الثلاثاء 02/يوليو/2024

الجولاني: الطريق ليس مذللا أمام صفقة القرن

الجولاني: الطريق ليس مذللا أمام صفقة القرن

يرى المحلل السياسي عاطف الجولاني، أن الطريق ليس مذللاً أمام صفقة القرن، وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب باتت تدرك الآن حجم التحديات التي تعترض طريقها، مؤكدا أن تمسك الفلسطينيين برفض الصفقة سيجعل تمريرها ونجاحها أمراً بالغ الصعوبة، حتى لو تبنّتها بعض الأطراف العربية، فموافقة الفلسطينيين شرط أساس لنجاح أي حلّ سياسي.

ويحذر أنه في حال نجحت إدارة ترمب بفرض الصفقة على الجانب الفلسطيني والعربي، فإن التداعيات ستكون جدّ خطيرة على القضية الفلسطينية؛ “فالصفقة تشطب الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وتشرع الأبواب أمام “إسرائيل” لاختراق المنطقة العربية، بذريعة حل الصراع مع الجانب الفلسطيني”.

ويعتقد الجولاني بأن تداعيات نجاح الصفقة ستتجاوز الشعب الفلسطيني لتهدد الأمة، وخاصة الأردن، فهو مهدد بتداعياتها بصورة مباشرة.

وفيما يلي نص الحوار مع رئيس تحرير صحيفة السبيل الأردنية عاطف الجولاني، الذي تطرق فيه أيضا، لأبرز ملامح صفقة القرن، وتداعياتها وأخطارها وفرص نجاحها، وعن أبرز الدول المتأثرة بها. 

 

– ما هي أبرز ملامح صفقة القرن؟ 
لا بد من التأكيد ابتداءً على أن تفاصيل صفقة القرن لم تعلن بصورة رسمية حتى الآن، وما يجرى تداوله تسريبات من أطراف أطلعت عليها، وبمعزل عن تلك التفاصيل، فإن الملامح العامة التي برزت حتى اللحظة تظهر انحيازاً كبيراً من الإدارة الأمريكية للموقف “الإسرائيلي”، وتجاهلاً كاملاً لحقوق الشعب الفلسطيني.

فالصفقة تستبعد تماماً مدينة القدس من أجندة البحث، وتعدّها ملفاً محسوماً ومنتهياً منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالاعتراف بها عاصمة لـ”إسرائيل” وتوقيعه قراراً بنقل السفارة الأمريكية إليها، كما تتجاهل حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، وتسعى لتوطينهم في أماكن وجودهم، ولا توفّر أي فرصة لبناء دولة فلسطينية حقيقية. 

– وماذا عن تداعيات الصفقة وأخطارها المتوقعة على القضية الفلسطينية حال تنفيذها؟
الملامح المتوفرة حتى الآن تبرز أن إدارة ترمب ليست معنية بالحقوق الفلسطينية، وتركيزها ينصب على إرضاء اليمين “الإسرائيلي” بمواقفه المتشددة، حيث جاءت الصفقة متماهية إلى حد كبير مع مواقفه المتطرفة.

وفي حال نجحت إدارة ترمب بفرض الصفقة على الجانب الفلسطيني والعربي، فإن التداعيات ستكون جدّ خطيرة على القضية الفلسطينية، فالصفقة تشطب الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وتشرع الأبواب أمام “إسرائيل” لاختراق المنطقة العربية بذريعة حل الصراع مع الجانب الفلسطيني.

– وهل تقتصر تداعياتها السلبية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني؟ ماذا عن الأردن مثلاً؟
بالتأكيد تداعيات نجاح الصفقة تتجاوز الشعب الفلسطيني لتهدد الأمة، والأردن مهدد بتداعياتها بصورة مباشرة، والمؤشرات المتوفرّة أنه على المستويين الرسمي والشعبي يستحضر أخطارها على مستقبله وعلى مصالحه الوطنية العليا، وينظر إليها بخطورة شديدة، قد لا تتيح الظروف السياسية والاقتصادية للأردن اتخاذ موقف صريح في معارضة الصفقة، لكنه يدرك حجم انعكاساتها السلبية عليه وعلى القضية الفلسطينية.

– برأيك.. لماذا تركّز الصفقة على قطاع غزة، وتعدّه مركز الثقل للدولة الفلسطينية؟
تسعى إدارة ترمب لاستثمار حالة الانقسام الفلسطيني على المستويين السياسي والجغرافي، كما تحاول استغلال العامل الإنساني وصعوبة الأوضاع التي يتعرّض لها قطاع غزة بفعل التضييق والحصار الإسرائيلي الفلسطيني العربي، لتمرير الصفقة.

وهي ليست معنية بالأساس بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة؛ ما يعنيها إرضاء اليمين المسيحي المتصهين في الولايات المتحدة، والتساوق مع طروحات اليمين “الإسرائيلي” المتشدد.

– في ضوء ذلك.. هل يأتي الحديث “الإسرائيلي” والأمريكي مؤخراً عن ضرورة معالجة الوضع الإنساني لقطاع غزة، في هذا السياق؟
هذا غير مستبعد، لكن ما ينبغي التأكيد عليه أن الوضع الإنساني في قطاع غزة يعدّ جريمة أخلاقية بكل المقاييس، ويجب إنهاؤها بأسرع وقت، وما دامت السلطة الفلسطينية تؤكد رفضها لصفقة القرن، فإن المنطق يقول إن مواصلتها فرض العقوبات على قطاع غزة يتناقض مع هذا الرفض ويوفّر فرصة للجانب الأمريكي للعب على العامل الإنساني. 

الأمر المؤكد أن سكان قطاع غزة والقوى الفلسطينية الوطنية لن يقايضوا حقوقهم الوطنية الثابتة بأي أثمان اقتصادية ومعيشية، هم يرغبون بشدة بإنهاء الحصار والمعاناة الإنسانية، وهذا حقهم الطبيعي، لكن بمعزل عن قبول صيغة مشبوهة تشطب القضية الفلسطينية. 

– وماذا عن فكرة حل الدولتين، هل تتجاوزها صفقة القرن أم تأتي في سياقها؟
صفقة القرن تتجاوز صيغة حل الدولتين التي تبنتها المبادرة العربية للسلام عام 2002 وتحظى بقبول دولي واسع، مع معارضة شعبية لها في الساحتين الفلسطينية والعربية. 

وإدارة ترمب واضحة في تأكيد تجاوزها لمشروع حل الدولتين واعتباره شيئا من الماضي، وأن ما هو مطروح على أجندتها الآن صفقة القرن التي تعدّ الصيغة الأسوأ والأكثر انحيازا لتسوية الصراع سياسياً عبر العقود الماضية.

– ماذا عن فرص نجاح الإدارة الأمريكية في تمرير الصفقة في ضوء معارضة الأطراف الفلسطينية للصفقة، وكذلك معارضة الأردن الضمنية لها؟
الطريق ليس مذللاً أمام صفقة القرن، وإدارة ترمب باتت تدرك الآن حجم التحديات التي تعترض طريقها، ومن غير الواضح فيما إذا كانت ستتمسك بنفس الصيغة الأولية المثيرة للجدل التي اطّلعت عليها بعض الأطراف المعنية، أم أنها ستلجأ إلى إدخال تعديلات عليها تجعلها مقبولة للأطراف المعترضة عليها.

ما هو مؤكد أن تمسك الفلسطينيين برفضهم للصفقة سيجعل تمريرها ونجاحها أمراً بالغ الصعوبة، حتى لو تبنّتها بعض الأطراف العربية، فموافقة الفلسطينيين شرط أساس لنجاح أي حلّ سياسي.

– لكن هل تقع المسؤولية على الجانبين الفلسطيني والأردني فقط لمواجهة صفقة القرن، أم تتجاوزهما لتشمل أطرافاً أخرى؟
حين نتحدث عن القدس ومستقبل القضية الفلسطينية، فنحن نتحدث عن قضية العرب والمسلمين جميعا، المسؤولية الأولى بالتأكيد تقع على الفلسطينيين والأردن كأطراف ذات علاقة مباشرة بالصفقة وبتداعياتها، لكن مسؤولية حماية المقدسات والحفاظ عن حق الأمة في فلسطين هو مسؤولية جماعية تشمل كل الدول العربية والإسلامية شعوباً وحكومات.

وأؤكد هنا على أهمية الدور الشعبي في مواجهة الصفقة، فهو يؤثر بالتأكيد في خيارات الحكومات ويصلّب موقفها في مواجهة ضغوط الإدارة الأمريكية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات