الخميس 04/يوليو/2024

كيف نواجه صفقة القرن.. خبراء ومحللون يحددون المسارات؟

كيف نواجه صفقة القرن.. خبراء ومحللون يحددون المسارات؟

في ظل التسريبات التي ترشح عن “صفقة القرن”، كبالونات اختبار تطلَق بين الفينة والأخرى، في محاولة لتهيئة الرأي العام لما هو أخطر، يحدد عشرة خبراء المسارات المثلى لمواجهة مشروع تصفية القضية الفلسطينية.

الخبراء والمحللون السياسيون الذين تحدثوا لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” يرون ضرورة تجاوز “رخاوة” الموقف الرسمي العربي؛ إذ إن الشعوب تبقى بارقة أمل تتكسر على صخرتها كل المؤامرات، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني ومقاومته، كما اتفقوا على ضرورة  إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية الضيقة، وضرورة تبني استراتيجية وطنية واحدة، مؤكدين أهمية تعزيز الموقف الفلسطيني الرافض للصفقة.
    
“ما حكّ جلدَك غيرُ ظفرك”

يقول الكاتب الصحفي الأردني عريب الرنتاوي: إنه في مثل هذه الظروف والمناخات، شديدة الإحباط، لا يتعين على الفلسطينيين انتظار الكثير من أعمدة النظام العربي الرسمي، وعليهم اليوم أكثر من وقت مضى، الاستمساك بنظرية “ما حكّ جلدك غير ظفرك”.

ويرى أن رياح “التصفية” السَّموم لقضيتهم الوطنية (الفلسطينيين) تهب من غير اتجاه، ولحظة الحقيقة والاستحقاق تدنو بأسرع مما يظن كثيرون، وقد آن أوان إعمال “التفكير من خارج الصندوق”، والشروع دون إبطاء في ترميم الشقوق التي تهدّد البيت الفلسطيني الداخلي بالانهيار، وبناء التوافقات العريضة والعميقة، حول خطة استنهاض وطني شاملة، مستلهمة لحقيقة أن مطلب الحرية والاستقلال ما يزال بعيد المنال، وأن الدولة ليست على “مرمى حجر”، وأن مسيرة الشعب الفلسطيني تدخل مرحلة استراتيجية جديدة، لا تجدي معها الأدوات والوسائل والأطر القديمة، في مواجهة الأخطار والتحديات والمهام الجديدة.

ويعتقد الرنتاوي أن رهانات كوشنير وفرضياته اصطدمت بجدار مسدود، وعاد من آخر جولاته المكوكية في المنطقة بـ”قليل من الحمّص”، حتى لا نقول “بخفي حنين”. 

ويتابع: “من الواضح تماما أن مبادرة ترمب بدأت بالترنح، وربما تسقط وتحرر شهادة وفاتها، قبل أن ترى النور، والأرجح أن هذه المبادرة، قد أضفت مزيدًا من التعقيد والحسّاسية على أزمة، هي بحكم طبيعتها، من بين أكثر أزمات المنطقة تعقيدا وإثارة لشتى أنواع الحساسيات”.

الخروج من “نفق أوسلو”

رئيس المؤتمر الشعبي العام لفلسطينيي الخارج، وخبير القانون الدولي أنيس قاسم، أكّد أنّه لا يمكن مواجهة “صفقة القرن” فلسطينياً إلا بالخروج من “نفق أوسلو”، مبيناً أنّ من غير المقبول ولا المعقول لا منطقياً ولا واقعياً أن تقود السلطة معركة ضد الصفقة وهي رهينة التنسيق الأمني الصهيوني.

وقال قاسم: “سيكون من المستحيل الجمع بين أن تكون في خدمة الاحتلال، بيمنا تحاول أن تقاوم هذا البلدوزر الأمريكي”، مشدداً أنّه لا يمكن لقيادة السلطة مهما كانت نبرتها عالية أن تقود عملية مقاومة “صفقة القرن” بنجاح؛ “لأنّها أشبه بمن يقود معركة الكترونية متقدمة بأداوت بالية”، كما قال.

ويستغرب خبير القانون الدولي، ما تردده قيادة السلطة من شعارات رافضة لصفقة القرن، وهي تمارس كل ما يمكن أن يسهل تنفيذ هذه الصفقة، لافتاً إلى أنّ أبرز تلك الممارسات استمرار إجراءاتها العقابية على قطاع غزة. 

عدا عن ذلك، فإنّ السلطة لم تتخذ إجراءً واحداً من شأنه أن يعيد اللحمة والوحدة الوطنية – يقول قاسم – لافتاً إلى أنّ ذلك يمكن أن يشكل مدخلاً مهماً وسداً منيعاً لمواجهة “صفقة القرن”.

إنهاء الانقسام

يقول مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية- مسارات، هاني المصري”: إن قيادة السلطة “لن تتمكن من مواجهة صفقة القرن دون إعداد خطة واضحة تستند أساسا على إنهاء الانقسام الداخلي وتعزيز موقفها بالرفض الشعبي الواسع لها إضافة إلى التحرك الدبلوماسي الكثيف مع الدول المناصرة للموقف الفلسطيني”.

ويرى المصري أن مسيرات حق العودة التي انطلقت في عموم قطاع غزة منذ يوم الأرض وحتى الآن، أنها تشكل بارقة أمل على قدرة الشعب الفلسطيني على المواجهة بالطرق كافة بما فيها المسيرات السلمية.

وأكد ضرورة عدم الاعتماد على الوسيط الأميركي في عملية السلام؛ لأنه يعمل فقط لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي، والبحث عن أطراف أخرى يمكنها أن تكون محايدة.

تواطؤ القادر والعاجز

وللوزير الأسبق في السلطة الفلسطينية، والقيادي البارز في حركة فتح نبيل عمرو، رأي آخر؛ إذ يرى في مقال له في صحيفة “الشرق الأوسط”، أن الطبقة السياسية الفلسطينية تعيش حالة انتشاء وزهو إعلامي، من خلال قولها المتكرر إنها أبعدت الأميركيين من عملية السلام، ووضعت صفقة القرن وراء الظهر، حتى إن كثيرين استخدموا عبارة “جعلناها تولد ميتة”.

ولو أن صفقة القرن وجوداً وعدماً ترتبط بموافقة الفلسطينيين عليها أو رفضهم لها، لكان ما يقال صحيحاً، أما إذا كان الأمر أوسع من ذلك، وهو فعلاً كذلك، فإن صفقة القرن قد لا تحقق الحل الذي وعدت به، إلا أنها وضعت منذ الإعلان عن البدء في صياغتها موضع التطبيق، وفق عمرو.

ويضيف: “يقع الفلسطينيون في قلب هذه الشبكة المنسوجة خيوطها بإحكام، وفق تواطؤ بين من يملكون القدرة ومن يملكون العجز، بين من يسلمون بالفاعلية القوية للتحالف الأميركي الإسرائيلي، ومن يرون من واجبهم منح الفلسطينيين مواقف تتفق مع رفضهم”.

ويلخص عمرو المشهد الختامي: “سيجمع الفلسطينيون كالعادة كمية كبيرة من المواقف الداعمة، غير أن ذلك لن يخرجهم من الشبكة حين تطرح صفقة القرن ويعلن من يعلن رفضه لها، ويحقق ترمب وعده بإطلاق يد “إسرائيل” لتفعل ما تشاء، ساعتئذ لا يكفي القول: لقد ولدت الصفقة ميتة”. 

فصل المسار السياسي عن الإنساني

الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم حبيب، عدّ أنّ المخرج الأمثل لمواجهة “صفقة القرن” بأقل الخسائر، هو فصل المسار السياسي عن المسار الإنساني، داعياً الفصائل للانسحاب من واجهة تقديم أي تنازلات يمكن أن تكون تكلفتها أكثر من المتوقع.

ويؤكّد حبيب أنّ مواجهة الصفقة يكمن في معرفة أبرز ركائزها وهي الإدارة الأمريكية المسؤول التنفيذي للصفقة، والنظام المصري الذي يقدم الأرض، والنظام السعودي الذي يقدم المال والتمويل، والدولة أو المنطقة المطلوب تنفيذ الصفقة من خلالها وهي قطاع غزة.

ويشير المحلل السياسي، إلى أنّ المقاومة الفلسطينية والفصائل أدركت أهمية مسيرة العودة في مواجهة صفقة القرن خيارًا بديلًا عن المواجهة العسكرية، مبيناً أنّ الصفقة ستطرَح من خلال أحد خيارين، إما أن توافق “حماس” وفصائل المقاومة عليها أو تواجهها بالقوة العسكرية، وكلا الخيارين أسوأ من الآخر في ظل حالة تواطؤ وانحطاط دولية وإقليمية غير مسبوقة.

الصمود والثبات

يرى مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات محسن صالح  أن “صفقة القرن” لن تمر؛ فحتى هذه اللحظة لا يوجد فلسطيني (حتى من التيار الداعم للتسوية) يقبل بصفقة كهذه؛ والحد الأعلى الإسرائيلي لا يصل إلى الحد الأدنى الذي يمكن أن يوافق عليه أي فلسطيني.

ويقول: “ما دام الشعب الفلسطيني هو الجهة المعنية أساساً، فلن يستطيع الصهاينة والأميركان فرض إرادتهم عليه؛ فهذا الشعب -الذي تمكن من إفشال عشرات المشاريع على مدى السبعين سنة الماضية- قادر على إفشال هذه “الصفقة”.

وحتى لو وُجد -على سبيل الافتراض- من يدَّعي تمثيل الفلسطينيين ويوافق عليها؛ فإن قضية فلسطين -ببعدها العربي وبُعدها الإسلامي- لا يمكن تصفيتها، وستجد دائماً من يدافع عنها ويقاتل في سبيلها ويفشل مخططات تصفيتها، وفق صالح.

ويتابع: “إن النفوذ الصهيوني الكبير هو حالة استثنائية مؤقتة في تاريخ الأمة، ولن يبقى قوياً إلى الأبد، كما أن الأمة لن تبقى ضعيفة إلى الأبد”.

المطلوب الآن هو الصمود والثبات على الحقوق، وعدم التنازل عن أي جزء من فلسطين مهما كانت الضغوط والأثمان، والسعي لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أساس أجندة جديدة ترمي اتفاقات أوسلو وراء ظهرها، وتعود إلى ربّها وأمتها، وتُفعّل برنامج المقاومة، وتستفيد من الطاقات الهائلة المذخورة في الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وفي الأمة، وفي كل القوى العالمية الداعمة لحقنا في أرضنا ومقدساتنا، بحسب صالح.

الرفض الفلسطيني

يعتقد رئيس تحرير صحيفة السبيل الأردنية عاطف الجولاني، أن الطريق ليس مذللاً أمام “صفقة القرن”، وإدارة ترمب باتت تدرك الآن حجم التحديات التي تعترض طريقها، ومن غير الواضح فيما إذا كانت ستتمسك بنفس الصيغة الأولية المثيرة للجدل التي اطّلعت عليها بعض الأطراف المعنية، أم أنها ستلجأ إلى إدخال تعديلات عليها تجعلها مقبولة للأطراف المعترضة عليها. 

ويؤكد بأن تمسك الفلسطينيين برفضهم لـ”الصفقة” سيجعل تمريرها ونجاحها أمراً بليغ الصعوبة، حتى لو تبنّتها بعض الأطراف العربية، فموافقة الفلسطينيين شرط أساس لنجاح أي حلّ سياسي، مشددا على أهمية الدور الشعبي في مواجهة الصفقة؛ “فهو يؤثر بالتأكيد في خيارات الحكومات، ويصلّب موقفها في مواجهة ضغوط الإدارة الأمريكية”.

تبني استراتيجية وطنية

النائب والقيادي الفلسطيني يحيى موسى، أكّد أن تبني استراتيجية وطنية واحدة هي أمثل حل لمواجهة “صفقة القرن”، داعياً لأن يجتمع الكل الفلسطيني على موقف موحد، وتوحيد المؤسسات الوطنية لمواجهة الاحتلال ومن يتعاونون معه.

ويضيف: “لا يمكن أن نواجه صفقة القرن إلا مجتمعين ضمن حالة توافق كامل، حيث تُعنى هذه الصفقة بإدامة الاحتلال والقضاء على المقدرات والأهداف الوطنية”.

ويعتقد النائب الفلسطيني أنّ هذا الخيار هو أحد أهم وأبرز الخيارات العملية لمواجهة الصفقة واستفراد الاحتلال بكل طرفٍ على حدة، معتقداً أنّ رئيس السلطة محمود عباس هو من يعطل أي حالة توافق أو إجماع وطني، داعياً الكل الفلسطيني للوقوف في مواجهة الخطر الذي يشكله عباس على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني، لما يرتكبه من مخالفات وطنية تتمثل بالتنسيق الأمني والتعاون مع الاحتلال ومعاقبة الشعب الفلسطيني.

العمل بكل المستويات 

الأكاديمي والمحلل السياسي وليد المدلل، دعا إلى العمل ضمن المستويات الشعبية والرسمية كافة لمواجهة الصفقة، مبيناً أنّ كل العالم يرتقب ماذا سيفعل الشعب الفلسطيني.

ويوضح المدلل، أنّ الجهود الشعبية لرفض الصفقة جيدة، ولكنها بحاجة إلى دعم ومساندة سيما من المستويات الرسمية والدبلوماسية من أجل الخروج بموقف أقوى وأكثر صرامةً لمواجهة هذه الصفقة.

ويشير إلى أنّه على المستوى الرسمي متمثلاً بالسلطة ضرورة التحرك بشكل دبلوماسي عاجل مع كل الدول التي ترفض الصفقة كإيران وتركيا أو تلك المترددة أو تلك المتضررة مثل الأردن، للخروج بموقف حاسم من أجل إفشال الصفقة ومنع تنفيذها أو تأجيلها على الأقل.

ويؤكدّ المحلل السياسي، أنّ الرفض الفلسطيني الواضح للصفقة يمكن أن يساهم في كبح جماح الأطراف العربية المهرولة للتطبيع مع الاحتلال وتط

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات