التحولات المرتقبة لقيادة السلطة.. حسمٌ خلاف أم إشعال صراع؟
حالة من السيولة السياسية تشهدها الساحة الفلسطينية تنذر بأن هناك تحولاً جذريًّا في قيادة السلطة خلال المرحلة المقبلة نتيجة إرهاصات مرض الرئيس محمود عباس.. يختلف مراقبوها حول أطروحات يمكن أن تشهد توافقًا من الكل الفلسطيني، إلا أن الجميع يتفق على أن زمن القيادات الكاريزمية التاريخية قد انتهى، وأنه لا بد من صياغةٍ جديدة لتصور ما يمكن أن تكون عليه شكل القيادة في المرحلة المقبلة.
وحول التفكير في مرحلة انتقال سلس للسلطات وعدم تمركزها في يد الرئيس، يقول النائب في المجلس التشريعي، الدكتور حسن خريشة: “إن هذا الأمر ليس بالحسبان، لكنه بشكل آلي يتم التعاطي معه، والبعض يرى أنه هو الأحق، وآخرون يريدون أن يستغلوا وجود مجلس وطني وأجسام أخرى لتثبيت شرعيتهم ووصولهم للسلطة، ولكن بالنهاية لن يصل أحد للسلطة إلا بصندوق الاقتراع”.
وأضاف خريشة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “دعني أقول إن الشيء الوحيد الذي اكتسبناه من أوسلو هو الشرعية الانتخابية الدولية؛ حيث إن العالم بدأ يعترف بنا لأننا أجرينا انتخابات رئاسية وتشريعية، وبالتالي الرئيس عندما يقابل أي أحد يقابله باعتباره رئيسًا منتخبًا؛ وإن تم تعيين أحد دون القانون الأساسي فإننا نفقد الشرعية الدولية الانتخابية”.
ورأى خريشة أنه لا يوجد حاليًّا مصطلح اسمه “القيادة”؛ لأنه في ظل تغييب المؤسسات الفلسطينية برز دور القائد وليس القيادة لأن القيادة الموجودة الآن لا تصنع شيئًا، وإنما القرار بيد الرئيس محمود عباس وما عدا ذلك يتم شكليًّا.
وتابع: “أعتقد أنه لا يوجد أحد يأتي بخليفة مكانه بهذه الظروف، ولكن في ظل تغييب المؤسسة يفترض أن نلجأ للقانون ولدينا تجربة سابقة عندما استشهد الرئيس ياسر عرفات كان مجلس تشريعي ومؤسسات فاعلة وتم تعيين رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح على إثرها لمدة 60 يومًا وجرت انتخابات رئاسية، وكل ذلك حصل بشكل شفاف ووفقًا للقانون وبحضور محكمة العدل العليا ورئيس المجلس الوطني وتم انتقال السلطة بالشكل السلس والديمقراطي الذي احترمتنا الدول عليه”.
وشدد على أنه يوجد اليوم محاولات من البعض لتغييب هذه المؤسسات، المؤسسة التشريعية غائبة وأخذوا صلاحيات المجلس الوطني إلى المركزي.
وأكد أنه لا يوجد لا حوار ولا نقاش توافقي حول ترتيب المرحلة المقبلة، والفاعل في الساحة هما فقط فتح وحماس، والأمر بينهما لا يمكن حسمه إلا من خلال الانتخابات.
وأشار إلى أن المجلس التشريعي أصبح مغيبًا بالكامل وتم تجاوزه لصالح أجسام غير منتخبة وبطريقة انفرادية، وآخر نموذج طريقة انعقاد المجلس الوطني وكانت المعايير هي القرابة والمعرفة، منبها إلى أن الشرعية في التمثيل في مؤسسات منظمة التحرير كانت مبنية على أساس البندقية والكفاح المسلح، واليوم شرعية البندقية والكفاح المسلح غير موجودة، ونحن رضينا بأن تكون شرعية صندوق الاقتراع ويتم تجاوزها.
تحالفات مقلقة
من جانبه، يرى الدكتور نور أبو الرب أمين سر إقليم حركة فتح جنين أن ما صدر عن اللجنة المركزية لحركة فتح ينسجم مع مفهوم عدم تمركز الصلاحيات وتوزيعها، ولكن لم يلمس المواطن على الأرض ترجمة حقيقية لهذا التوجه حتى الآن.
وأضاف في حديث لمراسلنا: “نعم أكد الرئيس بالاجتماعات الأخيرة مع القيادة وخاصة اللجنة المركزية بأنه مؤمن بأن تكون القيادة جماعية، والمطلوب أن يأخذ كل شخص دوره لتجسيد ذلك، ولذلك لاحظنا بالفترة الأخيرة وجود توجه لدى القيادة بفصل السلطات، وكذلك أن يكون رئيس اللجنة التنفيذية ورئيس السلطة ليس شخصًا واحدًا”.
وأكد أن المجلس التشريعي أصبح عبئًا على الشعب الفلسطيني والتطلع الآن أن يكون المجلس المركزي بديلاً عنه، مشيرًا لحوارات لفصائل منظمة التحرير ونقاش واسع في هذه المرحلة.
وأضاف: “الحقيقة الصعبة أن المواطن يلمس شيئًا مغايرًا لما يجري من قرارات أحيانًا؛ فالتحالفات في المركزية نقلها البعض إلى الشارع، وبالتالي أصبح المواطن يشعر بالقلق من القادم؛ فكل شيء يتعلق بالصلاحيات والمسؤوليات ضبابي ومراكز قوة ظهرت بالفترة الأخيرة، والسلاح منتشر بشكل كبير، وأخطر ما يقلقني أن ينتقل صراع أعضاء المركزية والأمن إلى الشارع”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الدكتور رائد نعيرات أن هناك مجموعة من الأسس التي من المهم الارتكاز عليها فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، ولكن يجب التأكيد على أن هذا الموضوع لم يناقش مؤسساتيًّا، وأنه لا يوجد شخص تقدمه فتح ويحظى بإجماع.
وأضاف لمراسلنا: “أما عن القرارات، فما زال الرئيس الفلسطيني هو الذي يتحكم في كل الأمور، ويرفض أي تفكير بالموضوع خارج سيطرته؛ وعن حركة فتح وأغلب شخوصها فإنهم ينظرون إلى من يطرح تصور مرحلة ما بعد الرئيس على أنه جزء من التساوق مع صفقة القرن”.
وحول مفهوم القيادة الجماعية أشار إلى أن هذا موضوع طرحته وسائل الإعلام “وأنا أرى أنه غير منطقي وغير عملي ولا قابل للتطبيق في السياق الفلسطيني الحالي، وهو ما ينطبق على المؤسسات الفلسطينية التي أرى أنها تعاني الْيَوْمَ أكثر من مجرد فقدان الإجماع الوطني حولها”.
لا تغير في الأدوار القيادية
ويرى القيادي في حركة فتح وعضو المجلس الوطني تيسير نصر الله أن “عصر القيادات الكاريزمية التاريخية انتهى؛ لأنه فعلا بعد القيادة التاريخية لا يوجد الآن أحد من الذين فجروا الثورة وبدأوها في العام 1965.. لا يوجد مرشح بتولي منصب رئاسة المنظمة أو السلطة أو حتى حركة فتح ويكون قادرًا على الجمع بين هذه الهيئات الثلاث”.
وأضاف نصر الله، في حديث لمراسلنا، أن الاتجاه يسير نحو توزيع المسؤولية لأكثر من مسؤول، “مثلاً داخل فتح تم حل المشكلة في تعيين نائب لها، بينما تبقى المشكلة في السلطة والمنظمة؛ فهي بحاجة لتشريع ما لإقراره؛ حيث يكون نافذًا في المرحلة المقبلة”.
وأكد أن الرئيس ما زال يمسك بزمام السلطات سيما بعد تعافيه من مرضه، ولا يوجد نقل للسلطات أو تفويض، معتقدًا أن المركزي بدورته القادمة والمرشحة أن تكون نهاية هذا الشهر سيبحث وضع تشريع ما لعدم وجود أي فراغ دستوري بحال أي طارئ مفاجئ على صحة الرئيس، وهناك توجه ولكن من الجهة التي ستشرع ذلك، والصعوبة الكبرى في إيجاد قيادة للسلطة أو رئيس ما زالت محل تساؤل.
وأشار إلى أن الهيئات في المنظمة والسلطة تقوم بعملها كالمعتاد مثل مجلس الوزراء والهيئات القضائية النافذة أو الأجهزة الأمنية، وهذا يعني مؤسسات السلطة تعمل بانتظام ولا يوجد أي مشكلة.
وعدّ أن هناك مشكلة كبيرة في إعادة الحياة الديمقراطية للمؤسسات الفلسطينية؛ وهي تحولت لأزمة متوارثة بالعمل الديمقراطي الفلسطيني ونحن بحاجة لترسيخ منهج ديمقراطي منتظم سيما في ظل وجود الاحتلال والتحديات الكبيرة، فلا بد أن نثابر لإجراء العمليات الديمقراطية في مواعيدها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مدير المستشفيات الميدانية بغزة: المجاعة قادمة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بقطاع غزة، مروان الهمص، إن أغلب سكان قطاع غزة يعيشون تجويعاً ينفذه...

إصابة 43 فلسطينيًا باقتحام قوات الاحتلال البلدة القديمة في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 3 فلسطينيين بينهم طفل، برصاص قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي و40 آخرون بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، إثر اقتحام...

كتائب القسام تكشف تفاصيل كمين مركب شرقي رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، اليوم الأحد، عن تفاصيل كمين مركب نفذته في قوة من جيش الاحتلال...

الصحة العالمية: غزة تفتقر إلى كل شيء والوضع قريب من الهاوية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام وصفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، الوضع الصحي في قطاع غزة بأنه "كارثي وقريب من من الهاوية"،...

معركة زيكيم.. يوم فر مقاتلي النخبة الإسرائيلية من مواجهة القسام
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام كشف تحقيق إسرائيلي حول معركة زيكيم، عن هجوم نوعي نفذه مقاتلو كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عبر البحر،...

أونروا تدعو لتضافر الجهود لمنع كارثة إنسانية غير مسبوقة بغزة
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام طالبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بتضافر الجهود الدولية لمنع "كارثة إنسانية غير مسبوقة" في...

استشهاد المعتقل الإداري محيي الدين نجم من جنين
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد المعتقل الإداري، محيي الدين فهمي سعيد نجم (60 عاماً) من جنين، في مستشفى (سوروكا) الإسرائيليّ، ليضاف إلى سجل...