الإثنين 01/يوليو/2024

غزة تتقن الميدان والسلمية وإسرائيل في حيرة!

غزة تتقن الميدان والسلمية وإسرائيل في حيرة!

هل كانت (إسرائيل) تعتقد أن سلمية مسيرة العودة وكسر الحصار ستجرّد فصائل المقاومة من احتمالات الرد على خروقات وغارات متواصلة حتى يصل الجيش لمرحلة (مقاومة مردوعة)؟ ما حدث بغزة تطور في الأداء والتوقيت.

وكانت سماء غزة أضاءت مع ساعات الفجر الأولى بإطلاق أكثر من 25 قذيفة هاون على مستوطنات “غلاف غزة”؛ رداً على تكرار عمليات القصف الإسرائيلي التي أدت لاستشهاد وإصابة فلسطينيين علاوة على عشرات الشهداء وآلاف جرحى مسيرة العودة.

وترجم فوزي برهوم، الناطق باسم حركة حماس، إطلاق مقاومين القذائف الصاروخية على المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، صباح اليوم بأنه رد طبيعي على جرائم الاحتلال.

وجاءت ردود الفعل والتصريحات الصهيونية أكبر من المعتاد؛ بدءًا من نتنياهو رئيس الوزراء ووزيره ليبرمان وقادة آخرين توعدوا برد أكثر قوة، وبعدها بساعات أطلقت الطائرات كمية غير معتادة من الصواريخ على مواقع المقاومة.

مخطط كبير

ورغم أن (إسرائيل) أكثر قوة عسكرية وسياسية إلا أن التكلفة الكبيرة التي قدمتها غزة في تضحية مسيرة العودة السلمية المستمرة وحصارها يحرج الاحتلال، ما يدفعه لمحاولة عسكرة الميدان وتجميل صورته بجرّ فصائل المقاومة لمربعٍ يتقنه.

الجديد في هذه الجولة حسب رؤية محمد مصلح، الباحث في الشئون الصهيونية بروز عنصر ميداني وسياسي خلال تكثيف الاحتلال القصف لمحاولة تمرير مشهد سياسي يخطط له الاحتلال وحلفاؤه.

ويضيف مصلح في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “ما يجرى ميدانيًّا جزء من مخطط سياسي إقليمي قادم، لذا يفعّلون مبدأ خنق غزة بعد أن تضررت صورة “إسرائيل” أمام تضحية مسيرة العودة وحصار غزة المتواصل وانتصار غزة الأخلاقي، والاحتلال يحاول جرّ غزة لعسكرة الميدان، وقد يلجؤون إن تطور الميدان لتدخل دولي أو إقليمي”.

وأثبتت المقاومة أنها هذه المرة لا تعمل وفق مبدأ عدم الانجرار حين بدلت صورة المشهد الميداني، وأوفت بوعود الرد على عدوان الاحتلال على قاعدة أن يد العدو ليست حرّة دومًا.

أما حاتم أبو زايدة، المختص في الشؤون الصهيونية، فيرى أن الرد بقصف القذائف هو الأول منذ انتهاء عدوان 2014 كمًّا ونوعًا بعد سلسلة استهدافات طالت سلمية مسيرة العودة ومواقع ونقاط مراقبة للمقاومة.
 
ويتابع لمراسلنا: “تهديد نتنياهو وليبرمان ترجم بغارات أكثر قوة وعنفًا، لكن ذلك لا يعني التدحرج لحرب؛ فإسرائيل غير معنية بحرب حتى الآن، والمقاومة أوصلت رسالتها بوضوح بقصف في نطاق جغرافي وبغزارة مؤكدةً أنها جاهزة للدفاع”.
مبادرة الردع

عنصر الردع المتضرر في جيش الاحتلال منذ حرب لبنان تموز 2006 وفي حروب غزة الثلاث 2008-2014 يحاول الجيش استعادته وترميم معنويات جنوده حين يمضي لإثبات أنه صاحب الرصاصة الأولى والأخيرة في كل جولة.

ويقول حاتم أبو زايدة: إن المقاومة لديها أيضًا جزء من معادلة الردع، وإنها ردت للحفاظ على ردعها، مستبعدًا في الوقت ذاته اختلاف الأهداف لكلا الطرفين (المقاومة والاحتلال) وعدم تطور الميدان.

ويرى اللواء يوسف شرقاوي، الخبير العسكري، أن المقاومة قدمت اليوم مبادرة وليس ردًّا، وأوفت بوعود بعد نفاد صبرها على عدوان الاحتلال بينما تحاول “إسرائيل” تغيير قواعد الاشتباك.

معادلة الرد على كل عدوان يحقق للمقاومة انتظام ردع، وقد تفوقت غزة -حسب تقدير الخبير شرقاوي- في ذلك على جبهة شمال فلسطين التي لا ترد مؤخرًا على عدوان (إسرائيل).

ويتابع شرقاوي لمراسلنا: “غزة الآن رغم حصارها وآلامها متقدمة في المقاومة الشعبية في مسيرة العودة، وتقدم مقاومة عسكرية ذكية، بينما تحاول “إسرائيل” إدارة المعركة بشروطها وتفشل”.
 
ومن المستبعد أن يتطور الميدان إلا إذا أقدمت “إسرائيل” على عمل دراماتيكي دخلت فيه مرحلة الاغتيالات والتصفية الجسدية بعد أن نجحت غزة في كشف صورة الاحتلال الحقيقية.

ويقرأ الخبير شرقاوي مشهد غزة بأنه يغرد خارج السرب الإقليمي، لكن ما ينقصها هو حياة سياسية منتظمة تدعم صمودها، بينما كل المخطط السياسي الكبير هدفه نزع سلاحها لتطويعها بالقوة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات