الكابينت يغرق بغزة.. لا أحد يعرف ماذا يريد!

فقدان السيطرة، وانعدام الرؤية الاستراتيجية باتا مضمون كل اجتماع لما يسمى “الكابينت” الإسرائيلي، تتجدد هذه المسلمات بعدد الجولة الطويلة التي دقت فيها صواريخ المقاومة مستوطنات “غلاف غزة”، وفشل القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ.

“المركز الفلسطيني للإعلام” واكب أحداث الليلة الماضية، وتابع ما تناقله الإعلام العبري حول فقدان السيطرة وضعف وانعدام الرؤية الإستراتيجية لقادة الكيان.

فقدان السلطة

“نتنياهو وليبرمان يخشون الحرب، والانتخابات على الأبواب، هذا بالضبط ما سيحصلون عليه”. تحت هذا العنوان كتب المعلق العسكري الإسرائيلي لصحيفة “معاريف الأسبوع” يوسي ميلمان.

يقول ميلمان: “يعرف رئيس الوزراء ووزير الجيش أن الحرب يمكن أن تقودهم إلى لجان التحقيق أو إلى فقدان السلطة، لذلك يفضلون تجاوز الفقرات، وإدارة الأزمة؛ الجيش الإسرائيلي يطلق النار عن طريق الخطأ باتجاه موقع لحماس، قتل اثنين من رجالها الذين شاركوا في مناورة للمنظمة، تطلق حماس أو تسمح بإطلاق وابل من عشرات الصواريخ على سديروت والتجمعات القريبة من غزة، وفشلت القبة الحديدية في اعتراض سوى عدد قليل منها”.

وأضاف ميلمان: النتيجة هي عدد من الإصابات الإسرائيلية، ولم نتحدث بعد عن استمرار إطلاق البالونات، يحدث كل هذا ووفد من كبار قادة حماس في القاهرة لمواصلة المناقشات مع رئيس المخابرات المصرية اللواء كمال عباس ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف إلى الشرق الأوسط.

الثمن الغالي

وأشار ميلمان إلى أن “حماس جاهزة لهدنة لمدّة طويلة تشمل وقف إطلاق النار مقابل رفع الحصار، وفتح كامل للمعبر الحدودي في كرم شالوم ورفح مع مصر، إضافة لإعادة تأهيل البنى التحتية (كهرباء وماء وصرف صحي)، وهي مستعدة أيضا للموافقة على ترتيبات ستفتح مفاوضات بشأن الجنود الأسرى، لكنها تطلب ثمنا عاليا (الإفراج عن مئات الأسرى بما فيهم أصحاب عمليات القتل).

وبحسب ميلمان؛ من المؤكد أن الحكومة الإسرائيلية لغاية الآن ليس لديها استراتيجية، والكابينت منقسم وغير قادر أو راغب في التوصل إلى قرار، ونتنياهو وتحت ضغط من عائلات هدار غولدن وأورون شاؤول ومنغستو “لن يكون هناك أي إتفاق طالما لا توجد صفقة تبادل” مع علم الجميع أن الأمر قد يقود إلى حرب.

وأكد ميلمان أنه من الصعب الحكم على جولة التصعيد الحالية؛ هل هي “عربدة” ما قبل التهدئة أو ما قبل المواجهة، وحسب علمنا أن الطرفين لا يرغبان في المواجهة والثمن معروف؛ أسرى مقابل الجنود، وفق قوله.

صواريخ غير مسبوقة

ونقلت صحيفة “يديعوت” عن مراسلين عسكريين قولهم: “إن كثافة الصواريخ التي أُطلقت الليلة غير مسبوقة، إذ كانت صفارات الإنذار تدوي كل 4 دقائق، وحوالي 50 مستوطنة وكيبوتس تعرضت منذ الليلة ولهذه اللحظة لقصف مستمر بقذائف الهاون وصواريخ غزة”.

المراسل العسكري لصحيفة يديعوت يوسي يهوشع، يقول: يؤسفني أن أقول ذلك، لكن لو علموا فقط بمناورة حماس أمس (الثلاثاء باستشهاد قساميين) كنا أرحنا أنفسنا من هذه الجولة.

يقول: لقد أطلق من بداية التصعيد لغاية صباح اليوم الخميس أكثرمن 150 صاروخًا على “إسرائيل” القبة فقط اعترضت 25 صاروخا.

وأكد يهوشع أن كل جولة في قطاع غزة لها أسبابها: ولكن يبدو أن هذه المرة تم فتحها فقط لأسباب تشغيلية واستخباراتية وتكتيكية، وبعبارة أخرى لو كان الجيش الإسرائيلي و”القيادة الجنوبية” على علم بتدريبات حماس أول أمس في العرض في شمال قطاع غزة، لما كنا قد عشنا حادث إطلاق النار الكثيف الليلة الماضية.

الاحتواء الحذر

وأضاف يهوشع: “بداية الجولة الحالية كانت بسبب قرار قوة من الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار باتجاه موقع لحماس أسفر عن مقتل اثنين من نشطائها يوم الثلاثاء”.

يتابع: “في البداية قال الجيش إن سبب النار هو الرد على نيران قناصة أطلقوا النار تجاه قوة عسكرية، ولو كان أحد يعرف لما دخلنا إلى جولة القتال هذه، خاصة وأن الأطراف في أوج أهم المفاوضات التي جرت هنا خلال السنوات الأربع الماضية استعداداً للاتفاق على ترتيبات لقطاع غزة”.

القناة الإسرائيلية 14 بعد هذا العرض قالت: إن نتنياهو وليبرمان عقدوا جلسة تشاور في مجمع وزارة الجيش “الكرياه”، بحضور رئيس هيئة الأركان غادي آيزنكوت ورئيس الشاباك نداف أرغمان ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شابات، وعدد من قادة الجيش والأجهزة الأمنية، لإجراء مشاورات أمنية بعد أحداث الليلة، وقد انتهى الاجتماع الأمني دون الكشف عن تفاصيله.

لكنّ صحفيًّا في راديو “كان بيت”، وعلى عكس ما نشرته القناة 14؛ قال: إن جلسة تقدير الموقف والمشاورات التي جرت الليلة وحضرها نتنياهو وليبرمان ورئيس الشاباك ورئيس الإستخبارات العسكرية ورئيس مجلس الأمن القومي طرحت عدة خطوات في حال تصاعد الوضع.

ويقول الصحفي الإسرائيلي: من القرارات إخلاء المستوطنات لمسافة 4 كلم إن تطلب الأمر، ومن الممكن أن يتحول التصعيد لمواجهة، لا يمكن الوصول لترتيبات مع حماس، ومن الممكن أن يتم استدعاء الاحتياط، ونصب بطاريات إصافية جديدة.

حرب نفسية

فيما ذكرت القناة 14 صباح هذا اليوم أن “الجبهة الداخلية” أصدرت تعليمات مشددة؛ توصي بإلغاء الدراسات والمخيمات الصيفية والرحلات والأنشطة الزراعية في “غلاف غزة”، كما أن “قيادة الجبهة الداخلية” أصدرت توجيهات بإيقاف خط القطار من عسقلان إلى سديروت بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة، وفق القناة.

ضربة قاتلة

من جهته، قال عاموس هرئيل، رئيس معهد الأمن القومي: إنه من المهم الاختيار بين أربع حالات: ترتيبات، وقف إطلاق النار، جولة محدودة، معركة كاملة.

بالنسبة للترتيبات -وفق هرئيل- تكاد تكون مستحيلة؛ لأن محددات الجانبين بعيدة جدا، وأما الخيار الثاني بدخول معركة كاملة فكلا الطرفين غير مهتمين بها، الخيار الثالث في جولة محدودة فحسب إدعاء هرئيل فإن الجيش هاجم مقرّات استراتيجية، والخيار الأخير بوقف إطلاق النار فمصر والأمم المتحدة يعملان على تحقيق ذلك.

القائد السابق لفرقة غزة تشكو تامير، في لقاء مع روني دانيال الكاتب والمحلل العسكري في القناة 12، قال: لو أرادت حماس التصعيد لفعلت منذ مدّة طويلة، ولكن ليس للطرفين مصلحة في المواجهة، وأنا مقتنع بأن هناك محاولة لوقف التصعيد.

فيما ذكرت صحيفة يديعوت خبرًا تحت عنوان “إن ما يحدث يعدّ ضربة قاتلة للسياحة”؛ حيث إنه كان من المفترض أن يقام في حديقة أشكول الليلة مهرجان بـ 4000 تذكرة قد بيعت لكن قد يُلغى.

وذكر مراسل القناة العاشرة باراك ربيد أن نتنياهو يعقد الآن مع وزير الحرب ورئيس الأركان ورئيس الشاباك اجتماعا عاجلا في “الكرياه” لتقييم الوضع الأمني في قطاع غزة، قبل ساعات من موعد انعقاد جلسة الكابينت المقررة الساعة السادسة من مساء اليوم (بعد أن كانت مقررة الساعة الرابعة).