عن فشل دبلوماسي لكل الفلسطينيين الذين أنزلوا قضيتهم الأعدل من بين القضايا إلى هذا المستوى من المهانة في نظر الدول، بدءاً بأوسلو والاعتراف بالاحتلال الذي فتح الطريق لعشرات الدول في العالم لتطبع علاقاتها مع دولة الاحتلتال بعد أن قاطعتها منذ إقامتها نصرة للحق الفلسطيني، ثم التهت “القيادة الفلسطينية” بالصراعات الداخلية وصراع البقاء أمام تسونامي التطبيع العربي والإسلامي حتى جعل القضية الفلسطينية تصبح هامشية إلى هذا الحد.
على “القيادة الفلسطينية” من السلطة والمقاومة اليوم أن تستخلص العبر- بدلاً من المظاهر الكاذبة الخادعة وكأن هناك إنجاز فلسطيني- وأن تعود إلى نفسها ولو قليلا قبل فوات الأوان، فالعدو الذي بدا مؤخراً مقيداً عسكرياً أمام المقاومة، ولم يعد بمقدوره العربدة عسكرياً كما كان سابقاً أصبح يعربد في مجالات أخرى كانت ملعباً للفلسطينيين سابقاً، فنقل السفارات إلى القدس والزيارات التطبيعية من العرب والعجم مع للكيان الاحتلالي وتحصيل أغلبية في الجمعية العامة هي نذر شؤم وأضواء حمراء عليها أن توقظ الفلسطينيين من غفوتهم، وأن يكدّوا دولياً وحقوقياً ودبلوماسياً للدفاع عن قلعتهم الأخيرة، وهي حقهم وعدالة قضيتهم!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ما تأثير طوفان الأقصى على المكانة الدولية لإسرائيل؟
المركز الفلسطيني للإعلام خلصت ورقة علميّة، أعدّها وليد عبد الحي وأصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تحت عنوان: "تأثير طوفان الأقصى على مؤشرات...

عائلات أسرى الاحتلال تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو
المركز الفلسطيني للإعلام طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، اليوم السبت، بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، محذرة من تصعيد القتال في القطاع كونه...

حماس تدين العدوان الصهيوني على سوريا ولبنان
المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدوانَ الصهيوني الغاشم والمتواصل على الأراضي السورية واللبنانية، في تحدٍّ سافرٍ لكلّ...

حماس: شعبنا وعائلاته الأصيلة يشكّلون السدّ المنيع في وجه الفوضى ومخططات الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام حيّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وفي طليعتهم العائلات والعشائر الكريمة، التي...

وجهاء غزة للعالم: كفى صمتا وتحركوا عاجلا لنجدة غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان وجهاء قطاع غزة وعشائرها -اليوم السبت- استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الغذاء والتجويع "سلاحا" ضد أبناء القطاع،...

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

القسام يبث تسجيلا لأسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف قبل أسابيع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، تسجيلا مصورا لأسير إسرائيلي قال فيه، إنه يحمل الرقم 24، وإنه...