متفوقات دير البلح.. تميز رغم الحصار وعدوان الاحتلال

يوم إعلان نتائج الثانوية العامة كان يوما خاصًّا في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد أن حصلت خمس طالبات على مراتب متقدمة من أوائل الوطن ومحافظات غزة.

ورغم تباين أحوال وظروف معيشة الطالبات المتفوقات إلا أن صور المعاناة توحّدت في بيوتهن بسبب أزمات غزة وعدوان الاحتلال الذي شكّل في الوقت ذاته حافزَ تحدٍّ وإصرار على التفوق.

وحصدت دير البلح خمس مراتب من أوائل الوطن وقطاع غزة موزعين على الفرعين العلمي والأدبي من مدرستي سكينة بنت الحسين ورفيدة الثانوية.

سندس الكرد.. “الأولى علمي”
ويداعب الفرح بكل ألوانه زوايا منزل الطالبة سندس الكرد الحاصلة على معدل (99.6%) وترتيبها الأولى على قطاع غزة والثانية على الوطن.

سندس الكرد

تنسحب سندس من جملة مهنئين وصلوا للتوّ لتقول: “أهدي تفوقي لأهلي وصديقاتي ومدرستي. لقد كان عاما صعبا جداً، ابتعدت عن كل شيء وضاعفت ساعات دراستي”.

وتنوي سندس دراسة الطب البشري حتى تساهم في تخفيف معاناة المريض بقطاع غزة المحاصر، مشيرةً إلى أن المتفوق لا يعرف المستحيل، وبالإمكان دوماً تحقيق الحلم.

وتتابع: “أجواء مسيرة العودة تأثرت بها حين كنت أعرف عن شهداء ومصابين برصاص الاحتلال، لكن كنت أحدث نفسي لا بد من الاجتهاد”.

هلا قاسم: آخر العنقود

اختتمت أسرة المتفوقة هلا قاسم رحلة القلق على طلبة الثانوية العامة في البيت؛ فكونها آخر الأبناء وقد حصلت على ترتيب الثالث على الوطن بمعدل (99.3%) يصفها والداها بـ”ختامه مسك”.

هلا قاسم

تقول هلا: إن دعم والديها المعنوي شكل حافزاً كبيراً، لها وإن أزمة الكهرباء وأنباء إصابات واستشهاد المشاركين في مسيرة العودة أثّرت على مشاعرها، لكنها كان عامل تحدٍّ في الوقت ذاته.

وتضيف: “رسالة المتفوق رسالة تؤكد أنه لا يوجد مستحيل، وحتى الآن لم أقرر ماذا سأدرس، لكن نجاحي أهديه لوالديّ ومعلماتي”.

أما والد هلا، عبد الحيّ، وهو معلم عائد من العربية السعودية، وناشط رياضي، فكان شغله طوال السنة تأمين الإنارة ومصدر بديل للكهرباء، يقول: إن انتشار نبأ تميز ابنته في وسائل الإعلام مفخرة له.

وتترقرق الدموع من عيني والدة هلا التي عملت ناظرة مدرسة قبل سنوات في العربية السعودية، وهي تؤكد أن دورها كان الدعم المعنوي، وأن أكثر ما كان يحزنها وهي تحاول مساندة ابنتها وقوع ضحايا برصاص الاحتلال في مسيرة العودة.

يقين أبو مخدة.. إنجاز رغم الصعوبات

يصل الضيوف تباعاً لمنزل المواطن عبد الرؤوف أبو مخدة لتهنئته بتفوق ابنته يقين الحاصلة على ترتيب الأول على غزة في الفرع الأدبي والخامس على الوطن بمعدل (99%).

يقين أبو مخدة

تقول يقين: “نجاحي أهديه لأمي وأبي ومعلماتي، كان عاما صعبا لكني اجتزت العقبات وأهمها القلق من التفوق، وكذلك أزمة الكهرباء وضعف الإنارة، وكنت أدرس طوال النهار، وأتابع يومياً”.

وتصف يقين التفوق بأنه رسالة موجهة للاحتلال أن الفلسطيني من حقه الحياة، ولا يوجد أمامه مستحيل رغم عدوانه المتواصل على المشاركين السلميين في مسيرة العودة.

لبنى الفليت.. دموع الفرح

ولا يحبس المواطن عدنان الفليت دموع الفرح التي نزلت عدة مرات منذ إعلان نتيجة تفوق ابنته لبنى الحاصلة على (99%) في الفرع الأدبي.

لبنى الفليت

ويقول: “أنا سعيد جدا، وأتمنى أن يتذوق كل الناس فرحة التفوق والنجاح التي دخلت بيتي”.

وتوزع والدة وأشقاء لبنى الحلوى والشراب المحلّى على عدد من أفراد العائلة وصلوا على دفعات وعلى رأسهم مختار عائلة الفليت.

وتقول لبنى: “كانت أياما صعبة وأنا أترقب النتيجة، وعشت معاناة الكهرباء ومشقة رمضان. أنصح الطالبات بالمتابعة والاجتهاد حتى يتفوقن. أسرتي هي سبب تفوقي، وسأتوجه لدراسة اللغة الإنجليزية”.

أنسام النجار.. لغة وترجمة
ولا شيء ينتقص من فرحة الطالبة أنسام النجار سوى غياب والدها المسافر منذ أيام إلى جمهورية مصر العربية، والذي قاسمها لحظة الفرح عبر الهاتف.

أنسام النجار

وحصلت أنسام خالد النجار على الترتيب الخامس على غزة بمعدل (99%) في الفرع الأدبي، وشكّل الدعم المعنوي والمدرسي عماد تميزها.

“الصعوبات هي حصار وأزمات غزة ومتابعة أخبار مسيرة العودة التي يهتم كل إنسان بمتابعتها، لكن وقوف أمي وأبي وشقيقي وليد لجواري أدى إلى تميزي”، تقول أنسام.

وتنصح أنسام كل طالبة بالتخلص من التوتر والاجتهاد، مشددةً على أنها كانت تعتمد وقت النهار للدراسة، ولا تميل إلى السهر في الليل.

وتتابع: “أصعب مواقف عشتها أنني كنت أتوتر، وكنت أتوقع أن أكون من أوائل القطاع، والجو العام كان ضغطا نفسيا، والحمد لله تفوقت، وسأتوجه للغة الإنجليزية”.

وترى والدة أنسام التي تعمل معلمة أن تجربة الثانوية العامة تحتاج إلى تنظيم ودعم معنوي مستمر بشكل كبير حتى اليوم الأخير في الثانوية.

وتعدّ والدة أنسام التفوق والتعليم سلاحَ الفلسطيني الوحيد في مواجهة عدوان الاحتلال المتصاعد على قطاع غزة.