فخ التهدئة وذريعة التمكين وكونفدرالية الصفقة!

بدايةً نجد لزاماً علينا إعادة قول ما سبق وأن قلناه، وهو أن “صفقة القرن”، والتي هي صهيونية الأصل أميركية التبني والحركة، هي واقعا قيد التنفيذ دونماً حاجة لطرحها أو الكشف عن غموضها المتعمَّد، وإن كافة أطراف المسيرة التصفوية هم الآن يسيرون ويضبطون خطوهم على رتمها، وصولاً إلى بالون اختبارها الكونفدرالي الأخير المنطلق من رام الله، هذا القديم الجديد، والذي هو عين مشروع الداهية الراحل بيريز المطروح عام 1982، والذي فيما بعد أعد له ديفيد ماير دستوره بإيعاز من كلينتون عام 1990..
لتوقيت إطلاق بالون الكونفدرالية من رام الله مؤخراً، وعلى الوجه الذي تم فيه، مآرب أوسلوية تعددت/ ثار وسيثور حولها كثير قول في الساحة الفلسطينية. لسنا هنا بصدد التعرُّض لها والخوض في تفاصيلها، أو للزيادة عليها ولدينا ما نزيده، ولكن لننطلق من القول بأن إطلاقه لم يأتِ عفو الخاطر الأوسلوي، ولا هو كما يراه بعض الواهمين، أو المروّجين، مجرَّد مناورة مأزوم يخشى تجاوزه، أو مُتذاكٍ يستدرج عروضا تعيده إلى طاولة تنازلات “المفاوضات حياة”…
ولنزد على ما نقوله، إنه إن كان لسلبيات إطلاقة المؤذية حد التشييع للقضية الفلسطينية، والتي من الممكن القول فيها ما لم يقله مالك في الخمر، فإن لها، أو لضررها النافع، مردودا إيجابيا وحيدا على النضال الوطني الفلسطيني، هذا إذا ما قُرنت فقاعته هذه بكافة مظاهر واستهدافات الأطراف المعروفة المعنية والمشاركة في بازار مسار تصفية القضية الفلسطينية وكل من موقعه التصفوي، محاصرا، ومعاقبا، ووسيطا ضاغطا ملوحا بعصاه، أو بجيبه، وكلها تكاتفت لإيصال عن سابق عمد وتخطيط جلبة “التهدئة” إلى خفوت قارب الاختناق، وقبلها وبعدها إعادة “المصالحة” الموهومة إلى حيث ظلت دائما حلم ذات ليلة صيف!.
بدايةً نجد لزاما علينا إعادة قول ما سبق وأن قلناه، وهو أن “صفقة القرن”، والتي هي صهيونية الأصل أميركية التبني والحركة، هي واقعا قيد التنفيذ دونما حاجة لطرحها أو الكشف عن غموضها المتعمَّد، وإن كافة أطراف المسيرة التصفوية هم الآن يسيرون ويضبطون خطوهم على رتمها، وصولا إلى بالون اختبارها الكونفدرالي الأخير المنطلق من رام الله، هذا القديم الجديد، والذي هو عين مشروع الداهية الراحل بيريز المطروح عام 1982، والذي فيما بعد أعد له ديفيد ماير دستوره بإيعاز من كلينتون عام 1990، والآن ها هو يحظى بترحيب ودعم خلفه روؤفين ريفلين.
وخلاصته هي ذات الرؤية التي يلتقي عليها إسحاق رابين سابقا وبنيامين نتنياهو لاحقا، أي شيء من “كيان أقل من دولة”، مع إضمار كونه، في سياق استراتيجية صهيونية ثابتة ولم ولن تتغير، حالة مؤقَّتة إلى أن تتوفر ظروف وسبل الترانسفير. ترتيب لقاء “المقاطعة” مع لفيف من ممثلي قوى صهيونية مختلفة، ومن خلاله تسريب ما تم تسريبه، لم تأتِ به المصادفة ولا هو بغير ما هدف.
كما وأن قول رئيس السلطة لضيوفه “أنا ورئيس الشاباك نلتقي بشكل دوري، ونتفق على 99% من الأمور”، ليس من باب مصارحة استدعتها أجواء استضافتهم… وهنا يجوز لنا التساؤل وما هو يا ترى هذا الواحد في المائة المتبقي الذي يختلف هو ورئيس الشاباك عليه؟! ثم ما الذي نفهمه من قوله لهم إن كل مشاكله هي “مع نتنياهو وليس مع الليكود”؟! وإن أجهزة سلطته “تجري تنسيقا أمنيا يوميا مع جهاز الأمن الإسرائيلي”، وإن أفرادها “يفعلون كل ما بوسعهم كي لا يصاب إسرائيلي بأذى”!
ناهيك أنه، وبالتوازي مع هذا، تم تسريب خبر وجود وفد استخباراتي أوسلوي في واشنطن لإجراء مباحثات مع “السي. آي. إيه”… وصولاً إلى حصر الخلاف مع إدارة ترمب بتجاوزات جرينبلت وتدخُّلات كوشنر، والمطالبة، لقاء عودة مياه العلاقة مع إدارة ترمب إلى مجاريها، بعزل الأول وكف أذى الثاني؟! ماذا، وماذا، سوى ما يشي بغير محاولة التطوُّع المعلن مواربةً للالتحاق بآخر عربات “صفقة القرن”، بعد تمنُّع لم يلقِ متعهّدو هذا القطار له بالاً ولم يأخذوه على محمل الجد، والذي ما كان ليواصل رحلته إلى محطته الأخيرة بدون وجود هذه السلطة على متنه، لأنها ببساطة وحدها المحتكرة والحاملة في جيبها خاتم المنظمة، باعتبارها.
وبفضل من عجز وتكلُّس وديكورية معشر الفصائل، المصادرة الأبدية لها ولخاتمها، هذا الذي لا بد منه في نهاية المطاف لمهر مضبطة التصفية المنشودة؟! هنا، كيف لنا أن نفصل بين توقُّف الوساطات التهدوية العربية المفاجئ، ومقاطعة رام الله لميلادينوف، ولقاء “المقاطعة” وتسريباته، وبين متوالية تطبيقات “صفقة القرن” الصهيونية الأصل الأميركية التبني، بدءا من الاعتراف بالقدس عاصمةً أبدية لمحتليها، ونقل السفارة الأميركية إليها، وإصباغ الشرعنة الأميركية على التهويد الجاري في الضفة، يقابله وكصدى له واغتناما لبركته، إقرار “قانون القومية” في الكنيست، وفصل “القدس الكبرى” عن ما تبقَّى من مزق الضفة بقرار هدم الخان الأحمر، وسائر قرارات التهويد المعلنة لاحقا؟! …
وكيف لنا أن نفصل بين ما تقدم وما وازاه، من تشديد للحصار الاحتلالي، العربي، الأوسلوي، على غزة، ومعاقبة السلطة لها وتوعُّدها بالمزيد من العقوبات “غير المسبوقة”، واشتراطات “التمكين فوق الأرض وتحت الأرض”، أي مع “التنسيق الأمني”، قبل “التهدئة”، والتي هي من اختصاص المتمكنين وحدهم؟! وأخيرا، ما كان الابتزاز والتسويف التهدوي لغزة سوى فخ نصبوه لمقاومتها، وما اشتراط التصالحية التمكينية التعجيزية إلا ذريعةً لإجهاض التهدئة بشروطها، وما حداء الكونفدرالية والمواظبة على الدور الوظيفي في خدمة الاحتلال إلا عرض تكيّف مع جاري تطبيقات صفقة القرن التصفوية… وليتباهى السفير ديفيد فريدمان جذلاً: “لقد ذبح ترمب كل الأبقار الفلسطينية المقدَّسة”!!!
المصدر: الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إيهود باراك يدعو إلى عصيان مدني لإنقاذ الأسرى وإسرائيل من نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام جدد رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود باراك هجومه على نتنياهو لما قال إنه بسبب سوء إدارته للحرب، في ظل تزايد خسائر...

الأورومتوسطي: خطة الاحتلال بشأن المساعدات “خدعة إنسانية” لتكريس الحصار والتجويع في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ الخطة الإسرائيلية المتداولة حاليًا بشأن المساعدات الإنسانية في قطاع غزة...

حماس تشيد بالضربات المباركة من اليمن
المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالضربات المباركة التي تنفّذها “أنصار الله” والجيش اليمني في عمق الكيان الصهيوني....

أبو عبيدة: المجد لليمن صنو فلسطين
المركز الفلسطيني للإعلام وجه أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، التحية لليمن، مقدرًا مواصلتها حدي أعتى قوى الظلم ورفضها...

الصحة: ما يتوفر من وقود في مستشفيات غزة يكفي 3 أيام فقط
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن الاحتلال الاسرائيلي يمنع المؤسسات الدولية والأممية من الوصول إلى أماكن تخزين الوقود...

مجزرة دامية .. استشهاد 10 مواطنين بقصف الاحتلال خيام النازحين في مواصي خان يونس
خانيونس - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني - اليوم الأحد- مجزرة دموية بعدما استهدفت خيام النازحين في منطقة العطار في مواصي خان...

الداخلية بغزة تعيد تشكيل القوة التنفيذية لتأمين الجبهة الداخلية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية، اليوم الأحد، أن وزارة الداخلية في قطاع غزة تعيد تشكيل القوة التنفيذية على غرار القوة التي تأسست عام...