الأربعاء 07/مايو/2025

المدعي العام الإسرائيلي وتكتيكات التملص من العدالة

ناصر ناصر

بعد أن قرّر إغلاق ملف يوم الجمعة الأسود في رفح 2014، أمر المدعي العام العسكري الإسرائيلي شارون أوفك بفتح تحقيق لحالتين فقط من بين مئات حالات القتل وآلاف حالات الإصابة والجرح التي تسبب بها إطلاق النار المكثف من قناصة وجنود الاحتلال الإسرائيلي في أثناء مواجهتهم للمتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة منذ 30-3-2018.

والحالتان هما: استشهاد عبد الفتاح عبد النبي 30-3 شرق جباليا، وحالة استشهاد الفتى عثمان حلس بالقرب من معبر كارني، وفي كلتا الحالتين نفى الناطق باسم الجيش حدوث أي تجاوز لأوامر إطلاق النار رغم وضوحه في أشرطة الفيديو التي نشرت على نطاق واسع، مشيرا إلى أن هذه الصور مفبركة، وتأتي في إطار الحرب الإعلامية التي تشنها المقاومة ضد الاحتلال.

يشير توقيت قرار المدعي العسكري العام إلى حرص متخذي القرار في “إسرائيل” تجنب أي انتقادات داخلية من المجتمع الإسرائيلي المنحاز لجنوده حتى وإن تجاوزوا وقتلوا، ومن جهة أخرى تجنب ما يعتبرونه مسًّا خطيرا لدوافع الشباب الصهيوني للتجند بصفوف الجيش الذي لا يدعم جنوده في خضم المعارك، بل ويلاحقهم قضائيا مما يهدد قدرة الجنود “وفعاليتهم في القتل”، لذلك انتظروا حتى توقيع ما يبدو اتفاقا كاملا مما يسمح لهم بالتفرغ لمواجهة هذه الإشكالية.
 
لم يكن اختيار المدعي العام العسكري لهاتين الحالتين لأسباب أو دوافع أخلاقية أو إنسانية، بل كان لأسباب تكتيكية تهدف بالسماح للجيش و”إسرائيل” المحتلة من تجاوز وتخطي عقبة الرأي العام الدولي وما يعنيه ذلك من تطور تقارير حقوقية دولية كتقرير غولدستون 2009، وتجنب أي ملاحقة من محاكم دولية بحجة أن “إسرائيل” تحقق مع نفسها وتعدل أخطائها غير المقصودة والتي قد تحدث في العادة أثناء المواجهات والحروب.

من المرجح أن تنجو “إسرائيل” من أفعالها الإجرامية على صعيد الحكومات الرسمية، لكن الرأي العام العالمي الذي يميل بطبيعته إلى التعاطف والتضامن مع الشعوب المستضعفة سيبقى يلاحق مؤسسات الاحتلال الفاسدة من جذورها، والتي ستستمر في تزويد العالم بالمزيد من التجاوزات والاختراقات الأخلاقية والإنسانية، ولن يسعف المحتل قرار المدعي العام الشكلي والتجميلي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات