الجمعة 20/سبتمبر/2024

الدبس الخليلي .. صناعة تراثية بعوائد اقتصادية وصحيّة

الدبس الخليلي .. صناعة تراثية بعوائد اقتصادية وصحيّة

في نهاية موسم العنب، كل عام، تبدأ في الخليل جنوب الضفة المحتلة، رحلة صناعة الدبس الخليلي، الذي بات موروثا تتوارثه الأجيال، ومصدر دخل مهم للكثير من العائلات.

فالخليل، التي تعد من أكبر محافظات الوطن مساحة وسكانا، تشتهر بزراعة العنب المتعدد في ألوانه ومذاقاته وأشكاله، حتى تغنى الشعراء بعنب الخليل، وأبدع الشاعر الخليلي عز الدين المناصرة في الوصف: “الشهد في عنب الخليل .. وعيون ماء سلسبيل .. هي إرث جيل بعد جيل .. وكفاح تاريخ طويل”.

ومن أصناف العنب التي تشتهر بالمدينة؛ الدابوقي، البلدي، والزيني، والبيروتي، والشامي، والحمداني، والمراوي، والسلطي الخضاري، والحلواني، والرومي الأسود وغيرها.


null

مؤونة الشتاء
وتقدر الأراضي المزروعة بالعنب في محافظة الخليل ب 48 ألف دونم، حيث تعتمد عائلات بكاملها وأسر فلسطينية في دخلها على هذا المنتوج الزراعي.

في نهاية موسم العنب الخليلي، أي في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين أول من كل عام، يبدأ المزارعون في محافظة الخليل بجمع ما تبقى من عنب رطب، وخاصة الذي لا يصلح للبيع عناقيدا، ويستغل ليحول إلى منتوجات أخرى برع فيها أهل الخليل مثل الزبيب والملبن والعين طبيخ (مربى العنب) والدبس، وهي منتوجات هامة تدخر وتخزن لفصل الشتاء.


null

ويعد الدبس الخليلي منتوجا مميزا ونادرا ينتج من عصير العنب بعد غليه وطبخه على النار لعدة ساعات.

صناعة الدبس
وتشكل صناعة الدبس احتفالا سنويا يتجمع فيه الأهل والأحبة والجيران، كل يدلي بدلوه ويعمل ويساعد، فعملية صناعته جدُّ شاقة وتمر بمراحل.

ويوضح الحاج حسن النتشة (75 عاما) وهو من كبار تجار العنب ومنتوجاته في سوق القزازين بالخليل لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” مراحل صناعة الدبس، مبينا أنها عدة مراحل شاقة على النحو الآتي:

المرحلة الأولى: جمع العنب وقطفة وإزالة العروق والعراميش، وفرطه ثم تنظيفه وغسله.

المرحلة الثانية: فعص العنب وعصره؛ حيث يوضع في كيس من الخيش ويربط، ثم يوضع الكيس في حفرة تكون معدة من الإسمنت ونظيفة تسمى (المدعس)، عندها يعصر العنب يدويا وبالطريقة القديمة بالأرجل. ويكون بجوار المدعس حفرة أصغر منها ومستواها منخفض عن الحفرة الكبيرة الأولى حتى ينساب عصير العنب من ثقوب الكيس إلى الحفرة الصغيرة، وبعدها يجمع العصير الكثيف، ويوضع مرة أخرى في كيس آخر من الخيش، ويعلق حتى يصفى ويصبح نقيا.


null

أما المرحلة الثالثة، حسب الحاجة النتشة، فيجمع عصير العنب النقي ويوضع في قدر كبير يسمى باللهجة الخليلية “الدست”، ويوضع الدست على موقد من الحطب لطبخه، ويضاف عليه نوع من التراب الأصفر يسمى “الحور” فيعمل هذا التراب على تصفية طبيخ عصير العنب من الشوائب التي تطفو على سطح الدست حتى تزال، فيما يرسو التراب الأصفر في أسفل الدست.


null

المرحلة الرابعة: بعد الغلية الأولى يصفى العصير المغلي من جميع الشوائب بما فيها الحور، وتوضع في دست آخر لمرحلة الغلي، وتسمى مرحلة عقد الدبس حيث يتحول من سائل أصفر مخضر إلى سائل عسلي قريب في لونه إلى العسل الغامق بعد غليه عدة ساعات على النار، ثم ينتظر الطاهي حتى يبرد ويعبأ في قوارير وأوعية للبيع أو الاستعمال.


null

ويستمتع الخليلي بأكل الدبس في الشتاء، حيث يؤكل مع الخبز ويضيق البعض عليه الطحينة والبعض الآخر من كبار السن يحبون أكله بالزيت البلدي فيما يتناوله الأطفال في الشتاء مع الثلج فيصبح مثل الآيس كريم والبوظا.

غذاء وعلاج
ويؤكد خبير التغذية محمد الدهمان في حديث خاص لمراسلنا: أن الدبس مفيد جدا للجسم؛ فهو يحتوي على الكالسيوم والبوتاسيوم والسكر، وغني بالسعرات الحرارية، كما أنه يستخدم علاجا لفقر الدم والأمراض الجلدية والصدرية؛ حيث يدهن به صدر الإنسان، فيما يذاب بالماء الدافئ ويشرب علاجا للسعال.


null

مصدر دخل
وتشير الباحثة الاجتماعية دلال القواسمي من جمعية سيدات الريف أن الدبس مصدر دخل سنوي للعديد من الأسر الفقيرة؛ حيث يعد منتوجا اقتصاديا يدر الدخل المادي على تلك الأسر التي لا معيل لها، وتستغل موسم العنب لبيعه والادخار، وخاصة النساء اللواتي لا يعملن في أي وظيفة.

وتضيف القواسمي في حديث خاص لمراسلنا: إن كيلو الدبس يباع بعشرة دولارات، أي ما يعادل 35 شيكلا، وهذا يعد مبلغا جيدا خاصة أن مادة الدبس ثقيلة، فالقارورة تزن قرابة 2 كيلو أي يبلغ ثمنها 20 دولارا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات