السبت 19/أكتوبر/2024

يرحلون … وغزة باقية

رشيد حسن

القارئون لسفر غزة الخالد، لن يفاجئوا بصفعها للإرهابي.. حارس الماخور ليبرمان، وزير حرب العدو، وسيجدون في السفر المشرق، أنها أسقطت حكومة يهودا أولمرت، وأسقطت وزير حرب العدو الأسبق الجنرال الأشهر باراك، وغيره من الجنرالات الذين وقفوا مدهوشين أمام بسالتها.. مذهولين.. صاغرين.. وقد انتصر الدم على السيف.

القارئون لهذا التاريخ المجيد سيجدون أيضاً أن رجل “إسرائيل” القوي الجنرال إسحاق رابين، قد تمنى ذات يوم أن يصحو وقد غرقت غزة في البحر.. قتل رابين، وبقيت غزة صامده مقاومة. وسيجدون أيضاً أن غزة هزمت في ذروة المقاومة في أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي الإرهابي شارون.

فكان الفدائيون البواسل وعلى رأسهم القائد محمد الأسود «جيفارا غزة»، يحررون غزة ليلاً، ليعاود شارون احتلالها نهاراً، وهكذا.. أرهقته غزة، وأجبرته أخيراً على الانسحاب، وتفكيك المستوطنات.. ومات شارون وبقيت غزة صامدة، مقاومة.

وها هي غزة، ورغم الحصار (اثنا عشر عاماً) ورغم تكالب قوى الشر عليها، تنتصر على الفاشيين الجدد، بقيادة نتنياهو وليبرمان، وقد هددوا بمسحها عن الوجود، ولكنها تفاجئهم بأسلحة جديدة (صاروخ كورنيت) الذي دمر حافلة لجنود العدو، وتفاجئهم بصواريخ جديدة، تسقط على أسدود وعسقلان المحتلتين، وتجبر 250 ألف مستوطن على الهروب من مستعمراتهم إلى الشمال، وتفاجئهم بإفشال إنزال للمستعربين في خان يونس، وتقتل قائدهم، وتحاصر المجموعة، ولولا تدخل طيران العدو الكثيف لتم أسرهم جميعاً.

غزة المقاومة هذه.. هي التي هزمت العدو، وزرعت الخوف والرعب في قلب المستوطنين، وفي قلب الإرهابي نتنياهو وجنرالاته.. فقرروا عدم الاستمرار في العدوان وقبول التهدئة خوفا من الخسائر الفادحة المتوقعة في صفوف الجيش الإسرائيلي، على غرار ما حدث في وادي «حجير» في جنوب لبنان، إذ تمكنت المقاومة اللبنانية من تدمير (60) دبابة «ميركافا»…فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية، بصواريخ (كورنيت)، والتي أصبحت اليوم في حوزة المقاومة في غزة، وها هي تدمر حافلة لجيش العدو.

المقاومة الباسلة هذه.. فرضت معادلة جديدة في الصراع (توازن الرعب) وها هي تنذر العدو (اذا عدتم عدنا) ما يُعني بصريح العبارة، أن الوضع بعد العدوان الأخير، لن يكون كما كان قبله، وهذا يفرض معادلات جديدة، أهمها في تقديرنا:

أولاً: إن العدو الصهيوني أصبح أمام واقع جديد، أمام تحول خطير، فلم يعد كما كان حراً طليقاً، يطلق النار على المتظاهرين ويروعهم، ويقتل الأطفال والنساء، ويحول غزة إلى ركام، إن أي عدوان جديد على غزة سيقابل برد عنيف، يجبر الألف المستوطنين الهروب إلى الشمال ويوقع خسائر فادحة في قوات العدو إذا فكر باجتياح غزة.

ثانياً: لقد فشلت (القبة الحديدة) في اعتراض صواريخ غزة، وأسقطت فقط 10% من هذه الصواريخ ما يشي أن الجولة القادمة من العدوان، ستقابل برد أعنف، وأن عدد الصواريخ التي تضرب تجمعات ومستوطنات العدو، ستكون أكثر، وأعنف، وبفاعلية أقوى.

ثالثاً: هذا الواقع الجديد، ولنقل هذا الانتصار، الذي أحرزته المقاومة في غزة، يمهد الطريق لمصالحة تاريخية بين فتح وحماس، بعد أن وقف الشعب الفلسطيني كله، قيادة وشعباً، وفصائل وأحزاب ونخب، في خندق واحد لصد العدوان، وبعد أن ثبت أن التهدئة لا مكان لها في قاموس العدو، الذي يستغلها في تحقيق أهدافه الفاشية التوسعية.

ومن هنا..
نأمل من الدول الشقيقة، التي عملت وتعمل على التهدئة، ويحاول البعض أن يغلفها بطابع إنساني، أن تركز جهودها على دعم المصالحة، فهي أولى أولويات العمل الوطني الفلسطيني، وهي الشرط الأساسي، لإفشال مخططات وخطط العدو الصهيو- أميريكي.

باختصار..
المجد لغزة، الصامدة المقاومة، التي أكدت على حقيقة الحقائق، وهي أن المقاومة المسلحة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو، وهي اللغة الوحيدة لإفشال المؤامرات الصهيونية الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها (صفعة القرن)، وهي الشرط الوحيد لتحقيق الحلم الفلسطيني في العودة، وإقامة الدولة.

المجد لغزة – العزة.. والرحمة للشهداء..

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

أبو زهري: شمال غزة يتعرص لإبادة كاملة

أبو زهري: شمال غزة يتعرص لإبادة كاملة

إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام أكد القيادي في حركة حماس، سامي أبو زهري أن بشاعة الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في شمال غزة هي أكبر من أن...