الأحد 04/مايو/2025

دارين طوطر … الحرية ثمنُها كلمة!

أسامة الأشقر

امرأة فلسطينية ثلاثينية تعيش في أرضها “المحتلة” غريبةً، في بلدة الرينة الخضراء الزاهية في الجليل الأسفل إلى الشمال الشرقي من الناصرة الحزينة … وتحمل رغم أنفها جنسية القاتل المحتل “الإسرائيلية”، لكنها كما كل عربي فلسطيني حر أبت أن تتلوّث بهذا الانتماء “الإجباري” فكانت فلسطينيةً في متابعاتها وفي كتاباتها وفي مشاعرها وفي كل أمرها … كانت تكتب كلمات من الشعر المنثور، لا ترقى لاهتمام النقاد والمتابعين، ولم يكن لها شعبية كبيرة وسط مراكمات الإعلام الرقمي … ولكنها كانت تكتب بحرقةٍ وألم، وتشعر بالخيبة والألم أن كلماتها التي تحكيها بصوتها – وهي كل ما تستطيعه- لا تجد سبيلها للتعميم والحضور لتساهم في حمل قضيتها.

ثم جاءت لحظة الحرية التي تنتظرها، عندما حوّل المحتلّ الخائف كلماتها إلى رصاصات، واتهم كلماتها بالتحريض على العنف، وخاض معها حرباً قذرة لاعتقال قناعاتها، وسجن لسانها، وكسر قلمها رغم أنها تعيش في “واحة ديمقراطية” لم تحتمل كلماتها التي تصنّف عادة ضمن حرية التعبير ذات السقوف المتحدية؛ وهو ما يتاح لـ”إسرائيليين” كثيرين لكنهم يحملون الهوية “اليهودية” التي تبيح لهم حتى إراقة الدم باسم الدولة الديمقراطية؛ والعجيب أنهم عدّوا هذه الكلمات “وصية” ستقوم بعدها بتنفيذ عملية “انتحارية”، وهي الوصفة القانونية عندهم لانتهاك حقوق العرب الفلسطينيين في بلدهم المحتل عام 1948م .

هذه كلماتها التي اجترحتْها بصوتها ويدها وهي ترى جثة الفتى الصغير محمد أبو خضير بعد أن أحرقه مستوطنون يهود قرب القدس، وأمام عينيها مرأى الشابة إسراء عابد من الناصرة التي أطلق عليها  شرطة الاحتلال النار في محطة العفولة حين دسّت يدها في حقيبتها:

قاوِمْ يا شعبي قاومهم
في ‏القدس
في القدس ضمّدت جراحي
ونفثت همومي لله
وحملت الروح على كفي
من أجل فلسطين العربِ
لن أرضى بالحل السلمي
لن أُنزل أبداً علم بلادي
حتى أُنزلهم من وطني
أركعهم لزماني الآتي
قاوم يا شعبي قاومهم
قاوم سطو المستوطن
واتبع قافلة الشهداء
مزق دستوراً من عار
قد حمل الذل القهار
أردعنا من رد الحق
حرقوا الأطفال بلا ذنب
وهديل قنصوها علناً
قتلوها في وضح نهار
قاوم يا شعبي قاومهم
قاوم بطش المستعمر
لا تصغِ
لا تصغِ السمع لأذنابٍ
ربطونا بالوهم السلمي
لا تخشى ألسن ماركافا
فالحق في قلبك أقوى
ما دمت تقاوم في وطنك
عاش العظماء والنصر
فعليٌّ
فعليٌّ نادى من قبره
قاوم يا شعبي الثائر
واكتبني نثراً في الندّ
قد صرتَ الرد لأشلائي
قاوم يا شعبي قاوم
قاوم يا شعبي قاومهم

تستحق دارين أن تكون اليوم واحدة من رموز النضال الفلسطيني ضد الاحتلال، وأن ينضمّ الكتاب والأدباء واتحاداتهم إلى قائمة الواقفين معها، ومعظمهم حتى الآن من الأجانب الأحرار … 

إن قرار محكم الاحتلال بسجنك يا دارين قد أعطاك طوق الحرية التي تطلبينها، فطُوفي في ساحاتها!  فإنك الآن – فعلاً وقولاً –  أصبحت بحكم الواقع أكبر شاعرة للحرية !

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات