الأربعاء 26/يونيو/2024

لماذا ترفض فتح مساعي التوصل إلى تهدئة في غزة؟

لماذا ترفض فتح مساعي التوصل إلى تهدئة في غزة؟

من يستمع لقادة حركة فتح، وهم يهاجمون إلى حد التخوين، مساعي التوصل إلى تهدئة أو تثبيت وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال في غزة، يظن أنهم يقفون على ثغور الوطن مقاومين بالبارود والنار في وجه الاحتلال، وليسوا أصحاب نظرية “التنسيق الأمني، والتطابق بنسبة 99 % مع الشاباك “الإسرائيلي”.

فعلى وقع المساعي التي تبذلها مصر والمنسق الخاص لعملية التسوية في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، إلى جانب أطراف أخرى، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في غزة المتفق عليه بعد عدوان 2014، جاءت تصريحات متتالية من قادة فتح، ترفض هذه المساعي وتشكك فيها إلى درجة التخوين.

وبقدر ما تثيره هذه التصريحات من سخرية لدى غالبية الجمهور الفلسطيني، فإنها تثير تساؤلات حول دوافع حركة فتح لتبني هذا الموقف الرافض، في الوقت الذي يقدس رئيسها التنسيق الأمني، وتقود السلطة التي تترأسها بشكل منفرد حربًا شعواء ضد المقاومة حتى بطابعها الفردي وأحيانا الشعبي في الضفة المحتلة.

رفض مصلحيّ!
الكاتب السياسي والمحاضر في مجال الإعلام كمال علاونة قال: إن التهدئة الآن بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، هي مصلحة فلسطينية من جهة، وصهيونية في الآن ذاته على عكس القيادة الرسمية لحركة فتح في رام الله التي تعارض التهدئة لمجرد المعارضة.

وأضاف علاونة في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “فتح لا تسيطر على أعضائها وأنصارها في قطاع غزة، وهناك خلافات تنظيمية داخلها بين قيادتيها في قطاع غزة ورام الله”.

وفيما بدا سخرية من موقف فتح، قال علاونة: “أصلا اتفاقية أوسلو أبعدت الكفاح المسلح من قاموس الثورة عامة وحركة فتح خاصة”.

ومنذ تأسيسها حاربت السلطة التي قادتها حركة فتح فصائل المقاومة، في إطار تنسيقها وتعاونها الأمني مع الاحتلال، قبل أن تتفجر انتفاضة الأقصى، لتعود جذوة المقاومة من جديد، ولكن هذه الحرب استعرت في الضفة الغربية بعد أحداث 2007، حيث فككت الأجنحة العسكرية التابعة لحركة فتح، ولاحقت كل الكتائب الأخرى، عبر حرب مزدوجة مع الاحتلال؛ ما أضعف قوتها وكاد ينهيها تماما، إلا من بعض المحاولات بين الحين والآخر.

مظلة المنظمة
فتح والسلطة تريد أن يكون أي اتفاق تحت مظلتها وبموافقتها، هكذا يخلص علاونة في تقدير موقف فتح من مسألة التهدئة في غزة.

وأضاف علاونة: “الموقف الرسمي للسلطة، هو مع التهدئة مع الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، ولكن تحت مظلتهم، كما كان في الوفد الفلسطيني الموحد في عام 2014، وليس تحت مظلة المقاومة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية بقيادة حركة حماس وعضوية الفصائل الفلسطينية المقاتلة الأخرى”.

ويرى علاونة أنّ أحد أسباب معارضة فتح لاتفاق التهدئة الذي يدور التفاوض بشأنه هو خلاف تنظيمي وإداري وإعلامي، مضيفا: “الخلاف أيضا يكمن في قيادة الوفد الفلسطيني للمفاوضة حول التهدئة، ومظلته العليا، للتنسيق مع الإدارة المصرية التي تفاوض بدورها مع القيادة الصهيونية، لوقف النار، والتهدئة، وهو صراع إداري وتنظيمي وسياسي وإعلامي بالدرجة الأولى”.

وفي أغسطس/آب الماضي، رفضت حركة حماس وفصائل المقاومة أن تتولى حركة فتح التي تتبنى فعليا موقفا مناهضا للمقاومة المسلحة، قيادة وفد الفصائل لتثبيت التهدئة، في ظل تجربتها المُرّة عام 2014.

وكشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق في تغريدة له مؤخرا، أن عزام الأحمد الذي كان يترأس رسميا وفد الفصائل لتهدئة 2014، كان يفاوض هذه الفصائل لوقف الأنفاق، وأن التوصل للتهدئة جرى بعيدًا عنه.

احتكار!
ويذهب الخبراء إلى أن رغبة فتح في احتكار المفاوضات وتخوفها غير المبرّر من دخول حماس على هذا الخط، يدفعها لتبني هذه المواقف المتشددة، متجاهلة إعلان قيادة حركة حماس، بشكل حاسم، أن لا مفاوضات سياسية مع الاحتلال.

ووفق علاونة؛ فـ”منظمة التحرير تخاف من سحب بساط المفاوضات من تحت أقدامها، وبالتالي هي تعارض التهدئة من الناحية الشكلية والسياسية، ولكنها موافقة كليا ولكن عن طريقها، وليس عن طريق قيادة المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة”.

التهدئة ونهاية الحصار
ويذهب الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور إلى أن أي اتفاق أو تهدئة في غزة هو “كابوس” لحركة فتح موضحا، أنها (أي حركة فتح) تخشى من تهدئة دون مشاركتها؛ لأن التهدئة تعني رفع الحصار عن غزة وانتهاء الضغوط على حركة حماس”.

وأعلن يحيى السنوار، قائد حماس في غزة، أن المطروح هو تثبيت وقف إطلاق نار، وأنه لم يتم التوصل لاتفاق بشأن ذلك حتى الآن، وأن التوصل لاتفاق يعني نهاية الحصار على غزة.

ويشير شاور في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن مقتضيات المصالحة التي تتطلع إليها حماس (كما يعلن قادتها) تقتضي إعادة تأهيل منظمة التحرير، فإن ذلك يعني سحب البساط من تحت أقدام الفصائل الحالية التي تتصدر المشهد في المنظمة؛ لأنه من المتوقع أن تكون السيطرة في المجلس الوطني لحماس والجهاد، ولا يمكن لحركة فتح وباقي الفصائل المضي قدما في برنامجهم التسووي.

فتح تريد أن تجني الثمار من أي اتفاق للتهدئة؛ وفق شاور الذي يستدرك: “أما إذا كانت التهدئة بالتوافق مع حركة فتح فإن شروطها ستختلف، وربما توضع شروط على حركة حماس وتُسحب الكثير من أوراقها، وعلى رأس ذلك عودة سيطرة فتح على غزة ربما دون مقابل تحصل عليه حركة حماس”.

انتصارٌ هل يحدث؟
الباحث في الشأن الصهيوني ياسر مناع قال من جانبه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” : “القضية لا تتعلق بالتهدئة بحد ذاتها، وجوهر القضية بأن رفض فتح نابع من تخوفها في أن تحل حماس مكانها والذي تعده الميزة الحصرية بها وهي تمثيل الشعب الفلسطيني بما أنها تسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية”.

وبحسب مناع؛ فإن أي اتفاق في حال عقد فهو من وجهة فتح انتصار لخصمها السياسي حركة حماس.

وأضاف: “إذا تم الاتفاق، وأعتقد أنه لن يحدث، فهو انتصار لحركة حماس وإثبات جدارتها في قيادة المشروع الوطني، وهو الأمر الذي تحارب حركة فتح لعدم وقوعه”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، منزلين في رام الله وأريحا، ضمن انتهاكاتها المتصاعدة ضد...

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، 19 مواطنًا على الأقل، منهم والدة مطارد، خلال حملة دهم - فجر الأربعاء- في...