الأربعاء 26/يونيو/2024

عائشة الرابي.. عندما تنمّر المستوطنون وعجزت السلطة

عائشة الرابي.. عندما تنمّر المستوطنون وعجزت السلطة

بين ظُهر الخميس ومساء الجمعة مسافة قصيرة، لكنها تختصر ما آل إليه حال الضفة المحتلة بعد سنوات من التنسيق الأمني، من تنمّر المستوطنين، وعجز السلطة عن حماية مواطنيها.

عائشة الرابي “أم محمد” كانت عائدة هي وزوجها من زيارة ابنتهما في الخليل جنوب الضفة المحتلة إلى منزلهما في بلدة بديا غرب سلفيت، عندما وقعا في كمين للمستوطنين قرب حاجز زعترة جنوب نابلس.

في ثوان معدودات أصاب حجر ألقاه المستوطنون الزجاج الأمامي للمركبة، فأصيبت عائشة برأسها إصابة مباشرة، وما لبثت أن استشهدت فور وصولها إلى مركز طوارئ بلدة حوارة.

فرحة لم تكتمل
عائشة، ذات الثماني والأربعين عاما، كانت تجهز لزفاف ابنتها بعد أسبوعين، لكن هذه الفرحة لم تكتمل، مثلما لم تكتمل فرحتها قبل سنوات بزفاف شقيقها فوزان بولاد، الذي استشهد يوم زفافه.

استشهاد عائشة جاء بعد أقل من يومين من عملية الطعن التي نفذها الشاب معز أحمد قاسم من بلدة جماعين، على حاجز حوارة، وأصيب فيها جندي صهيوني بجراح خطيرة في صدره، ولم ينته ذلك اليوم حتى وصل الاحتلال للمنفذ واعتقله.

هذا التزامن طرح أسئلة مشحونة بالأسى في أوساط المواطنين الذين قارنوا بين إجراءات الاحتلال بعد حادثة الخميس، وإجراءات السلطة بعد جريمة الجمعة.

وعاشت كل محافظة نابلس يوم الخميس لحظات صعبة عندما فرض الاحتلال حصارا مشددا على المدينة، وانتشر مئات الجنود والآليات العسكرية على الطرق وداخل القرى والبلدات، تحت غطاء من طائرات الاستطلاع، وحرم آلاف المواطنين من الوصول إلى منازلهم.

في الوقت ذاته، كان مئات المستوطنين يمارسون هوايتهم المفضلة بالعربدة والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم، وقطع الطرق بين نابلس ومحيطها، دون أي تدخل من قوات الاحتلال.

عجز السلطة!
لكن جريمة قتل عائشة مرت مرور الكرام لدى السلطة وأجهزتها الأمنية، والتي لا يدخل ضمن اختصاصها ووظائفها المحددة في اتفاق أوسلو حماية مواطنيها من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين، وتقتصر علاقتها بالمستوطنين بإعادة من يدخل منهم إلى مناطق سيطرتها المؤقتة.

هذا التناقض دفع عدنان ملحم، وهو أكاديمي فتحاوي، لكتابة منشور على “الفيسبوك” عقب استشهاد عائشة، يسخر فيه من هذا الحال، جاء فيه: “نريد طائرات زنانة تبحث عن القتلة. نريد فرقا تصادر الكاميرات الموزعة على جوانب الطرق وفي أعلى العمارات والمحلات التجارية تفتش عن صور المجرمين”.


تشييع الشهيدة عائشة رابي

وأضاف: “نريد قوات تعتقل أمهات وأخوات وجيران وأصحاب القتلة. نريد حواجز تغلق بوابات المستعمرات وتبحث عن كل من له علاقة بجريمة الاغتيال الجبانة. نريد تحويل سيارات المستعمرين إلى طرق التفافية لا تخطر على بال أحد. نريد مداهمات ليلية تكسر وتحطم غرف نوم كل من تلطخت يده بدم الأم المغتالة”.

ومثله كتب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، مشيرًا إلى أنه “حتى الآن لم يصدر استنكار رسمي فلسطيني (من السلطة)، بحيث يربط بين هذه الحادثة وبين عنف وإجرام المستوطنين، وخطورة وجودهم في الضفة الغربية ودور الجيش (الإسرائيلي) في توفير الحماية والغطاء لهم”.

ماذا لو؟
حاجز زعترة الذي استشهدت عليه عائشة، لا يبعد كثيرا عن بلدة حارس التي يمضي خمسة من أبنائها حكما بالسجن 15 عاما، لتسببهم بقتل مستوطنة.

ففي عام 2013 قتلت مستوطنة بعد اصطدام مركباتها بشاحنة على الطريق الرئيس قرب بلد حارس، وعلى إثر ذلك اعتقل الاحتلال خمسة فتية، وهم علي شملاوي، ومحمد كليب، ومحمد سليمان، وتامر صوف، وعمار صوف، وجميعهم كانت أعمارهم تتراوح ما بين 15 و16 عاما.

ورغم كونهم أطفالا قاصرين، إلا أن نيابة الاحتلال طلبت إنزال حكم المؤبد بحقهم، لرشقهم سيارة المستوطنة بالحجارة وتسببهم بمقتلها، وخفض الحكم إلى 15 عاما.

وفي هذا السياق، جاء تساؤل الحقوقي دويك: ماذا سيحدث لو كان ملقي الحجارة عربيا والمقتول مستوطنة يهودية؟

وعدد العقوبات السريعة المتوقعة، بدءًا من إغلاق المنطقة، وفرض حظر تجول عليها، وتنفيذ حملة اعتقالات جماعية والاستمرار في الإجراءات إلى حين إلقاء القبض على المشتبه بهم.

ويضيف “بعد الكشف عن المتهم وإغلاق منزله تمهيدا لهدمه، فرض حكم مؤبد مدى الحياة على المتهم، وهدم منزله، وعقوبات على عائلته تشمل منع السفر أو الحصول على تصاريح إلى “إسرائيل”.


الشهيدة الرابي مع عائلتها

غصة!
حادث استشهاد عائشة تركت غصة في قلب والدة الأسير علي شملاوي، ليس حزنا على الشهيدة وحسب، بل على الظلم الذي يعيشه الفلسطيني تحت احتلال جائر، وسلطة عاجزة.

وقالت والدة الأسير شملاوي: “قبل خمس سنوات اتهم ابني (16 عاما) بإلقاء الحجارة على سيارات المستوطنين وحكم عليه بالسجن 15 سنة، ودفع 30 ألف شيكل، وما زال ابني في السجون الإسرائيلية، ترى من سيحاكم قتلة هذه السيدة؟؟؟”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، منزلين في رام الله وأريحا، ضمن انتهاكاتها المتصاعدة ضد...

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، 19 مواطنًا على الأقل، منهم والدة مطارد، خلال حملة دهم - فجر الأربعاء- في...