لعنة أوسلو

الشعب الفلسطيني وفى 13 سبتمبر عام 1993 استيقظ على كارثة وطنية، وتفاجأ بسقوط مدوٍّ وانحدار سياسي وانحناء قاسٍ نحو التفريط في الثوابت والحقوق الوطنية، ومن هناك بدأت الحكاية بالمحادثات السرية، في مدينة أوسلو النرويجية، وتوّجت باتفاق لتصفية القضية الفلسطينية على أيدى كبار الساسة الأمريكيين ومساهمة مباشرة من الكيان الصهيوني، حيث كان يمثلهم وزير الخارجية شمعون بيرس، وبدور فاعل وخبيث من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس.
لقد خرج هذا الاتفاق إلى النور، والذى سمي باتفاق أوسلو أو كما سماه البعض في حينه إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، ليضع حدًّا لحالة الكفاح المسلح القائمة مع قوات الاحتلال، وينحرف المشروع الوطني ليتجاوز تضحيات الشهداء والأسرى وغيرهم ممن دفعوا أثمانًا باهظة على طريق الكفاح والثورة ضد الاحتلال، ويحتضن مشروعًا غربيًّا صهيونيًّا بامتياز للسير في وهم السلام، فكانت هذه الكارثة بداية مؤلمة وضربة في مقتل لمشروعنا الوطني، وتنازلًا وتفريطًا لحقوق الشعب الفلسطيني بجرّة قلم من سياسي متهوّر أدار ظهره لشعبنا ولتضحياته دون الالتفات لقدسية هذه المعركة ولحقوقنا الثابتة والمشروعة ولعدم شرعية إعطاء الاحتلال أي أحقية على أراضي فلسطين.
لقد عارض كل وطني غيور هذا الاتفاق المشؤوم، وناضل كثيرون لمواجهته، وصدرت مواقف منددة فكان الموقف الرافض من الجهاد الإسلامي وحركة حماس والجبهتين الشعبية والديمقراطية، وكثيرون من أصحاب الفكر والرأي.
لكن ذلك لم يردع محمود عباس عن التوقف للحظة ومراجعة نفسه، فمضى مقامرًا بهذه الحقوق وبمصير شعب ما زال يرزح تحت الاحتلال، لقد نجح الصهاينة في ترحيل قضايا الحل النهائي إلى مراحل لاحقة سواء القدس، أو المستوطنات، أو الحدود، أو اللاجئين وغيرها من القضايا الأساسية، ليحقق ملامح شكلية وينفذ فتاتًا من مطالب المفاوض الفلسطيني، ولا يرد أي من الحقوق لشعبنا، مستغلًا هذا الاتفاق لتهويد القدس وزيادة البناء في المستوطنات واعتقال مزيد من الأسرى، وتغير معالم الحدود، والسيطرة على الاقتصاد الفلسطيني بالكامل، وفرض التعاون والتنسيق الأمني.
الذى في مجمله ضمن ملاحقة المطلوبين ومنع العمليات المسلحة ضد الصهاينة، حرصًا على مسرحية السلام المزعومة، فيما بقى المفاوض الفلسطيني يسارع دومًا للتوقيع شيئًا فشيئًا وقد بقي يدور في الوحل ولم يقرر لو للحظة العودة لحضن شعبه ووضع حدًّا لهذا المنعطف الخطير الذى أدخل فيه شعبنا، وقد تمادى الصهاينة في ممارسة الجرائم والانتهاكات وتنصلوا عن الالتزامات الموقعة في هذه الاتفاقية، لينفذوا ما بدا لهم من إجراءات شكلية، ولم يمضِ وقت طويل حتى عاد الصهاينة ودمروا كل ما يمكن أن يحقق أدنى الحقوق للشعب الفلسطيني، وما زال المفاوض الفلسطيني يلهث وراءهم ويستجدي الوساطات واللقاءات مع الصهاينة، ويقدم عملًا أمنيًّا مشتركًا مع الاحتلال المجرم، ليقضي على ظهور بذور المقاومة التي يمكن أن تنتفض في وجه الاحتلال.
نعم داست الحكومات المتعاقبة للاحتلال هذه الاتفاقية ومزقت أركانها بالدبابات والطائرات التي قضت على حلم إقامة الدولة على طريقة محمود عباس، وبات من الواضح أن الكيان لا يلقي بالًا لهذه الاتفاقية ولا يوجد لها رصيد في الواقع، لكنها وبكل أسف بقيت راسخة في أذهان محمود عباس وفريقه الذين حاولوا إنعاشها وقد ولدت ميتة، فهي أصلا لم تتناول حق إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، ولم تضمن الحد الأدنى من الحقوق، وقد فرضت حصارًا بحريًّا وتجاريًّا وسيطرة صهيونية على كل منافذ الحياة، وليس انتهاء بحصار ظالم فرض على قطاع غزة.
ومن وسط حالة الضياع، وبعد التفريط بحقوقنا التاريخية وفى ظل تفرد عباس وفريقه بمصير شعبنا، ما زالت المقاومة الفلسطينية تقول كلمتها بلغة أخرى، لتعيد القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح، وتفرض معادلات قاسية على الاحتلال للجم آلته الحربية ووضع حد لطموحاته في القضاء على حقوق شعبنا، وإفشال كل مشاريع التصفية التي تستهدف قضيتنا الوطنية، والوقوف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه المقامرة بهذه الحقوق. لقد استطاعت المقاومة الفلسطينية في كامل التراب الفلسطيني الوقوف سدًّا منيعًا أمام الصهاينة، فكانت لغة السلاح هي من تفرض نفسها، لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وقد رضخ الصهاينة في مواطن عدة لشروط المقاومة، آخذين بعين الاعتبار قدرتها على الصمود والتحدي، وتكبيد قوات الاحتلال الخسائر الفادحة في مواجهة مستمرة ومفتوحة. إن هذه المقاومة اليوم عازمة على كسر الحصار الظالم عن أهلنا في غزة مهما قدمت من تضحيات، ولن تقبل بأقل من ذلك لتنطلق لمعركة تحرير كامل التراب الفلسطيني، رغم تخاذل البعض عن دعمها ومساندتها وتعزيز صمودها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...

القوات المسلحة اليمنية تُعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأحد، فرض حصار جوي على كيان الاحتلال الإسرائيلي، رداً على التصعيد...

حماس تثمن إعلان اليمن فرض حصار جوي على كيان الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على العدو الصهيوني، رداً على...

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...