الثلاثاء 13/مايو/2025

لماذا يستأثر أبناء المسؤولين بالوظائف العليا للسلطة؟

لماذا يستأثر أبناء المسؤولين بالوظائف العليا للسلطة؟

يُصدم المواطن الفلسطيني بين الفينة والأخرى بأخبار عن وظائف رسمية رفيعة في السلطة، ذهبت إلى ابن هذا المسؤول أو ابن ذاك الوزير، دون امتلاكه المؤهلات المطلوبة، فيما يشكو الآلاف من حمَلة مختلف الشهادات العلمية، غياب تكافؤ الفرص بالتعيين.

أحدث مثال على ذلك، وثيقة تداولها نشطاء مؤخرا لكتاب تعيين موقّع من وزير الخارجية في حكومة الحمد الله، رياض المالكي، يقضي بنقل شيماء محمود الهباش من ديوان قاضي القضاة الذي يرأسه والدها، إلى القنصلية العامة لفلسطين في اسطنبول.

واتكأ المالكي في قراره على توصية لجنة السفارات، واعتمادٍ من رئيس السلطة محمود عباس، معللا ذلك بعبارة “تحقيقًا لمقتضيات المصلحة العامة”.!

وأثارت الطريقة التي عيّنت بها ابنة الهباش، استهجانا من المتابعين، وأعادت إلى الأذهان كيف انتقلت شقيقتها “إسراء” من ديوان الرئاسة الذي التحقت به فور تخرجها في الجامعة وعملت أشهرًا معدودة، إلى ديوان الهباش، وبدرجة مدير “C”.

ولم تكد تخبو هذه القضية، حتى وقع سجال بين نقابة المحامين والنيابة العامة برام الله، بسبب الطريقة التي جرت فيها الاختبارات لاختيار معاوني وكلاء النيابة.

وعلى إثر الخلاف، انسحبت نقابة المحامين من لجنة الاختبارات؛ لكون الاختيار لم يتفق ومبدأ تكافؤ الفرص والمساواة، ولم يتماشَ مع معايير الشفّافية والمصداقية.

وانتشرت على مواقع التواصل أسماء معاوني النيابة الذين قبِلوا، وعددهم 25، من أصل أكثر من 800 مرشح.

وتقول مصادر من داخل نقابة المحامين: إن ستة على الأقل من المقبولين هم أبناء وأقارب لمسؤولين في السلطة، ما يستدعي التحقيق بالأمر في شبهة الفساد.

بدورها نفت النيابة العامة اتهامات نقابة المحامين، وأكدت أن إجراءات الاختبار بجميع مراحله تمت حسب الأصول، وأنها حريصة على اختيار معاوني النيابة العامة وفق مبدأ تكافؤ الفرص.

سوابق تتكرر

ويشوب موقف النيابة ضعف كبير بسبب اهتزاز مصداقيتها، خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي يعيَّن فيها أبناء مسؤولين وأقاربهم في هذه المناصب بطرق مريبة.

ففي العام 2016 رقّي سبعة من معاوني وكلاء النيابة إلى وكلاء نيابة، كان في مقدمتهم بشار ماجد فرج نجل مدير المخابرات.

وفي العام نفسه عيِّن معاونو وكلاء نيابة، تبين أن عددا كبيرا منهم أبناء وأقارب لمسؤولين ووزراء، منهم أنس محمود الهباش، بعد اجتيازهم امتحانا شكليًّا، منفصلين عن بقية المتقدمين، وبعد عام واحد رُقّوا إلى وكلاء نيابة.!

غموض وغياب الشفّافية

ويكتنف الغموض الطريقة التي يتم بها التعيين للوظائف العليا، في الوقت الذي لا توجد جهة تراقب عملية التعيين هذه.

ويرى الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان”، أنه لا بد من وجود جهة أو لجنة متفق عليها، تراقب عمليات التعيين؛ لضمان النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص، إلا أن السلطة لا تزال ترفض فكرة وجود لجنة رقابية.

ويقول الشعيبي لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن ديوان الموظفين يمارس نوعا من الرقابة على الوظائف الدنيا، خاصة في التربية والتعليم والصحة، لكنه لا يمارس أي نوع من الرقابة على التعيين في الوظائف العليا، كوظائف السلك الدبلوماسي، والقضاء، والنيابة، والهيئات غير الوزارية، والمحافظين.

 وهذه هي الوظائف التي يصارع أصحاب النفوذ للاستئثار بها؛ نظرًا لما تحققه لأصحابها من امتيازات وظيفية ومالية كبيرة.

ويشير إلى أنه رغم إشراك بعض الجهات في الرقابة على اختبارات التعيين، إلا أنه لا تزال هناك مشكلة في عملية الاختيار، والتي لا تخلو من تدخل بعض مراكز النفوذ.

ويتسبب ظهور أسماء أبناء المسؤولين وأقاربهم في قوائم المقبولين للتعيين بهذه الوظائف، بزيادة درجة السخط الشعبي وفقدان الثقة بنزاهة عمليات التعيين.

ويقول الشعيبي: إن الصراع على هذه الوظائف محتدم بين أصحاب النفوذ أنفسهم، وحتى من الحزب الممسك بالحكم نفسه، وإن جزءًا من المعترضين هم من أبناء الحزب نفسه.

ويعزو ذلك إلى محاولة كل طرف الاستفادة من امتيازات الوظيفة العليا، لضمان مصالحهم الشخصية، في ظل شعورهم بعدم الأمان تجاه المستقبل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات