الحاضنة الشعبية.. جيشٌ في خدمة المقاومة الفلسطينية

منذ فرضه للحصار على قطاع غزة قبل 12 عامًا، يراهن العدو الصهيوني وأعوانه على انفكاك الحاضنة الشعبية عن المقاومة والانقضاض عليها، إلا أنّ الأيام تثبت أنّ كل ما يقوم الاحتلال يأتي بنتائج عكسية تدفع الناس للالتفاف حول خيار المقاومة أكثر فأكثر.

الأهم من ذلك أنّ قيادة المقاومة في غزة تعرف كيف تدير المعركة مع الاحتلال حتى في طريقة استغلاله للحاضنة الشعبية، وتصب جهودها في تنمية وتطوير هذه الحاضنة، حتى بات هذا واضحاً بعد عملية خان يونس الأخيرة، وتداعيات نشرها لصور أعضاء القوة الصهيونية الخاصة، ودعوة الناس للمشاركة في الكشف عنهم.

الكثير من المكافآت التي أعلنها تجار ورجال أعمال وحتى ميسوري الحال لمن يدلي بأي معلومة للمقاومة حول هؤلاء المطلوبين.

وبعد أيام من بدء هذه المعركة الأمنية، غرد الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بتغريدة شكر للشعب الفلسطيني قال فيها: “لقد قدم أهلنا وشعبنا في كل أماكن تواجده وأحرار أمتنا الكثير من المعلومات المهمة والقيمة التي تخدم المقاومة فيما يخص تداعيات عملية ‎حد السيف والتي استفدنا منها بشكل حقيقي، وساعدت ولا تزال في تتبع خيوط العملية الصهيونية الفاشلة، وذلك بعد نشرنا لصور أفراد القوة الصهيونية الخاصة”.

وأضاف: “نشكر ونحيي أبناء شعبنا في كل الساحات، الذين أثبتوا أنهم على قدر المسئولية والرهان، وأنهم السند الحقيقي للمقاومة، وندعوهم للمزيد من التفاعل والإسناد للمقاومة في هذه القضية”.

حليف طبيعي
المحلل في الشؤون العسكري رامي أبو زبيدة، يؤكّد أنّ الحاضنة الشعبية اليوم تفكر وتقدر وتنقد أيضاً، ويهمها دائماً معرفة ما يجري، وما تريد القيادة أن تقوم به ولماذا، ومتى، “ويهمهم أيضاً أن يتأكدوا من أن قادتهم يعملون لمصلحتهم، وأنهم بين أيد أمينة”.

ويشير في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أهميه التأييد الشعبي قبل البدء في أي معركة أو مواجهة عسكرية، مبيناً أنّه لا يمكن للحرب أن تقوم ضد إرادة شعبية، أو حتى في ظل لا مبالاة شعبية.

وأضاف: “التأييد الشعبي هو الحليف الطبيعي لقوى المقاومة، ولهذا أجمع مفكرو حرب العصابات على ضرورة الحصول على المساندة الشعبية حتى تنجح حرب العصابات”، لافتاً إلى حاجة المقاومة للتأييد الشعبي لتعويض التفوق المادي المعادي.

وكان المتحدث باسم حركة “حماس” حازم قاسم، أكّد في تصريح صحفي، أنّ تفاعل جماهير شعبنا وأمتنا مع جهد كتائب القسام في كشف مزيد من المعلومات عن الوحدة الإسرائيلية الخاصة، يؤكد الارتباط العميق بين المقاومة وحاضنتها الشعبية في داخل فلسطين، والانتماء المتزايد لجماهير الأمة مع خيار المقاومة.

نضوج سياسي
الصحفي والمتابع للشأن الفلسطيني عبد الرحمن الحسيني، أشار إلى أنّ الشعب الفلسطيني وصل إلى مرحلة متطورة من النضوج السياسي والوعي لما يحاك له في الخفاء.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” “الوعي الجمعي للناس جعلهم يدركون أهمية المقاومة، سيما بعد فشل مسارات التسوية والمفاوضات والحلول التسويفية، حتى أصبح المجتمع أكثر التصاقا بتلك المقاومة والتي أثبتت تطورها السياسي والعسكري والأمني والتخطيطي، والتي كان آخرها المعركة الأخيرة التي ثبتت فيها المقاومة الفلسطينية حالة الردع”.

تماسك ملحوظ
الكاتب والمحلل السياسي فهمي شراب، وصف الحال التي عليه الحاضنة الشعبية بأنّها الأفضل، مضيفًا: “الحاضنة الشعبية باتت في تماسك ملحوظ، وتراجع للأصوات التي كان تزعم أنّ المقاومة تعمل لحركة حماس فقط، وأيقن هؤلاء أنّ المقاومة شيء حقيقي وملموس وله تأثير إيجابي”.

ويؤكّد شراب لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ نضوج المقاومة شكل أثرًا إيجابيًّا على الحاضنة الشعبية الذي بات واضحًا في جولة التصعيد الأخيرة وما تخللها من استهداف دقيق للأهداف الإسرائيلية ومرحلة النضج المتقدمة في إدارة المعركة.

ويضيف: “التطور الحاصل أنّ المقاومة باتت تحصد سياسيًّا، على عكس ما كان في الماضي حيث كانت المقاومة تبدع فيما يوازي ذلك فشل سياسي، أما الآن فبات الحصاد السياسي ملموسا ويؤثر في حياة الناس ومعيشتهم وتقبلهم أكثر فأكثر للمقاومة بشكل أعمق من قبل”.

ويعتقد المحلل السياسي، أنّ توزيع المساعدات المالية مؤخرًا، كان له الأثر الإيجابي، حيث لم تقتصر تلك المساعدات على أفراد حماس أو مناصريها، بل شملت كل أبناء الشعب الفلسطيني بلا استثناء، وهو ما كان له مردود فوري وسريع، وهو ما يثّبت أركان حماس لسنوات قادمة دون أي معارضة تذكر”.