أزمة الكهرباء.. عندما تتقيد حركة ذوي الاحتياجات الخاصة بغزة مرتين

بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، فإن أزمة الكهرباء لا تربطهم باحتياجات الإنسان العادية المعطّلة في قطاع غزة، بل تبدد فرص التنقل والتفاعل الاجتماعي حين تحرمهم الحركة فوق الكرسي الكهربي.
 
وكانت أزمة الكهرباء قد تفاقمت في قطاع غزة منذ عدة شهور، حتى وصل عدد ساعات القطع إلى (20) ساعة مقابل (4) ساعات وصل، ما أضرّ بمناحي الحياة كافة.

ويشكو الأشخاص ذوو الإعاقة عدم تمكنهم من استخدام “الكراسي المتحركة”، بسبب الساعات الطويلة لانقطاع التيار الكهربائي، ما يحول دون شحن البطاريات الخاصة بها، الأمر الذي يحرمهم من ممارسة حياتهم وأنشطتهم اليومية بشكل طبيعي.

استخدام ثنائي

واحتل الكرسي الكهربي للأشخاص ذوي الإعاقة حيزاً كبيراً من اهتمام الآنسة دعاء قشلان، فقد عانت ولا تزال من مشاكل كبيرة في التنقل، لأن الطريق المؤدي لمنزلها ترابي، تسوء أحواله مع أمطار الشتاء.

وتعاني دعاء وشقيقتها عبير، وهما من قرية الزوايدة، من ضمور في العضلات، وهو مرض وراثي ظهر معها منذ الولادة، وقد بدأت استخدام الكرسي الكهربي المتحرك للمرة الأولى عام (2004).

وتضيف: “أول كرسي كهربي جاءني من متبرع، ثم بعده مؤسسة، لكنهما استهلكا بعد سنوات، وانقطعت عن استخدامهما، فالكرسي الكهربي هو أرجلي التي أتنقل بها”، كما تتذكر كيف كانت تتقاسم كرسيها مع شقيقتها خلال امتحان الثانوية العامة، إذ لم تتمكن “عبير” من اقتناء كرسي متحرك إلا في العام 2010.

ويتحكم التيار الكهربي في حركة وجدول “قشلان” اليومي، أين تذهب؟ وكيف تنسق مواعيدها؟، فهي ناشطة في مجال ذوي الإعاقة، تربطها علاقات بمؤسسات قانونية وأهلية، وتتابع: “حدث كثيراً أن أحدد مواعيد، وبسبب عدم شحن البطاريات أعجز عن حضورها.

حياة جديدة
وتغيرت حياة سهام عويضة (35 عاما)  للأفضل، بعد أن حصلت قبل عامين على كرسي كهربي متحرك، مودعةً سنوات طويلة من استخدام الكرسي اليدوي، الذي حرمها من التنقل لمسافات طويلة.

سهام عويضة
 
وتعاني “عويضة” منذ ولادتها من خلع في الحوض وتشوه في الأطراف السفلية، وتعمل منذ سنوات في مقصف جمعية المغازي للتأهيل المجتمعي، وتنتقل بين بيتها ومكان عملها كل يوم باستخدام الكرسي الكهربي الذي منحها فرصة للتواصل مع المجتمع، لكن أزمة الكهرباء تتدخل سلبا في حياتها اليومية.
 
واعتمدت عويضة على أشقائها في مساعدتها للتنقل حتى عام (2013)، إذ بدأت تتنقل وحدها، لكن الطرق لم تكن ملائمة للكرسي المتحرك وواجهت صعوبة في ركوب السيارات، حتى حصلت على كرسي كهربي عام (2016).

وتتابع: “أصبح كل اهتمامي كيف أضمن شحن بطاريات الكرسي الكهربي، إذ يحتاج 8 ساعات للشحن، وأترقب طوال الليل وصول الكهرباء لأضمن شحنه، ولكن عدم شحن البطاريات كاملة أوقف حركته كثيراً في منتصف اليوم”.

وكثيراً ما لجأت “سهام” إلى محطة الوقود على طريق “صلاح الدين”، لشحن بطاريات الكرسي الكهربي، حتى تتمكن من إكمال يومها والتنقل بين بيتها وعملها في المغازي.

هاجس مستمر
لم يولد الناشط في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة عبد الكريم القريناوي (27عاما) بمرض أقعده، وإنما تعرض لحادث قبل سنوات، حتى أصبح يستخدم كرسيا متحركا، ولاحقا كرسيا كهربيا.

عبد الكريم القريناوي

يقول “القريناوي” إنه عانى من مشكلة شحن بطاريات الكرسي الكهربي القديم، التي كانت بحاجة (4-6) ساعات، ولا يتحرك معها سوى (2) كم، ويضيف: “الكهرباء معظم الوقت مقطوعة، وأنا لا أستطيع الحركة، لذا كنت أيام الجامعة أتكلف سيارة تاكسي لتنقلني للامتحانات، والأنكى من ذلك، أن معظم سيارات الأجرة ترفض نقلنا، لأن السائق يرفض النزول ووضع الكرسي بالحقيبة”.

“القريناوي”، الذي اضطر لتبديل بطاريات الكرسي المتحرك (10) مرات ما بين (2007-2016)، متجشماً تكلفة تزيد في كل مرة على (1800) شيكل، يؤكد  أن البطارية عندما تكون بحالة جيدة يقطع الكرسي الكهربي أكثر من (10) كيلو متر، ويحتاج كل يومين لشحن يزيد عن (6) ساعات متواصلة.
 
وأكثر ما يتمناه هذا الشاب الطموح، مع وصول ساعات قطع الكهرباء إلى (20) ساعة في قطاع غزة، ضمان وصول التيار الكهربي بشكل يومي، حتى يتمكن من شحن البطاريات والتنقل فوق الكرسي الكهربي لقضاء مهماته اليومية كافة.