عيد العائلات المشتتة.. معايدات افتراضية مفعمة بالآلام

لأول مرة منذ سبعة وخمسين عاما يلتقي السيد حسن زكارنة بشقيقه صلاح في عيد، بعد أن كان الهاتف النقال ووسائل التواصل الاجتماعي هما الوسيلة الوحيدة للقاء.

وبعد (57) عاما التقى حسن بشقيقه صلاح بعد أن قرر أن يسافر إلى تونس ويقضي أول عيد مع شقيقه وعائلته والفرحة تغمر قلبه مصطحبا معه زوجته ليكون أول لقاء منذ نحو ستة عقود.

ولا يعدّ هذا العيد عاديا للشقيقين زكارنة الذين ينحدران من بلدة قباطية جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية فيما لم تعد جبال البلدة وحواريها مكانا يمكن اللقاء فيه بعد إبعاد صلاح إبان بداية الثورة الفلسطينية.

ورصد أقارب زكارنة لمراسلنا أجواء من الفرح ولكنها تطرح تساؤلا متى تلتقي العائلات المشتتة على أرض الوطن.

وتشير حرارة لقاء الشقيقين إلى واقع أليم لا يغيب عن كثير من الأسر الفلسطينية التي يتقسم غالبيتها بين عدة دول ويأتي العيد بمرارة الحرمان من لم الشمل العائلي المعتاد في أوقات العيد.

لقاء العالم الافتراضي

وكان لزاما على عائلة محمد جرار في جنين في المقابل أن تجتمع في يوم العيد من خلال مجموعة على “الواتس أب” بين السعودية ودبي والأردن وجنين ليشكل العالم الافتراضي مكان اللقاء المتاح في العيد.

ويرى جرار وهو يستخدم “الواتس أب” في التواصل العائلي لمراسلنا أن العيد يفقد معناه في ظل عدم اجتماع العائلة، وهو أمر اعتادت عليه الأسرة الفلسطينية، وتتعامل معه على أنه أمر طبيعي في الوقت الذي لا يعدُّ فيه طبيعيا على الإطلاق.

وتسببت نكبتا عام 1948 و1967 بشتات غالبية العائلات في الوقت الذي تضم فيه الأردن القسم الأكبر من نازحي 67 ممن يرتبطون بصلات قرابة مباشرة مع أهالي الضفة الغربية، إذ تكاد غالبية القرى والمدن أن يكون عدد سكانها أحيانا متساويا بين عددهم في الضفة الغربية وعددهم في الأردن.

ولئن كان هذا حال عدد من الأسر المشتتة، فإن آخرين يكونون محظوظين بلقاء مفعم بمعاناة “الجسر” ، حيث اعتاد كثيرون على السفر إلى الأردن في ثاني أيام العيد من أجل معايدة وزيارة شقيقاتهم في ظل صلة المرحمة التي تعدُّ أهم معالم العيد.

“الجسر” لوصل المشتتين

ويعدّ أحمد أبو بكر لمراسلنا وهو يجهز حاجياته للسفر إلى الأردن في ثاني أيام العيد لمعايدة ابنته في الأردن أن الجسر قطعة من العذاب، فحاله خلال فترة العيد ليست كباقي العام، حيث الاكتظاظ الشديد والتزاحم، والاضطرار للمكوث لساعات بين الجسرين.

وأضاف: “معاناة الجسر كفيلة بأن تضيع أي بهجة للعيد، فلم يمر عيد على الجسر إلا وكان موسوما بالمعاناة لدرجة أن هذه سمة ملاصقة لعلاقة ” الجسر ” بالعيد”.

وازداد الأمر سوءا هذا العام حيث صادف عيد الفطر يوم الجمعة فيما كان ثاني أيام العيد يوم السبت، وهما يومان يكون فيها دوام الجسر من الجانب “الإسرائيلي” محدودا، فيوم الجمعة يفتح الجسر لساعتين فقط، فيما يوم السبت تقرر أن يكون هذا العام بدل ساعتين ليمتد من الثامنة صباحا وحتى الخامسة عصر لمناسبة عيد الفطر، ولكنها فترة قصيرة جدا على الكم المهول من المواطنين الراغبين بالسفر سواء للقاء الأهل أو للسياحة لمناسبة العيد.

وشهد المعبر اكتظاظا مهولا يومي السبت والأحد وازدحاما حيث عبره 5600 في ساعات السبت، وضعف العدد في يوم الأحد حسب بيانات شرطة المعابر.