الخميس 04/يوليو/2024

التهدئة في غزة.. صمود متردد تضبطه السياسة

التهدئة في غزة.. صمود متردد تضبطه السياسة

رغبة الأطراف كلها في الهدوء تخترقها تفاصيل ميدانية متدحرجة كل أسبوع ومحاولات لتثبيت تهدئة طويلة تتجنب أتون الحرب غير محسوبة النتائج للاحتلال.

الناس في غزة متحفزين لاندلاع جولة عدوان مساء كل جمعة فمنذ أسابيع لم تغب شمس مسيرة العودة على هدوء في حين اخترق فضاء ساكنيها صواريخ الطائرات ليلاً قبل بدء مسلسل تصريحات وجهود لاستئناف التهدئة.

دفّة الميدان آخذة في التغيير منذ مايو الماضي، والمقاومة للاحتلال، واستعادة الردع المتضرر منذ انتهاء حرب (2014)؛ لذا حاولت رد القصف بالقصف، وتعززت قناعة الاحتلال أن استمرار مسيرة العودة لا يحدّها رفع القوة النارية.

الجديد أن ثمّة أطراف مهمة تدخل في كل جولة تهدئة من بينها مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف وقطر ومصر ووسطاء آخرون، يناقشون الهدوء المؤقت تكتيكا، ويناقشون استراتيجية واقع جديد بين المقاومة و”إسرائيل”.

صمود التهدئة

ما شاهدناه في كل جولة ارتفاع القوة النارية بتدرج مع تغيير نسبي في قواعد الاشتباك الميداني، لذا كانت رغبة الجميع في الهدوء تنتهي بالرجوع لحالة السكون المشوب بالحذر.

ويرجح محمود العجرمي الخبير في الشئون الأمنية الوصول قريباً لحالة هدوء وصمود تهدئة بشروط تحدث انفراجة عن غزة وفك الحصار؛ لأن الاحتلال بات مدركاً أن كل ما فعله لن يغير واقع غزة بالقوة.

ظروف موضوعية للمقاومة، ومشاكل داخلية في حكومة الاحتلال، والمتغيرات الإقليمية شمال فلسطين المحتلة، وملف سوريا وإيران، تمضي في إطار عدم الدخول في جولة تصعيد تتطور إلى حرب.

ويضيف العجرمي لمراسلنا: “الجيش الإسرائيلي يتدخل الآن لإقناع الساسة في إسرائيل بعدم جدوى الحرب، وهناك مبررات كثيرة منها عدم ضمان النتائج، وعدم اكتمال بناء الجدار مع غزة، وأن الطائرات الورقية لن تكون سبب الحرب”.

ونشطت الاتصالات والوساطات في الجولات الأخيرة من جهة مصر والأمم المتحدة وقطر، وتركيا دخلت مراراً على خط تعزيز الهدوء، فيما ثبّتت المقاومة معادلة رفض قصف الاحتلال دون رد مع انخفاض مؤخراً في إطلاق البالونات والقذائف كرسالة مقصودة.

ويقول محمد مصلح الخبير في الشئون الإسرائيلية: إن “إسرائيل” ما يهمها هو الجزء الأمني، وأن محاولات فرض القوة ورد المقاومة أرسل جواباً واضحاً من غزة في ظل ميلها للهدوء وانتزاع حق غزة الآدمي.

ضغوط فاشلة
ما عاشته غزة في الجولة الأخيرة هو محاولة استخدام الاحتلال للضغط الاقتصادي وتعزيز أزماتها اليومية من خلال إغلاق منفذها التجاري الوحيد معبر كرم أبو سالم، لكنها بدت مترددة في المضي قدماً بإطالة زمن الإغلاق خوفاً من الانفجار.

ويقول الخبير العجرمي في تصريح لمراسلنا: إن إغلاق الاحتلال للمعابر لم يفلح، وجرى التراجع عنه سريعاً و”ملادينوف” مبعوث الأمم المتحدة تحدث قبل أيام في فرنسا أن تفاقم حصار غزة سيؤدي للانفجار، داعياً لحل الأزمة.

إدانة موقف نيكي هيلي ممثلة أمريكا في الأمم المتحدة المتوافق دوماً مع “إسرائيل” وميلاد معادلة ميدانية جديدة رغم صعوبة الحياة بغزة، وخشية الإقليم من انفجارها، وتراجع مساعدات “الأونروا” كلها تمارس مواقف تمضي نحو هدوء مخطط يحاول كل طرف فيه فرض رؤيته.

ويؤكد هشام المغاري الخبير في الشئون الأمنية، أن الأطراف كافة حريصة على ضبط الأمور، ما لم يقع حادث يقتل فيه ضحايا كثيرون سواء في غزة أو “إسرائيل” عندها مرجح التدحرج نحو الانفجار والحرب.

ويصف لمراسلنا” ما يجري مؤخراً هو تسخين آني، وأن الاحتلال يستخدم رفع القوة النارية وأدوات الحرب النفسية مع كامل رغبته في عدم اللجوء للحرب.

ليبرمان متردد
قبل أيام تحدث “ليبرمان” وزير الجيش الإسرائيلي في جلسة مغلقة بمستوطنة “سيديروت” أن تغيير حركة “حماس” في قطاع غزة، أمر غير ممكن بالنسبة لـ “إسرائيل” .

ليبرمان الذي أطلق تصريحه السابق في ظل تنفيذ أمره بإغلاق معبر كرم أبو سالم، عاد ونشر تغريدة على “تويتر” قال فيها: “رسالتي إلى سكان غزة بسيطة: يمكنك الاختيار بين الفقر والبطالة… يمكننا أن نكون أفضل شركاء لكم، وفي جهود تحويل مخيمات اللاجئين في غزة إلى سنغافورة”.

واشترط “ليبرمان” رفع حصار غزة بالآتي: “كل ما نحتاجه من أجل ذلك هو الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود في سلام، ونزع السلاح، وتسوية مسألة الأسرى والمفقودين”.

ويقرأ هشام المغاري الخبير في الشئون الأمنية تصريحات ليبرمان بأنها توضح خشية تحمل أي فشل مستقبلي إن وقعت الحرب، وأنه بدأ مؤخراً يعلم تفاصيل عن “صفقة القرن”.

ويحمل اليمين الإسرائيلي عقيدة تقول إن غزة ليست جزءًا من مشروعها لذا هي مستعدة أن تتخلى عنها متى توفّر الأمن.

أما محمود العجرمي الخبير في الشئون الأمنية فيؤكد أن تصريحات ليبرمان تعكس مدى التردد والمأزق الحقيقي الذي تعانيه المؤسسة العسكرية، وأن سلمية مسيرة العودة جعلته يعيد التفكير بخصوص الحصار.

ويتابع: “الاحتلال قلق من مسيرة العودة، وأتوقع الذهاب لهدوء ورفع تدريجي للحصار، لأن الضغط على غزة لم يفلح”.

أما محمد مصلح الخبير في الشئون الإسرائيلي فيفسّر تصريحه الأول حول استحالة القضاء على حماس كواقع بغزة؛ بأنها رسالة داخلية للمجتمع الإسرائيلي يبرر فشل جيشه في الحرب القادمة، وأن القضاء على حماس غير عملي.

ويتابع: “قبل فترة طالب ليبرمان الحكومة بـ30 مليار شيكل لتعزيز منظومة الدفاع في مواجهة المقاومة، أما تصريحه عن تحسين حياة غزة فمرتبط بصفقة القرن، وملامح صفقة إقليمية تخطط لدفع غزة نحو مصر”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات