عاجل

الجمعة 21/يونيو/2024

المال مقابل المفاوضات

يونس السيد

آخر المقايضات التي سمعنا عنها ونشرتها وسائل إعلام «إسرائيلية» على لسان دبلوماسيين أمريكيين، أنّ إدارة ترمب تستعد لعرض خمسة مليارات دولار على القيادة الفلسطينية مقابل العودة إلى مفاوضات التسوية، بعدما استعصت وسائل الترهيب واستنفدت كل العقوبات التي يمكن أن تفرضها لإجبار الفلسطينيين على العودة.

وبالرغم من النفي الفلسطيني لتلقي مثل هذا العرض، فإنّ الرغبة موجودة وبقوة لدى كلا الطرفين الفلسطيني والأمريكي للالتقاء مجدداً والبحث عن قواسم مشتركة، بعد أن ذهب كل طرف إلى اتخاذ الحد الأقصى من المواقف، وبات يصعب عليه التراجع عن موقفه دون حدوث تنازلات متبادلة. فواشنطن استخدمت كل أوراق الضغط التي بحوزتها، من الاعتراف بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية إليها، إلى وقف تمويل «الأونروا»، والعمل على تصفية قضية اللاجئين، وقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية ومستشفيات القدس، وصولاً إلى إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وطرد السفير الفلسطيني مع أفراد عائلته، فيما القيادة الفلسطينية استمرّت على رفضها لـ «صفقة القرن»، ولم يعد بإمكانها التراجع، نظراً للإجماع الفلسطيني الشعبي والفصائلي على رفضها، غير أن ورطة القيادة الفلسطينية تتمثل في إخراج الولايات المتحدة من دور الوسيط ورعاية عملية التسوية باعتبارها انحازت نهائياً إلى «إسرائيل» على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

مشكلة القيادة الفلسطينية أنها تصرّ على مفاوضات التسوية باعتبارها الخيار الأوحد والوحيد الذي سيعيد الأرض والحقوق للفلسطينيين، وهي مستعدة لأن تجوب العالم بحثاً عن رعاية جديدة للتسوية، بدلاً من الرعاية الأمريكية، وتعلن عن جاهزيتها لإجراء مفاوضات سريّة أو علنيّة، ويبدو أنها وجدت ضالتها في دفاترها القديمة.. «الرباعية الدولية» المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة، لكن هذه الخدعة (المخرج) لن تنطلي على أحد، إذ حتى في هذه الحال، فالولايات المتحدة هي العمود الفقري للّجنة الرباعية، وعندما تحضر واشنطن تكون هي صاحبة القول الفصل.

القيادة الفلسطينية لا تكلّ ولا تملّ في البحث عن أي وسيلة لإحياء المفاوضات، وتسقط كل الخيارات الأخرى، من دون أن تستوعب أن هناك حقيقة واحدة لا غير، هي أنه لم يعد هناك شيء للتفاوض عليه. هناك وطن سليب وأرض مغتصبة وحقوق منتهكة وشعب مشرّد في مخيمات اللجوء، لكن من سوء حظ كل المراهنين على التسويات والصفقات أن الشعب الفلسطيني يأبى أن يعرض فلسطين للبيع، وهذا ما يحتاج إلى معالجات من نوع آخر لا علاقة لها بالتسوية أو المفاوضات.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات