السبت 28/سبتمبر/2024

أوسلو ومسيرة العودة ورسائل جمعة..المقاومة خيارنا

شرحبيل الغريب

نعيش هذه الأيام ذكرى اتفاقية أوسلو الذي وقعها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات برعاية أمريكية، وأعطت بموجبها منظمة التحرير اعترافاً واضحاً وصريحاً بالاحتلال الإسرائيلي على 78% من أرض فلسطين، فيما لم يعترف الاحتلال بمسؤوليته عن النكبة والتهجير والقتل والسلب الذي أوقعه بحق الشعب الفلسطيني ولا زال.

خمس وعشرون عاماً مرت على خيار التسوية أوسلو، الذي لم يعطِ للفلسطينيين حقوقهم، ولم يبقَ من هذه الاتفاقية إلا التنسيق الأمني وتغلغل الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد مدينة القدس تهويداً كاملاً، وحصاراً مطبقاً على قطاع غزة.

أمام استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وتعقيدات الواقع بفعل الاحتلال وسياساته من جهة واستمرار السلطة الفلسطينية في نهجها بالتنسيق الأمني مع الاحتلال في الضفة الغربية من جهة أخرى، ابتدع الفلسطينيون في قطاع غزة أسلوباً شعبياً ووسائل جديدة في مقاومة الاحتلال، وخلقوا حالة ثورية على الحدود الشرقية مع قطاع غزة في مواجهته، وأرسلوا من خلال هذه المسيرات الأسبوعية رسائل مهمة لكثير من الجهات والأطراف في المنطقة.

إن أبرز الرسائل التي حملتها مسيرة العودة منذ انطلاقها يوم الثلاثين من مارس من العام الجاري، أنها أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية بعد حالة التيه التي عاشتها المنطقة، ووضعتها على الأجندة الدولية والإقليمية من جديد، كما أنها أعادت للوعي الجمعي الفلسطيني بأن العودة حق، وأن الشعب الفلسطيني قادر على إفشال صفقة القرن، وقادر على تحقيق المزيد لصالح مشروعه الوطني وقضيته العادلة.

راهنت بعض الأطراف على فشل هذه المسيرات، بل وعملت على احتوائها وتفريغها من مضمونها، لكن الحقيقة والواقع كان مغايراً لكل الرهانات، فنحن اليوم نعيش الجمعة الخامسة والعشرين والتي حملت اسم المقاومة خيارنا، وقد شكلت هذه الجمعة رسالة قوية وصفعة لكل الذين لا زالوا يراهنون على خيار التسوية أوسلو بعد خمس وعشرين عاماً من الفشل والضياع للقضية الفلسطينية، بل إن حجم الحشود البشرية التي خرجت تعكس مدى التأييد الشعبي لخيار المقاومة.

من الرسائل المهمة التي بعثت بها جمعة المقاومة خيارنا، أن كل محاولات الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني لن يكتب لها النجاح، وأن هناك شعب يعي حقيقة ما يدور ويجب الاستجابة لمطالبه عاجلاً أم آجلاً.

من الرسائل المهمة أمام مشهد الجمعة الخامسة والعشرين أن الشعب الذي يؤمن بخيار المقاومة ويحتضنه لا يمكن أن يُهزم بأي حال من الأحوال، وأن من حقه أن يقرر مصيره، وأن يعامل بإنسانية وكرامة، ويرفع عنه الحصار الإسرائيلي بشكل كامل.

جمعة المقاومة خيارنا، بعث فيها الشعب الفلسطيني رسالة بالغة الأهمية أن لا خوف على المقاومة طالما لها درع واق يحميها، ويساندها، ويدفع الدماء من أجلها ومن أجل الشعب المحاصر في غزة، وأن مسيرات العودة ماضية ومستمرة ومحافظة على ديمومتها حتى تحقيق أهدافها ورفع الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل.

إن استمرار مسيرات العودة بهذه الحيوية وهذا الزخم الجماهيري الثوري الكبير يعكس رغبة حقيقية لدى الشعب الفلسطيني بتغيير الواقع وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني وقضيته الوطنية بعدما ضاعت بين ثنايا اتفاق أوسلو المشؤوم الذي لم يجنِ للشعب الفلسطيني إلا الكوارث الوطنية على القضية وكان عبئاً فوق عبء الاحتلال الثقيل على كاهل الشعب الفلسطيني.

المقاومة خيارنا.. كانت ولا زالت وستبقى خياراً للشعب الفلسطيني طالما بقيت “إسرائيل” محتلة للأرض الفلسطينية، هذا هو نبض الشارع الفلسطيني الحقيقي رغم بطش الاحتلال وقسوة الحياة وصعوبة العيش والحصار، أمام العزيمة والإرادة والصمود والتحدي والتضحية التي هي أصبحت عنوان الشعب في مواجهة الاحتلال ومسيرة تحرره الذي يخوضها.

المقاومة بكل أشكالها اليوم وبعد فشل مسار أوسلو، هي الخيار الأوحد لحماية الشعب الفلسطيني واسترداد حقوقه، كما أنها الخيار الأصوب في وجه العدوان والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، والسبيل الوحيد للإطاحة بما يسمي “صفقة القرن” وسواها من المشاريع الخطيرة التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

أمام هذه الحالة الثورية التي صنعتها مسيرات العودة، فلا مفر أمام هذه الشعب إلا المواصلة في ذات الطريق ، طريق انتهاج المقاومة خيارا حتى التحرير والعودة ورفع الحصار، كما أن المطلوب اليوم عدم الاستعجال في حصد النتائج، والمضي والاستمرار في المقاومة بكافة أشكالها وزيادة الضغط الشعبي على الاحتلال بزيادة الزخم ووتيرة مسيرات العودة وابتكار وسائل جديدة تجبر الاحتلال على الإنصات لحقوق الشعب الفلسطيني وتلبية مطالبه.

إن شعبنا الفلسطيني اليوم، وأمام هذه الحالة الثورية، وكما رفض اتفاقية أوسلو قبل خمس وعشرين عاماً، ورفض التفريط والتنازل عن أرضه وعرضه للاحتلال، بالتأكيد سيرفض كل الصفقات المشبوهة التي تحاول من جديد تصفية القضية الفلسطينية.

إن كل التحركات العربية والدولية لن تنجح بإطفاء لهيب مسيرة العودة وكسر الحصار، إلا بعد الاستجابة والانصياع لمطالب وحقوق الشعب الفلسطيني، فلقد باتت هذه المسيرات تُحرج الكثير من الأطراف التي رفعت يدها تمامًا عن القضية الفلسطينية، وتحاول جاهدة أن توفر الأجواء لطرح “أوسلو2″ عبر ما يسمى بـ”صفقة القرن” الأمريكية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات