الخميس 08/مايو/2025

معتقل عتصيون.. هلكوست إسرائيلي خارج إطار الرقابة

معتقل عتصيون.. هلكوست إسرائيلي خارج إطار الرقابة

على بعد نحو ثلاثة كيلو مترات من مخيم العروب شمال مدينة الخليل، وداخل مستوطنة يقع مركز توقيف واعتقال كفار عتصيون الذي يعدّ المحطة الأولى لاعتقال الأسرى من منطقة الجنوب الفلسطيني (محافظتي الخليل وبيت لحم).

هذا المعتقل يخضع لوزارة الجيش الإسرائيلي وليس لإدارة مصلحة السجون، لذلك يشرف على إدارته الجيش، والسجانون داخله من قواته، ولا يتمتع فيه السجين بأدنى حق من حقوقه المسموح بها، فالسجن في الغالب محطة عذاب وألم للسجين، وفي الغالب يتعرض فيه الأسرى لاعتداءات الجيش الهمجية بلا رقيب ولا عتيد.

همجية الجيش
بمجرد دخول الأسير الفلسطيني إلى هذا المعتقل (المعسكر) يتلقى كيلا من الاعتداءات والضرب والركل والإهانة، فلا أنظمة ولا قوانين ولا طعام منتظم، ولا علاج للأسرى ولا وسائل اتصال ولا تمثيل للأسرى.

الحياة داخل هذا المعتقل أشبه بمعسكرات الاعتقال النازي، فهو هولوكوست منظم لا يخضع لرقابة المؤسسات الحقوقية والدولية، ولا يسمح للمحامين بزيارته إلا بصعوبة بالغة، ولأنه المحطة الأولى في اعتقال الفلسطينيين فلا حرمة فيه لأحد، والكل فيه متهم ومجرم في نظر الجنود رغم أنهم لم يحقق معهم ولم يقدموا لمحاكمة، ولم تقدم لهم النيابة أية تهمة.

أمام همجية المعاملة العنصرية داخل معتقل عتصيون  للأسرى الفلسطينيين تقدم نادي الأسير الفلسطيني بالتماس لما يسمى بالمحكمة العليا الإسرائيلية وترافع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين عدد من المحامين من الداخل الفلسطيني، إلا أن المحكمة ردت الاستئناف دون مبالاة.

وعدّ أمجد النجار مدير نادي الأسير الفلسطيني أن معتقل عتصيون هو معسكر اعتقال نازي يمارس الهولوكوست ضد الفلسطينيين ، فلا تسوسه قوانين، ويتحكم في إدارته جنود الاحتلال، فلا يخضع لوزارة الأمن الداخلي ومصلحة إدارة السجون.

قال النجار في حديث خاص لمراسلنا: “الأسير الفلسطيني في هذا المعتقل يتعرض للموت والأذى والتعذيب بلا رقيب ولا عتيد، والهدف من ذلك كسر إرادته ومعنوياته وصموده قبل الذهاب إلى التحقيق والنيابة العسكرية والمحكمة حتى يسهل السيطرة عليه وإدانته”.

محاكمة “إسرائيل”
ووصف شعوان جبارين مدير عام مؤسسة الحق ممارسات جيش الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين في معتقل عتصيون وغيره من المعتقلات الإسرائيلية بأنها خارجة عن إطار القانون الدولي الإنساني ومخالفة لاتفاقيات جنيف الرابعة.

وأشار جبارين في حديث خاص لمراسلنا: “لقد رصدنا العشرات من الحالات لأسرى فلسطينيين تعرضوا للتعذيب والاعتداء والضرب داخل معتقل عتصيون، وتمكنا من الحصول على شهادات حية من أسرى تعرضوا للتعذيب وقمنا برفعها وفق تقارير دولية لمنظمات حقوقية عالمية، ولا بد من تطوير الأمر لمحاكمة إسرائيل أمام محكمة الجنايات الدولية لتنكرها للقانون الدولي الإنساني، وممارستها التعذيب ضد الفلسطينيين خارج إطار القانون”.

نقلت محامية نادي الأسير الفلسطيني جاكلين الفرارجة عن الأسير عمر محمد شحادة (26 عاماً) من مخيم العروب تفاصيل التنكيل به على يد جنود الاحتلال في معتقل “عتصيون”، وذلك عقب استدعائه لدى مخابرات الاحتلال واعتقاله لاحقاً في تاريخ الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. 

وقال الأسير شحادة للمحامية خلال زيارة أجرتها له: “إن أربعة جنود انهالوا عليه بالضرب المبرّح على أنحاء جسده كافة، حيث ضربه أحد الجنود  بعصا، وآخر ضربه على ظهره بعد القفز عليه، وسبق ذلك  تركه ملقى على الأرض في البرد القارس لساعات وهو مقيد اليدين، وشتمه بألفاظ نابية.” 

وذكر الأسير ومجموعة أخرى من الأسرى الذين شاهدوا الحادثة أن عملية الاعتداء تمت أمام الضباط المسؤول عن معتقل “عتصيون”.  كما وأكدت المحامية الفرارجة أن آثار الضرب ظاهرة على جسد الأسير ورفضت إدارة المعتقل علاجه وبقي على الأرض مضرجا بدمائه.  

وفي شهادة أخرى للأسير محمد حسن نواورة من بيت لحم تقدم بها لمحامي الهيئة الحقوقية الفلسطينية العاملة بالداخل الفلسطيني ببلدة سخنين، فإنه يعاني من كسر في يده اليمنى، وكان من المقرر إجراء عملية جراحية له، إلا أن اعتقاله منعه من استكمال علاجه، كما أن ظروف احتجازه في معتقل “عتصيون” فاقمت من وضعه الصحي خاصة مع برودة الطقس، وافتقار المعتقل إلى أدنى الظروف الصحية إضافة إلى ضربه من الجنود في معتقل عتصيون على يده المكسورة. 

وتعقيباً على جرائم معتقل عتصيون بحق الأسرى الفلسطينيين أصدر نادي الأسير الفلسطيني بيانا يوم الأحد الماضي 18/11/2018، قال فيه إن قوات الاحتلال صعّدت من عمليات التعذيب بحق المعتقلين خلال الآونة الأخيرة، لاسيما أثناء عمليات الاعتقال، مشيراً إلى أن ما نسبته 95% من المعتقلين يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي.

وجدد مطالبته للمؤسسات الحقوقية الدولية العاملة في فلسطين بالتوقف عن الصمت حيال ما يجري بحق المعتقلين من عمليات اعتداء وتعذيب ممنهجة  في معتقل عتصيون.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات