الخميس 08/مايو/2025

الشهيد صهيب أبو كاشف.. العناق الحار الأخير

الشهيد صهيب أبو كاشف.. العناق الحار الأخير

تحبه كما تحب هذه الأرض، تلك الأرض التي تُروى بالدم وما تزال، تحبه وهي التي قضت معه سنوات عمرها، الضحكات، الطفولة، اللعب، الدراسة، تقاسمت معه تفاصيل حياةٍ مرة في قطاع محاصرٍ منذ 12 عاما.

وهما اللذان يكبران الحصار بسنوات هي أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، كبرا وترعرعا في أزقة مخيم خانيونس، عايشا الألم والمعاناة والمرارة سويًّا، ورغم صلف الحصار والمحاصرين، تحديا الظلم، ونبضا بالحياة.

ويوم زفته شهيدًا، عانقته شقيقته عناقا، مبكيًا، مؤلمًا، حارًّا، هي تعلم أنه العناق الأخير، ربما ستعانقه مرات أخرى؛ لكن بالذكريات، بالآهات، بذرفات الدموع، بالدعوات.

عانقته، كعريس يزف إلى عروسه، في حفل مهيب؛ نساء يطلقن الزغاريد، بالدموع، بالهتافات، وودعوه إلى باطن الأرض التي أحبها، باطن الأرض التي عشقها، باطن الأرض الذي طالما تمنى أن يدفن في باطنها شهيدًا.



صهيب أبو كاشف (16 عاما) ذلك الفتى الذي لم يضيع أي فعالية من فعاليات مسيرة العودة الكبرى على حدود غزة الشرقية.

كان يعبر عن حبه لهذه الأرض، كان يقارع صلف المحتل بصدره العاري، كان يقاوم بحجر أمام ترسانة عسكرية بغيضة، لم يهب يومًا ظلم محتلٍ، يراه صهيب جبانًا، مهزومًا، غريبًا.

كان صهيب متيقنًا أن هذا المحتل إلى زوال، فهو الغريب، المارق، العابر، حتى وإن استوطن هذه الأرض عقودًا من الزمن، وسلب المقدسات، والخيرات، وقتل الشبّان، وحتى لو مارس الإرهاب بكل صوره.

كان صهيب يعي تماما، طبيعة الصراع مع سارق الأرض، كان مؤمنًا بأن “ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، وما أُخذ بفوهات البنادق لا يستعاد إلا بالنار والدم.

وأصيب الفتى صهيب عبد السلام أبو كاشف (16 عامًا) برصاص الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة خانيونس، جنوب القطاع المحاصر، في الثالث من أغسطس الماضي، ورقد على إثرها في المشفى لتلقي العلاج من إصابة خطيرة، قبل أن يعلن الليلة عن ارتقائه شهيدًا وانضمامه لأقمار مسيرة العودة الكبرى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات