الأسير رزق الرجوب.. أيقونة الأسر والمقاومة

في منطقة كريسة غربي مدينة دورا، وعلى هضبة مرتفعة تطل على مدن الساحل الفلسطيني يقف منزل شامخ بشموخ صاحبه الحاج رزق عبد الله مسلم الرجوب (60 عامًا)، والذي اقتحمه الاحتلال عدة مرات لاعتقال الحاج الرجوب، فكان الاقتحام قبل الاعتقال الأخير والأكثر عنفًا وتخريبًا؛ حيث دمر الاحتلال واجهات داخلية للمنزل، وحفر الأرضيات واقتلع البلاط، وثقب السطح وخرب كل شيء تحت حجة البحث عن سلاح.

القائد القسامي

الحاج رزق الرجوب في نظر الاحتلال قائد قسامي ملهم، كان رفيق درب القائد القسامي حسن سلامة، الذي أشرف على تنفيذ عمليات الثأر لاستشهاد المهندس يحيى عياش، والتي أدت إلى مقتل وإصابة المئات من الصهاينة.

اعتقل الرجوب وهو يقود سيارة شحن كان بداخلها حسن سلامة، في منطقة بئر الحمص بمدينة الخليل عام 1996م، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات متواصلة، كما اعتقل القائد حسن سلامة من داخل المستشفى الحكومي بعد إصابته برصاص الاحتلال بعد انسحابه من المنطقة، وإثر إطلاق النار عليه، وحكم عليه 48 مؤبدًا وثلاثين عامًا، أي 1175 عامًا.

قنبلة موقوتة

الحاج رزق الرجوب في نظر الشاباك قنبلة موقوتة يخشاها في كل لحظة، لذلك لم يحظ بساعة استقرار وهدوء مع عائلته وأسرته وأبنائه، فاعتقل مرات عديدة، ولا زال يعاني مرارة الأسر في سجون الاحتلال.

اليوم دخل القيادي في حماس، الأسير الرجوب يومه الثاني عشر في الإضراب المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال، احتجاجًا على اعتقاله الإداري في ظل ظروف صحية صعبة للغاية.

الإضراب عن الطعام

وقد قرر الأسير الرجوب العودة للإضراب للمرة الثالثة على التوالي خلال اعتقاله الحالي نتيجة مماطلة الاحتلال وتنكره للوعود التي قطعها للأسير الرجوب خلال إضرابين سابقين في ديسمبر من العام 2017 ومايو الماضي وخشية من تجديد الإداري بحقه لمرة ثالثة.

وقال نجله أحمد: “اعتقلت سلطات الاحتلال والدي بتاريخ (6-12-2017)، ولم يمض على إطلاق سراحه من الاعتقال الذي سبقه سوى أسبوع واحد، فيما خيره الاحتلال ما بين الموافقة على الإبعاد إلى السودان أو الاعتقال الإداري، الأمر الذي دفعه لخوض إضراب استمر 25 يومًا، إلى أن توصل لاتفاق مع الاحتلال على تحويل ملفه لقضية، وفى حال لم يثبت بحقه شيء، يطلق سراحه، ورفض فكرة الإبعاد.

حقد الاحتلال

وأضاف نجله أحمد في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “لقد نكث الاحتلال بوعده وأصدر قرار اعتقال إداري جديد بحق والدي 6 أشهر، الأمر الذي دفعه للعودة مرة أخرى للإضراب، والذي استمر 10 أيام متتالية وعلق إضرابه الثاني بعد تلقى وعد آخر بعدم تجديد الإداري له لمرة ثانية، إلا أن الاحتلال نكث مرة أخرى بوعده، وجدد له الاعتقال الإداري لفترة ثانية ستة أشهر التي ستنتهي خلال أيام، وخشية من تمديده مرة ثالثة قرر الدخول في إضراب جديد للضغط على سلطات مصلحة السجون لكي لا يدخل تجديدًا ثالثًا، وهو الآن مضرب منذ 12 يومًا، ووضعه الصحي متردٍّ بسب معاناته من عدة أمراض أهمها فقر الدم”.

محنة المرض

وتخشى زوجته أم أحمد على حياته، التي تعرفها عن قرب، بسبب تردي وضعه الصحي فتقول: “الحاج رزق مريض جدًّا ويعاني من آلام دائمة في المعدة والقولون والمرارة، وقد أجريت له وهو خارج السجن عدة عمليات جراحية”.

وأبدت أم أحمد في حديث خاص لمراسلنا، خوفها على الحاج رزق من فقر الدم الذي يهدد حياته؛ حيث “تتراجع نسبة الهيوموغلوبين في دمه في الكثير من الأحيان لتصل إلى 6، وهذا يحتاج إلى علاج مركز وتغذية مركزة، فكيف عندما يكون مضربًا عن الطعام؟!، فإن ذلك يعني أنه في دائرة الخطر”.

القائد الصامت

النائب عن حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني الشيخ نايف الرجوب يشيد بصمود وثبات القائد الأسير الحاج رزق الرجوب فيقول: “الأخ أبو أحمد الرجوب قائد صامت هادئ ينزعج الاحتلال منه حتى وهو نائم في بيته.. أفنى زهرة شبابه في سجون الاحتلال”.

ويضيف النائب الرجوب في حديث خاص لمراسلنا: “عشنا مع أبي أحمد في السجون والمعتقلات، فكان مريضًا صابرًا محتسبًا وصلبًا لا يعرف الشكوى ولا الجهر بالألم.. ضحى كثيرًا، وتعرض للقمع والتعذيب كثيرًا، لكنه صامد كالطود، لا تهزه الرياح ولا محن الاحتلال رغم المرض المصاحب له على مدار الساعة”.

أمضى القيادي في حركة حماس، الأسير رزق الرجوب نحو 23 عامًا في سجون الاحتلال، ولم يستقر في حياته بعد كل اعتقال، فسرعان ما تعاجله قوات الاحتلال بالاعتقال مرة جديدة فور الإفراج عنه؛ فقد جرى اعتقاله عام 2017م بعد أسبوع من الإفراج عنه بعد اعتقال إداري استمر 29 شهرًا.