السلامة الأمنية.. سيف مسلط على رقاب شباب الضفة

على عكس ما تحاول أن تروج له الحكومة في رام الله، وما تبثه من شعارات الشفافية والنزاهة والموضوعية التي تتغنى بها بما فيها الأجهزة الأمنية، إلا أن موضوع السلامة الأمنية وحسن السير والسلوك ما زال سيفا مسلطا على رقاب شباب الضفة الغربية؛ لا سميا الذين ينحدرون من اتجاهات إسلامية وأوساط متدينة.

“في بداية الأمر اعتقدت بأن حسن السير والسلوك قد انتفى واختفى من معادلة التجاذبات السياسية ومحاولات الابتزاز الممنهجة في الضفة الغربية، ولكن سرعان ما تحطم هذا الحلم عندما وجدت نفسي مفصولا من وظيفيتي التي لم أدم فيها مطولا كمأذون شرعي في أحد المحاكم الشرعية”.. بهذه الكلمات تحدث الشاب “ص، ح” من مدن شمال الضفة الغربية عن قصته مع الفصل الوظيفي بعد أن استطاع أن ينتزع بإرادته وظيفة جزئية في أحد المحاكم الشرعية، ويعمل مأذونا شرعيا؛ حيث أبلغ بعد أشهر من اعتماده مأذونا بعزله من هذه الوظيفة تحت ذريعة عدم موافقة الجهات الأمنية.

المنع الأمني

وتابع خلال حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “عدة سنوات أمضيتها وأنا أتقدم للوظائف في وزارة الأوقاف والتربية دون أن أحظى بأي فرصة تعيين، وعندما نصحني أصدقائي بالتدرب في المحاكم الشرعية لعلي أحصل على فرصة عمل  مؤقتة وجدت نفسي بعد قرابة الخمسة أشهر من العمل مأذونا شرعيا بلا عمل، والحجة، المنع الأمني”.

ولعل ما حصل مع الشاب “ع، س” من مدينة نابلس مشابه لسابقه، إلا أن الأخير لم يحظ بالأصل بموافقة الجهات المختصة من أجل دخول معترك العمل في مجال معاملات الزواج “مأذون شرعي” كما قال للمركز.

وتابع: “على مدار عام كامل حاولت بكل الطرق إزالة ما يسمى بالمنع الأمني “السلامة الأمنية” عني من جهاز المخابرات إلا أن الرفض كان حليفي.

وحتى بعد أن أنهيت المدة المطلوبة في التدريبات، واستوفيت كل الأوراق، إلا أنني  منعت وما زلت من فرصة العمل، والحجة كما تم إبلاغي بها من جهاز المخابرات هي “المنع الأمني”.

وأضاف: “بشكل صريح قال لي أفراد الجهاز بأن المنع جاء على خلفية الانتماء السياسي وتأييد حماس والكتلة الإسلامية إبان الدراسة الجامعية، وأن الموافقة على عملي مقرونة بالعمل معهم، أي أن أصبح مندوبا لهم، وهذا ما يثير السخرية والاشمئزاز”.

الوظائف الخاصة

ولم تقتصر السلامة الأمنية عند المتقدمين للوظائف الحكومية فحسب، بل إن هذا الداء قد استشرى ليطال بعض المؤسسات الخاصة التي يديرها العديد من المحسوبين على فتح وقياداتها كما يقول الشاب أبو بكر، حيث قال: “تقدمت لأحد الشركات الخاصة، ولكن الغريب في الأمر بأن المدير ولدى لقائه به أخذ يسألني أسئلة كانت أقرب إلى التحقيق كذلك الذي وجدته لدى الأجهزة الأمنية”.

وبعد أكثر من نصف ساعة من النقاش مع المدير طلب مني إمهاله ثلاثة أيام للرد لأتفاجأ بعدها بجوابه: “ما إلك حظ عنا لأنك حماس”.

وأكمل: “قال لي هذا الشخص سألنا عنك الأجهزة وكانت التوصية بعدم توظيفك لدينا”.

جدير بالذكر أن قضية السلامة الأمنية والحرمان الوظيفي على خلفية الانتماء السياسي سياسة قديمة جديدة، وسلاح اعتقدت فتح من خلاله بأنه سيرفع من شأنها وسطوتها في الضفة الغربية التي تضيق بها وبتصرفاتها الفظة.