السبت 29/يونيو/2024

دولة الكانتونات .. هكذا يمزق الاستيطان الأرض الفلسطينية

دولة الكانتونات .. هكذا يمزق الاستيطان الأرض الفلسطينية

على وقع تمدد السرطان الاستيطاني “الإسرائيلي” في الضفة الغربية المحتلة، تحوّلت المدن والقرى الفلسطينية في الضفة المحتلة، إلى كانتونات منعزلة عن بعضها، يبدو معها حلم الدولة الفلسطينية وترابط الأراض، مستحيلا بعيد المنال.

مدينة استيطانية ضخمة
تسارعت في الآونة الأخيرة وتيرة النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لتحويل أربع مستوطنات وبؤرة استيطانية إلى مدينة استيطانية كبيرة على آلاف الدونمات في الأغوار.

وتسعى قوات الاحتلال إلى جعل تلك المستوطنات مترابطة جغرافيا بحيث تشكل البؤرة حلقة الضم والتوسع للمستوطنات الأربع التي تطبق على منطقة الفارسية، ولم يعد يفصلها عن بعضها بعضًا سوى أمتار قليلة، وسط تهديدات مبيتة لضمها ضمن هذه المستوطنة الكبرى.


null

زيادة متسارعة
وشهدت الضفة الغربية والقدس المحتلتان، خلال العام الماضي العديد من الانتهاكات الاسرائيلية المتعلقة بالاستيطان، حيث بنيت 2783 وحدة استيطانية جديدة بزيادة قدرها 17% مقارنة بالمتوسط في السنوات الثماني الماضية، ومنذ تولي بنيامين نتنياهو منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية عام 2009.

مع الإشارة إلى أنّ 78% من المستوطنات كانت مستوطنات “معزولة” يتعين على إسرائيل إخلاؤها في اتفاق مستقبلي، بيد أنها ربطت خلال العام الماضي بشبكة طرق والمواصلات الرئيسة.


واقع جديد
وفي تطور جديد، كشف “يؤاب غاليت” وزير البناء والاسكان الإسرائيلي، عن مخططات استيطانية لمعالجة ما أسماه الاكتظاظ في القدس المحتلة.

وحسب الوزير؛ فإن حسابات وزارته تشير إلى حاجة المدينة إلى مليون وحدة استيطانية جديدة خلال العشرين عاماً القادمة.!


خريطة تجمّع جفعون الاستيطاني شمال غرب مدينة القدس (أريج، 2012)

وتخطط وزارة الاحتلال لإقامة خمسة آلاف وحدة سكنية على التلة البيضاء جنوب غرب القدس وسبعة آلاف وحدة جديدة في المنطقة الصناعية في قلنديا «عطروت»، وألف وحدة في مستوطنة “بسغات زئيف” وتعدّ هذه المخططات الرئيسة، فيما يضاف إليها بناء أكثر من ألفي وحدة سكنية في جبعات همطوس على أراضي بيت صفافا.

ووفقا لمخططات الوزارة؛ فمن الممكن مضاعفة عدد المستوطنين في بعض المناطق مثل: حي القطمون في غربي القدس، إذ بالإمكان إقامة ستة آلاف وحدة سكنية في المكان الذي توجد فيه اليوم ألفا وحدة فقط.

كانتونات معزولة
حكومة الاحتلال “الإسرائيلي”، تعمل وفق رؤية لدولة فلسطينية مقسمة إلى سبعة كانتونات في المدن الفلسطينية الرئيسة بالضفة كلها مغلقة من الجيش “الإسرائيلي” ومعزولة عن باقي أراضي الضفة الغربية التي ستصبح تابعة لـ”إسرائيل”.


null

وفعليا؛ فإن مشروع الجدار الفاصل يقسم الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة عن بعضهما بعضًا وعن باقي أراضي الضفة، حيث يعمل على إقامة حزامين عازلين طوليين، أحدهما في شرق الضفة بطول غور الأردن، وحزام آخر غرب الضفة على طول “الخط الأخضر” بعمق 5-10كم.

وكذلك إقامة أحزمة عرضية بين الحزامين الطوليين تكون بمنزلة ممر بين منطقتي جنوب “طولكرم” و”نابلس” حتى غور الأردن؛ ما يؤدي إلى تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى 4 كتل رئيسة: جنين- نابلس ورام الله وبين بيت لحم والخليل.

تفشّي السرطان الاستيطاني
ويكشف كتاب “الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية 2015-2016” عن حجم تعقيد السرطان الاستيطاني لحياة الشعب الفلسطيني، وكيف حوّلت الستوطنات، التجمعات السكانية الفلسطينية إلى سجونٍ كبيرة، فضلا عن تقييدها حركةَ الفلسطينيين.



ويوضح الكتاب أن البناء الاستيطاني في الضفة الغربية يُشكل أكبر تهديد لمشروع الدولة الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادئ الأمم المتحدة، علاوة على أن الاستمرار الإسرائيلي في إقامة مشاريع اقتصادية على أراضي الضفة يُعد من أكبر المحرمات وفقا للقانون الدولي الذي يجرّم استغلال ثروات الأقاليم المحتلة.

قواعد السيطرة والتفريغ
ويشير الكتاب إلى أن الاستيطان في الضفة امتداد لمشروع صهيوني قديم يقوم على أسس دينية وأمنية وعسكرية واقتصادية ذات أبعاد عنصرية متطرفة في جوهرها، ويسعى لترسيخ سياسة الأمر الواقع عبر إيجاد تجمعات سكانية يهودية كثيرة العدد ومترامية الأطراف في جميع أنحاء الضفة.

ويذكر أن الاحتلال يسعى لكسر حاجز التفوق الديمغرافي الفلسطيني الحالي في الضفة لمصلحة المستوطنين اليهود، فبات يُقدم لهم شتى أصناف التسهيلات والامتيازات الاقتصادية لتشجيعهم على الانتقال إلى السكن في تلك المستوطنات، حيث تسعى الصهيونية لتغيير واقع الصراع من استعمار عسكري إحلالي منذ العام 1948 إلى نزاع بين شعبين يختلفان على العيش على أرض الضفة.


تسارع في وتيرة الاستيطان في الضفة والقدس

في عهد ترمب
تجد حكومة الاحتلال الصهيوني في مواقف إدارة ترمب، ما يشجعها على مواصلة جرائمها الاستيطانية دون أن تخشى المساءلة والمحاسبة الدولية على هذه الجرائم.

كما استغلت موقف الإدارة الأميركية من نشاطاتها الاستيطانية لتعميق مصادرة الأراضي الفلسطينية وإنجاز مشاريع استيطانية بالقدس والضفة عبر حيل قضائية.

فمن ضمن مخططات حكومة الاحتلال والاستيطان الرامية لابتلاع الضفة الغربية وتثبيت دعائم الاحتلال وتشريع الاستيطان، أقرت ما تسمّى اللجنة الوزارية “الإسرائيلية” للتشريع مقترح القانون الذي بادرت إليه وزيرة القضاء من البيت اليهودي أييليت شكيد، والذي ينص على مصادرة صلاحيات المحكمة العليا النظر في التماسات الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ونقل هذه الصلاحيات القضائية إلى المحكمة المركزية الإدارية في القدس.

تأثير الاستيطان على الواقع المعيشي للفلسطينيين:

سياسة هدم البيوت
إنّ سياسة الهدم باتت جزءًا أساسيًّا في الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية لخلق واقع ديمغرافي جديد في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

فبالنظر إلى الهدم المستمر في النقب المحتل، وهدم قُرى بأكملها على رؤوس ساكنيها، يدل ذلك على السعي المستمر للاحتلال، بترحيل البدو، وحصرهم في مناطق سكن ضيقة، وهو استمرار لمشروع برافر التهجيري رغم أنّ الحكومة أعلنت إسقاطه.


هدم قرية العراقيب في النقب

وتسعى حكومة الاحتلال من ذلك، إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية، التي لا يزال يملكها الفلسطينيون في الداخل المحتل، بهدف بناء مستوطنات إسرائيلية جديدة، في ظل حديث “إسرائيل”، عن أزمة سكنية محتملة خلال الثلاثة عقود القادمة إن لم يتم السيطرة على تلك الأراضي في النقب، وكذلك الضفة.

ومنذ العام 2006 وحتى نهاية يونيو 2018 هدمت “إسرائيل” ما لا يقل عن 1342 وحدة سكنية تابعة لفلسطينيين في الضفة الغربية (لا تشمل شرقي القدس) فقد إثرها ما لا يقل عن 6024 فلسطينيا من ضمنهم 3040 قاصرا بيوتهم جراء الهدم.

منع الوصول إلى الأراضي:
تحيط قوات الاحتلال منذ سنوات المستوطنات بمساحات واسعة من الأرض مغلقةً أمام الفلسطينيين، وتمتنع عن القضاء على ظاهرة إغلاق الأراضي بصورة عشوائية وغير قانونية ومنع وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم المجاورة للمستوطنات من المستوطنين، وهي إحدى الطرق الكثيرة المستعملة لتوسيع المستوطنات.


الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات