الأربعاء 26/يونيو/2024

جلسات الكبينت.. قرارات تتهاوى أمام صلابة غزة

جلسات الكبينت.. قرارات تتهاوى أمام صلابة غزة

كالعادة خرجت الجلسة الأخيرة للمجلس الأمني الصهيوني المصغر، “الكابينت” خالية الوفاض؛ مع تفويض عسكري ملتبس في النتائج والأثر، بينما على الصعيد العام “الإسرائيلي”، الأراء تشير إلى فقدان القدرة على ردع غزة ومقاومتها؛ مع مشاعر سلبية تُسيطر على الموقف.

التصعيد الأخير على قطاع غزة لاقى تباينا في آراء الكتاب والمحللين الصهاينة حول إيجاد الحلول المناسبة للوضع الراهن في غزة؛ وهو ما رصده قسم الترجمة والرصد في “المركز الفلسطيني للإعلام“.

استنزاف وهمي
أفيشاي أمتاي عقيد في الاحتياط الصهيوني، قال: “حماس المنتصرة وإسرائيل هي التي هُزمت في هذه المعركة، ولن تتجرأ بعدها إسرائيل على اجتياح غزة لأنها تعلم أن الثمن سيكون باهظا ومكلفا بشريا وسياسيا لليمين، وهذا كله نتيجة السياسة الفاشلة لنتنياهو، لا أفق سياسي ولا أفق عسكري”.

محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت إليكس فيشمان وتحت عنوان “حربي الاستنزاف” كتب قائلا: “الطائرات المقاتلة الإسرائيلية لم تهاجم قطاع غزة بسبب البالونات الحارقة، ولا بسبب إصابة قائد الكتيبة يوم الاثنين عندما أُلقيت عليه قنبلة يدوية في مواجهات حول السياج؛ لكنها فرصة تشغيلية ميدانية فقط، فمن خلال التصعيد كان الجيش يعمل على ما يبدو على خطة منظمة تهدف إلى تقويض قوة حماس العسكرية، دون الإضطرار إلى احتلال قطاع غزة ودفع ثمن الحرب والسيطرة على قطاع غزة”.

وأضاف، “نحن نشهد حربي استنزاف منفصلتين – حرب حماس وحرب إسرائيل، القاسم المشترك لكليهما هو أن إسرائيل تستخدم أحداث الاستنزاف الخاصة بحماس – مثل البالونات الحارقة وأعمال الشغب وإيذاء الجنود – كذريعة لتكثيف حرب الاستنزاف ضد البنية التحتية العسكرية لحماس في جميع أنحاء قطاع غزة”.

وبحسب فيشمان؛ “لدى إسرائيل اليوم كل الأسباب السياسية لتجنب فتح جبهة عسكرية واسعة واحتلال قطاع غزة بقدر ما هو معروف، وليس لدى حماس أي مصلحة في الوصول إلى مواجهة عامة يمكن أن تبعدها عن السلطة، كذلك هذه المرة أيضاً سنبقى مع مواجهة عسكرية تسعى إلى إيجاد حلّ، ومع حربي استنزاف يستمران في تغذية كل منهما للآخر”.

السيناريو القادمة
فيما كتب عاموس يدلين في مقال له على صحيفة يديعوت حول التصعيد الأخير في قطاع غزة مقالا تحت عنوان “حماس عاودت الخطأ”، قائلا: “الضرر الذي يلحق بالسيادة (الاحتلال بالقوة) الإسرائيلية وكسر نسيج الحياة في المستوطنات المحيطة، والصدى الكبير في الإعلام يجبر الحكومة الإسرائيلية على أن توضح أنها لن تقبل تحديات حماس، لكن في هذه المرحلة يحرص الجانبان على عدم الوصول إلى المستوى الأعلى من جولة كاملة من الحرب؛ حماس تمتنع عن إطلاق صواريخ ثقيلة موجودة بحوزتها، وتحد من نطاق إطلاق النار حتى الغلاف، لكن تصاعد إطلاق النار يزيد من خطر وقوع خسائر في كلا الجانبين و التصعيد على أثر ذلك”.

وفي ضوء الدروس المستفادة من العمليات السابقة في غزة، فإنه من الصواب التحضير للمواجهات القادمة المحتملة؛ على حد وصف المحلل، حتى لا يكون الحفاظ على نظام حماس عائقا أمام أهداف الحملة، مضيفا “يجب أن تكون خطوات التصعيد حادة ومفاجئة ولا تتراكم تدريجياً بالتوازي مع العمل العسكري، ويجب تفعيل الآليات السياسية لتعزيز المصالح الإسرائيلية، من خلال عوامل مثل مصر ومبعوث الأمم المتحدة”، وفق قوله.

ويشير المحلل؛ أنه وبمجرد توضيح توازن القوى وتقديم استجابة معقولة لمطالب الأطراف، قد تنضج الظروف لترتيبات محدودة لـ “الهدنة الصغيرة”، وينبغي أن تشتمل الترتيبات السياسية على عودة الجنود الإسرائيليين والأشخاص المفقودين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، وبناء مشاريع البنية التحتية في مجالات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والنقل والتحكم في فتح المعابر وفقًا لمعايير الأمان الصارمة، ونزع سلاح المنظمات الفلسطينية وآليات لتفكيك الأجنحة العسكرية، ومنع إعادة تأهيل وتدعيم الجناح العسكري، ويمكن الجمع بين هذه “الهدنة الصغيرة” و”صفقة القرن” التي تستهدفها حكومة ترمب والتي ترغب الدول العربية في الانضمام إليها .

انعدام الرؤية الاستراتيجية
وفي ذات السياق كتب الصحفي بن كسبيت على صحيفة معاريف: “حتى الآن في المجال الاستراتيجي لا يوجد أخبار؛ الحكومة الإسرائيلية ليست مستعدة للإطاحة بحكومة حماس (فعليا لا يوجد حكومة لحماس) في غزة كما وعد القائم على رأسها، وهو أيضاً غير مستعد للتوصل إلى ترتيب طويل الأجل من شأنه تهدئة الجنوب لعدة سنوات، حتى لو أخذنا الأنفاق منهم و دمرنا صواريخهم وقذائف الهاون سيجدون طريقة لإيذائنا، والفرق الرئيسي بيننا وبينهم هو أنه ليس لديهم ما يخسرونه، وعندما يعيشون في قاع البرميل فإنهم يبذلون كل جهد ممكن لرش مياه الصرف الصحي علينا حتى نشعر بالرائحة.

ويوضح بن كسبيت، أن الجيش الإسرائيلي يتوسل القيادة السياسية بأن تسلمه نظامًا واضحًا وسياسة واضحة، فيما يتعلق بما يجب فعله مع غزة، لكن السياسة هي أنه لا يوجد أي شيء نفعله مع غزة لكنها ستفعل شيئًا بحد ذاتها.

أما مقال الافتتاحية لهآرتس علق على التصعيد قائلا: يعتمد النهج التكتيكي الذي يميز رد الجيش الإسرائيلي على الافتقار التام للسياسة أو الرؤية الاستراتيجية؛ وترفض القوة العظمى الثامنة في العالم الاعتراف بأن المواجهات في غزة ليست حملة ضد منظمة أو أطفال تعلموا إعداد البالونات الحارقة ولا ينوون غزو “إسرائيل” أو تهديد وجودها، بل هو نتاج لليأس والضيق والفقر المريع.

الردع الموهوم
وأضافت الصحيفة أن فكرة الردع طويل الأمد مثل الردع الذي تحقق بعد عملية الجرف الصامد يمكن أن يكون حلا جذريا، من المشكوك فيه ما إذا كانت الترسانة “الإسرائيلية” تمتلك القدرة ويمكنها أن تردع مليوني مدني ممن تم إغلاق العالم عليهم بشكل وحشي منذ أكثر من 11 عامًا، والذي تفاقم بشكل كبير بسبب إغلاق معبر كيرم شالوم الأسبوع الماضي، يمكن أن يساعد الردع عندما يكون للمدنيين أو لقيادتهم أصول قد تتعرض للضرر، لا يوجد مثل هؤلاء في غزة، لقد غادروا.

وأكدت الصحيفة أن غزة تطالب بحل سياسي فوري يحتاج سكانها إلى مصادر دخل وكهرباء للمستشفيات، ووقود لتشغيل المصانع، واستثمارات سخية، وبرنامج إعادة تأهيل طارئ، هذه ليست إيماءات يجب على “إسرائيل” أن تعطيها بل طرق عمل فعالة قد تهدّئ الحدود، يجب تنفيذ مصالح “إسرائيل” الأمنية وبالتأكيد الإنسانية، والهدوء في محيط غزة يعتمد عليها.

وكتب أمير بوخبوط على موقع واللا نيوز: “على الرغم من التوترات في الجنوب ستفتتح شعبة 162 تحت قيادة العميد عوديد باسيك اليوم تدريباً يحاكي غزو مدينة غزة، وجزءا من التدريب ستشارك مختلف قوات الجيش الإسرائيلي – بما في ذلك المشاة والدرع والهندسة والمدفعية – بالمناورة في النقب ومدينة بئر السبع، وتعطي القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال أهمية كبيرة لهذه التمرين، حيث إنه يعد أكبر تمرين من نوعه منذ سنوات عديدة”.

وأضاف من المتوقع أن تشمل قضايا مثل صيد خلايا إرهابية في المناطق المفتوحة والمغلقة، والتعامل مع التهديدات تحت الأرض والألغام والعبوات وعمليات التسلل والمحاور الإنسانية، وإجلاء المصابين وتوفير العلاج للسكان.

قرار الكابينت
وأصدر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، بعد ظهر اليوم الأحد، أمرًا إلى جيش الاحتلال بالعمل على إنهاء استنزاف الطائرات والبالونات الحارقة التي تطلق من قطاع غزة.

وذكرت القناة الثانية أن أعضاء (الكابنيت) استمعوا لتقارير أمنية وعسكرية عن جولة المواجهة الأخيرة، وتقرر في النهاية مواجهة ظاهرة الطائرات والبالونات الحارقة بالقوة، وهي مسألة ملتبسة ومثيرة للسخرية، كيف سيستنفر جيش الاحتلال لمواجهة فتية وأطفال يطلقون بالونات وطائرات ورقية في الغالب دون تخطيط أو ترتيب تنظيمي.

وأوضحت القناة أنه تقرر “الرد العسكري” بعد سقوط الوسائل الحارقة (الطائرات والبالونات الحارقة) في “الغلاف”؛ في محاولة لإنهاء هذه الظاهرة التي انطلقت مع بداية فعاليات مسيرة العودة في القطاع في 30 مارس الماضي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات