عاجل

الجمعة 27/سبتمبر/2024

بعيدًا عن القضاء.. هكذا تقتص السلطة من خصومها

بعيدًا عن القضاء.. هكذا تقتص السلطة من خصومها

بين آب/ أغسطس 2016 وأغسطس 2018 حوادث متكررة تلقي بظلال من الشك والغموض حول طريقة تسوية أجهزة السلطة الأمنية بالضفة الغربية المحتلة، حساباتها مع خصومها، قبل أن يقول القضاء كلمته.

وجاءت حادثة وفاة السجين أحمد ناجي أبو حمادة الملقب بـ”الزعبور” من مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس، لتفتح الباب من جديد أمام توجيه سيل من الاتهامات للأجهزة الأمنية بتصفية خصومها بدم بارد، بعيدا عن أعين القضاء.

ففي عصر يوم الثامن عشر من آب/ أغسطس 2016 وقعت قوة من الأجهزة الأمنية في كمين نصبه مسلحون داخل البلدة القديمة بمدينة نابلس، أسفر عن مقتل اثنين من أفرادها وإصابة آخرين.

ولم تنقض ساعات الليل، حتى أعلنت الأجهزة عن مقتل الشابين خالد الأغبر وفارس حلاوة، وزعمت أنهما قتلا أثناء إطلاقهما النار على الأجهزة التي كانت تحاول اعتقالهما لوقوفهما وراء مقتل عنصري الأجهزة.

لكن روايات شهود عيان في حينه، أكدت أن الشابين اقتيدا أحياء بعد أن سلّما نفسيهما، إلى حارة الشيخ مسلم، وهناك تم تصفيتهما بدم بارد.

وبعد أقل من أسبوع، أعلن محافظ نابلس أكرم الرجوب عن مقتل أحمد عز حلاوة “أبو العز حلاوة” الذي وصفه بالرأس المدبر لقتل عنصري الأجهزة، بعد تعرضه للضرب المبرح على يد العشرات من أفراد الأجهزة الغاضبين في سجن الجنيد.

وهذه الرواية أيضا دحضتها عائلة حلاوة، مؤكدة أنه تم تصفيته فور اعتقاله من إحدى البنايات بالمدينة، وقبل وصوله إلى سجن الجنيد.

سيناريو متكرر

سيناريو مشابه، لكن بتفاصيل مختلفة هذه المرة، تكرر في حادثة وفاة “الزعبور” الذي صار غريما للأجهزة الأمنية منذ لحظة اعتقاله.

وكان الزعبور قبل وفاته يواجه عدة تهم، منها تهمة قتل المواطن يحيى السلمان من مخيم عسكر القديم بتاريخ 8/3/2016، وقتل الملازم حسن أبو الحاج بتاريخ 19/3/2017 خلال عملية اعتقاله.

ويعد “الزعبور” أحد أبرز المسلحين المطلوبين للسلطة في مخيم بلاطة، وكان يقود مجموعة مسلحة موالية للنائب عن حركة فتح جمال الطيراوي، والذي بدوره متهم بارتباطه بالقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان.

وبحسب الرواية الرسمية للسلطة؛ تعرض الزعبور صباح يوم الجمعة (3-8-2018) لنوبة قلبية حادة خلال وجوده في غرفة السجن مع زملائه النزلاء في سجن أريحا، نقل على إثرها للمستشفى الاستشاري لتلقي العلاج اللازم، وبتاريخ (12-8-2018) أعلنت إدارة المستشفى وفاته.

من جانبها، رفضت عائلة أبو حمادة هذه الرواية الرسمية، وطالبت بتشريح الجثمان لمعرفة سبب الوفاة.

واتهمت شقيقته “أم جهاد” الأجهزة الأمنية بتسميمه خلال وجوده في سجن أريحا، عن طريق دسّ السم في الشراب أو الماء، مؤكدة أن شقيقها كان بكامل صحته، ولم يكن يعاني من أي أمراض بعد تعافيه من إصابته التي تعرض لها أثناء اعتقاله.

وقالت لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: فوجئنا قبل أسبوعين بنقل أخي إلى مستشفى أريحا ثم إلى المستشفى الاستشاري، فهو لم يكن يعاني من أي مشاكل صحية، ولا يتناول أي عقاقير طبية”.

وتشير شقيقته إلى أن أحد الأطباء أكد لهم بعد إدخال الزعبور لغرفة العمليات، أنه لا يعاني من جلطة أو انسداد بالشرايين، وأنه لا يحتاج حتى لشبكية.

وأضافت: “الطبيب محمد دعباس، وهو طبيب باطني، قال لنا إنهم (الأطباء) لا يعلمون ماذا حصل مع أحمد، وإنهم يراقبون أعضاءه الحيوية، ثم أخبرنا بأن أحمد لديه مشكلة في الدماغ”.

وأشارت إلى أن الأطباء رفضوا توضيح حالته الصحية لعائلته، وقالت: “طلبنا أكثر من مرة إعطاءنا معلومات تفصيلية عن وضع أحمد، لكن كنا دائما نواجه بالرفض، لعدم وجود أوامر من الأجهزة الأمنية”.

وتتهم عائلة أبو حمادة السلطة بالمسؤولية عن تصفيته، وتقول “أم جهاد”: إن الأجهزة أرادت تصفية شقيقها قبل الإفراج عنه.

وتضيف: “الغدر بدمهم.. أبو العز حلاوة قتلوه بدم بارد، وهناك سجين آخر في جنين، فهل سيكون التعامل مع أحمد أفضل من سابقيه؟”.

وأوضحت أن العائلة كانت على وشك التوصل إلى تسوية وصلح عشائري مع عائلة القتيل السلمان، ما كان سيمهد الطريق أمام الإفراج عنه، لكن ظروفا خارجة عن إرادتهم أخرت إتمام التسوية.

انعدام المصداقية

لم تكن السلطة بحاجة لوفاة “الزعبور” لكي تدخل دائرة الشبهات؛ فسجل أجهزتها على الأرض لا يشفع لها في معركة كسب المصداقية.

الكاتب ياسين عز الدين يرى بأنه، ورغم التباين في الروايات المتعلقة بوفاة الزعبور، إلا أن هذا لا يبرئ السلطة ولا محافظ نابلس؛ “فهم يتصرفون كعصابات، وليس كدولة ولا سلطة قانون”.

ويستشهد عز الدين بالطريقة التي هدد فيها محافظ نابلس المتظاهرين الذين خرجوا مطالبين بوقف العقوبات عن غزة، قبل شهرين.

ويضيف: “هذه سلطة لم يسلم أحد من شرها، حتى أبناؤها أنفسهم، وهي لم تفرط بفلسطين ولم تنسق مع الاحتلال أمنيًّا فحسب؛ بل تدمر النسيج الاجتماعي الداخلي، وتمارس أساليب العصابات والبلطجة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات