الخميس 08/مايو/2025

الدور الإسرائيلي في المصالحة الفلسطينية

وليد عبد الحي

ليس أمرا صعبا تصور مدى النفوذ الاسرائيلي على السلوك السياسي العملي أو التطبيقي للسلطة الفلسطينية،؛ أما السلوك اللفظي (التصريحات والبيانات والقرارات من المجالس الشكلية لمنظمة التحرير) فقد اعتادت أُذُن الحكومة الاسرائيلية على عدم إيلائه أي اهتمام بل قد تشجعه أحيانا، وضمن هذا السياق لا بد من ترك المواقف اللفظية التي تصدر عن خرائب منظمة التحرير مثل اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي والوطني..الخ، والتي لم ينفذ من قراراتها أي قرار إلا ما توافق عليه “إسرائيل”.

إن ما يجب التركيز عليه هو مدى التطابق بين المطالب الإسرائيلية وشروط المصالحة التي تضعها السلطة الفلسطينية وكيفية التنسيق بين الطرفين في الجانب التطبيقي:

أولا: المطالب، وتشمل المطالب المشتركة والمعلنة لكل من سلطة التنسيق الأمني و”إسرائيل” معا ما يلي:
1- بسط سلطة السلطة الفلسطينية على كل غزة، دون استثناء أي مرفق من مرافقها.
2- التوقف عن كل أشكال المقاومة للاحتلال في الضفة وغزة.
3- ضرورة نزع سلاح المقاومة في غزة ووضعه بيد السلطة.
4- تطبيق التنسيق الأمني المطبق في الضفة الغربية على قطاع غزة وبنفس الفعالية (العمليات الأمنية المشتركة، وكشف الخلايا، وتبادل المعلومات وصولا لتصليح العجلات للمركبات الأمنية). 
5- ضرورة خضوع قوى المقاومة في غزة لكل الاتفاقات الدولية التي أبرمتها السلطة مع “إسرائيل”.
6- الوعد بانتخابات رئاسية وبرلمانية فلسطينية دون إجرائها فعليا طالما أن استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال كبير لهزيمة فتح.

ثانيا: السياسات التطبيقية المشتركة بين “إسرائيل” وسلطة التنسيق الأمني تجاه غزة:
أ‌- تنسيق سياسات الحصار بين الأجهزة الإسرائيلية وسلطة التنسيق الأمني؛ فالطرف الإسرائيلي يتحكم في دخول وخروج الأفراد والسلع، بينما الطرف الفلسطيني يقوم بوقف الدعم المالي ودفع الرواتب ووقف أية مشروعات تنموية بل والاحتجاج على أية مساعدات خارجية لغزة.
ب‌- التنسيق الإعلامي: فالمراقبة للإعلام الاسرائيلي وإعلام خرائب منظمة التحرير يدل على تصاعد وخفوت الحملات الإعلامية معا، بل إن تحليل مضمون هذه الحملات والتصريحات يدل على تطابق في العديد من المفردات والسياق الذي ترد فيه هذه المفردات من ناحية والمضمون من ناحية أخرى، فوزير “الدفاع” الاسرائيلي السابق ليبرمان استخدم تعبير “عدم الثقة في حماس” وبنفس المعنى والسياق الذي استخدمه أحد غربان خرائب منظمة التحرير الفلسطينية قبل يومين.
ت‌- في حالة تعثر مفاوضات المصالحة وعدم تقدمها بالشكل المطلوب إسرائيليا -لأي سبب- تتدخل “إسرائيل” بالعمليات العسكرية المباشرة (القصف الجوي والمدفعي والعمليات الأمنية كما حدث مؤخرا) للضغط على قوى المقاومة، بينما -ولقصر ذات اليد- تساهم سلطة التنسيق الأمني بالضغط من خلال افتعال عمليات أمنية داخل غزة كما جرى في “مسرحية محاولة اغتيال رئيس وزراء التنسيق الأمني”.

إن فشل المصالحة -من منظوري- هو دليل صحي على أن الثنائي “إسرائيل” وسلطة التنسيق الأمني عاجزتان عن فرض شروطهما، وهو ما يعني أن المستقبل سينطوي على المزيد من الضغوط (العصا وبدون جزرة)، وهو ما يستدعي اقصى درجات اليقظة والوعي والابتعاد عن التصريحات النارية والضجيج الإعلامي من قبل المقاومة من ناحية، والتنبه لكل المساعدات “المسمومة” التي قد تقدمها بعض الدول للمقاومة كحق يراد به باطل من ناحية ثانية بخاصة من فرسان ” دبلوماسية الانابة”(Proxy Diplomacy )، ويبدو لي أن العامين القادمين سيكونان أكثر الأعوام قسوة في تاريخ المقاومة الفلسطينية المعاصرة… ربما.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات